الناصرية معقل تاريخي للاحتجاج في العراق..لماذا ذي قار أسخن محافظات التظاهرات؟

الناصرية معقل تاريخي للاحتجاج في العراق..لماذا ذي قار أسخن محافظات التظاهرات؟

محمد الباسم
تُشكّل الناصرية معقلاً تاريخياً للاحتجاج في العراق وقبل ذلك في بلاد ما بين النهرين، فالمدينة الفقيرة ذات البنى التحتية المتهالكة، كانت أكثر من أي منطقة عراقية، منبعاً للثورات. ففي عام 1928، أنشأ فيها الحزب الشيوعي العراقي أحد أول فروعه في البلاد، وظلّ يناوئ العائلة الحاكمة آنذاك، وقت كان العراق مملكة هاشمية، من قلب ذي قار،

فيما اشترك الكثير من أهالي المحافظة في حركات مناوئة لنظام صدام حسين، حتى سقوطه عام 2003. ولم تنتهِ سلسلة كفاح الناصرية من أجل الحفاظ على العراق، إذ التحق أبناؤها بدفعات كبيرة بقوات الأمن، وتطوعوا ضمن قوات "الحشد الشعبي"، لمنع تمدد تنظيم "داعش" إلى مناطق الفرات الأوسط والجنوب، بعد أن انهارت المنظومة الأمنية في عهد رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي عام 2014. وظلّت المدينة تُدافع عن عروبتها، عبر دفع عجلة استمرار الزخم الجماهيري الرافض للنفوذ الإيراني الذي تصاعد في عهد حكومة المستقيل عبد المهدي.
في السياق، قال الباحث، ناصر أحمد، وهو مُشارك في الاحتجاجات في الناصرية، إنّ "أهالي المدينة هم الأكثر عنفواناً في التعامل مع القضايا المصيرية، والأجدر بترحيل الفاسدين في الحكومة الحالية، ولولا العطاء والدماء التي سقطت في المدينة، لما كان عبد المهدي ليتنحى عن منصبه". وأوضح في حديث لـ"الاحتجاج"، أنّ "المتظاهرين في ساحات المدينة، ليسوا من الشباب فقط، إنما أيضاً من عوائل الشهداء الذين سقطوا بنيران المليشيات، وينتظرون التغيير الذي سعى إليه أبناؤهم. ومن هنا، يتبيّن أنّ الثورة في ذي قار باتت مطلباً جماهيرياً له ثمن عظيم".
وتابع أنّ "تاريخ الناصرية مثقل بالبطولات والثورات ضدّ الحكام الفاسدين، وتكاد لا توجد أي أسرة في ذي قار، لم تخسر واحداً من أفرادها في مواجهة الاحتلال الأميركي بعد عام 2003، ثم الحرب ضدّ داعش، وحالياً يسقط بمعدلٍ شبه يومي أحد الناشطين المطالبين بالتغيير وتدعيم الدولة المدنية وترحيل الأحزاب الدينية الموالية لإيران"، موضحاً أنّ "المتظاهرين وأصدقاء القتلى أقسموا في الساحات على عدم الانسحاب".
أمّا الناشط من قضاء الرفاعي في ذي قار، أكرم عبد الله الغزي، فقد لفت إلى أنّ "الثورة في مدن الناصرية والشطرة والرفاعي، لا تعني رفض الكتل السياسية والأحزاب التي تتحكم بالعراق منذ عام 2003 فقط، إنما هي ثورة وعي تقف في الجبهة المناوئة للحكم العشائري الذي يسيطر على المدينة، والكبت الاجتماعي والظواهر المتخلفة، والتديّن الزائف، ونبذ رجال الدين الطائفيين والمليشيات؛ أي أن وجود آلاف الشباب من المدينة في ساحة الاعتصام لا يعني أنّ مشكلتهم هي مع الحكومة فقط، إنما مع دوائر حاكمة أخرى، وأصنام نسعى إلى تحطيمها".
وأكد الغزي، أنّ "ذي قار دائماً في مقدمة المحافظات العراقية بأعداد القتلى وفي كل الأزمات، سواء أكانت حروباً أم احتجاجات، إذ لا يزال شباب المحافظة يسقطون بنيران عصابات طائفية تعمل لصالح الخارج، وتقتلنا بمعدل شبه يومي في سبيل إسكاتنا".أمّا الناشط من قضاء الرفاعي في ذي قار، أكرم عبد الله الغزي، فقد لفت إلى أنّ "الثورة في مدن الناصرية والشطرة والرفاعي، لا تعني رفض الكتل السياسية والأحزاب التي تتحكم بالعراق منذ عام 2003 فقط، إنما هي ثورة وعي تقف في الجبهة المناوئة للحكم العشائري الذي يسيطر على المدينة، والكبت الاجتماعي والظواهر المتخلفة، والتديّن الزائف، ونبذ رجال الدين الطائفيين والمليشيات؛ أي أن وجود آلاف الشباب من المدينة في ساحة الاعتصام لا يعني أنّ مشكلتهم هي مع الحكومة فقط، إنما مع دوائر حاكمة أخرى، وأصنام نسعى إلى تحطيمها".
وأشار إلى أنّ "الشباب في ذي قار بلغوا مرحلة اليأس من الحياة، وهذا يتضح من خلال نسب الانتحار المرتفعة، في صفوف الرجال والنساء، وهو ما يدفع إلى أن تكون تظاهراتهم عنيفة وأكثر سخونة مما يحدث في بغداد وبابل وغيرها من مناطق العراق".