السكوت لم يعد ممكناً.. الدولة تتحول إلى أداة للجريمة المنظمة!

السكوت لم يعد ممكناً.. الدولة تتحول إلى أداة للجريمة المنظمة!

 بقلم متظاهر
بلا حياء، تستمر الدولة المتفسخة بكل أركانها، في استباحة دماء خيرة شبيبتنا، وتُمعن في جرائمها ضد شعبنا، بينما يظل العالم شاهداً ينتظر اكتمال أركان الجريمة.

كل يوم، منذ انطلاقة الحركة الاحتجاجية في الاول من أكتوبر، يتساقط العشرات من القتلى والجرحى والمصابين، بتواطؤ وتشاركٍ وتخطيطٍ وتنفيذٍ من أركان الحكومة، وقادة الميليشيات، الذين يقودون "لا دولتنا الكسيحة"، ليصبح الموت طقساً يومياً يشبع غرائزهم الجرائمية.
وما يشجعهم على الاستمرار في هذا النهج، باستباحة المنتفضين وإبادتهم، غياب الرادع للمجرمين من القادة الأمنيين وزمر الميليشيات السائبة التي تتحكم في تخطيط وتنفيذ عمليات القتل والاغتيال والخطف والتعذيب وحرق خيم المعتصمين، بينما الحكومة لم تعد تأبه، تماما كما كان نظام صدام حسين، للمواقف الدولية المتضامنة مع الاحتجاج، الغاضبة من القمع.
ولا يرى العراقيون في البيانات والتصريحات الخجولة التي تندد بما ترتكبه الحكومة من أشكال مختلفة للعنف المفرط وتشجيعها لقطعان الميلشيات، سوى تغطية على تلك الأفعال، والصمت إزاء ما صار مفضوحاً حول هوية القتلة، والإصرار على ادعاء القائد العام للقوات المسلحة بعدم مسؤوليته عن إصدار الأوامر باستخدام الذخيرة الحية أو بمعرفة الجهات التي تغتال وتختطف وتعتقل وتعذب في المعتقلات السرية الخاصة بالميليشيات الخارجة على القانون.
ويبدو ان مشاهد القتل اليومي والاستباحات غير المسبوقة على كل صعيد، لم تعد تثير الرأي العام العالمي، باعتبارها أدلةً ثبوتية على جريمة منظمة ضد الشعب العراقي، تستحق اتخاذ تدابير أممية لحمايته والذود عن حقوقه، خصوصاً بعد أن تجرأت السلطة وأجهزتها الأمنية على الاعتراف بتبريرات مختلفة للجرائم، ومنها ما وردَ ويَردُ على لسان الناطق الرسمي للقائد العام من افتراءات وتعريضٍ بالمتظاهرين والتغطية على الجرائم المرتكبة بحقهم.
وفي خطوة تفضح دوافع الحكومة وموقفها من الانتفاضة وحقيقة ما تخطط له، عُقد لقاءٌ يوم الاثنين 27 كانون الثاني الحالي في مقر الشرطة الاتحادية حمل شعار "دور الاعلام في ترسيخ مفهوم الدولة"، حضرته قيادات أمنية ومدراء عمليات عسكرية وشخصيات تمثل الإعلام التابع للحكومة ولفيف من إعلاميين وأساتذة جامعات وسواهم.
وكُرس اللقاء لتحديد الإعلام ضد الانتفاضة وكيفية اضعافها وإجهاضها، فيما لم يتحرج البعض من الدعوة لتصفيتها باستخدام كل وسائل العنف، بل وصفها بسيل من الشتائم واتهامها بالعمالة بطريقة تكشف النوايا الإجرامية وشريعة "اللا دولة" في تبرير كل إجراءات القتل والقمع والترهيب التي تُمارس كل يوم.
وهكذا تفضح الطبقة الحاكمة نفسها، ولم تعد تخجل من إعلان التوجه الحقيقي لأجهزتها القمعية على النقيض التام من مطالبة العراقيين بالتغيير والإصلاح والخلاص من القيادات المتفسخة والفاسدين من بطانتها ونظامها الطائفي المعزول، وتأمين متطلبات مرحلة انتقالية تفضي سلمياً إلى انتخابات مبكرة.
وفي مواجهة هذا السلوك الإجرامي، وعجز القضاء العراقي في ردع المتورطين فيه الساعين إليه ووضع حد لدفع البلاد الى متاهات مفتوحة على كل الاحتمالات، لابد من الضغط على الأسرة الدولية والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، للارتقاء بمواقفهم إلى مستوى ما تُرتكب من جرائم قد تتخذ طابعٍ جرائم إبادة.
وإذا لم ترضخ القيادات المتنفذة المعزولة لمطالب العراقيين بمختلف شرائحهم واتجاهاتهم، والتي باتت أكثر وضوحاً من أي وقت مضى، فإن في ذلك ما يدفع إلى تصعيد الحركة لوسائلها السلمية، المتمثلة في دعوة ساحة البطولة في الناصرية لمسيرة تشمل كل المدن المنتفضة للوصول مشياً إلى بغداد وتطويق المنطقة الخضراء، بدلالة رمزية لرفض المتنمرين المتوارين بمخاوفهم فيها.
وغير ذلك، لن يبقى من الوسائل السلمية الرادعة سوى العصيان المدني التي تزداد بوادر اللجوء إليه مع تصاعد عنف السلطة وتجاهلها تطلعات الشعب وهو يردد "نازل آخذ حقي"!.