الصحافيون في العراق يعيشون أسوأ أيامهم

الصحافيون في العراق يعيشون أسوأ أيامهم

 زيد سالم
يعيش الصحافيون في العراق أسوأ أيامهم، بسبب التهديدات التي تطاولهم من قبل جماعات مسلحة ومليشيات مناهضة للتظاهرات ومقربة في الوقت نفسه من الحكومة العراقية وأخرى من شخصيات سياسية حزبية وأمنية، في سبيل تقليل تغطية أحداث الاحتجاجات وما يتخللها من مشاهد دموية وقمع يتعرض له المنتفضون منذ أكثر من 110 أيام، في بغداد وثماني محافظات وسط وجنوبي البلاد.

وتعرّض صحافيون لعمليات اغتيال أودت بحياتهم، ومنهم المراسل الصحافي أحمد عبد الصمد في مدينة البصرة، على خلفية انتقاده دور إيران في العراق، والتلميح إلى أن الأطراف التي تواجه المحتجين بالرصاص الحي تتبع جهات خارجية ومرتبطة بطهران، وكذلك المصور صفاء غالي. وأخيراً قُتل المصور يوسف ستار برصاص قوات الأمن خلال الصدامات التي شهدتها ساحة الطيران والطريق المؤدية إلى جسر محمد القاسم.
وقال الصحافي العراقي، علي الحياني، إن "الجماعات المسلحة وبعض القوات الأمنية متحاملة على الصحافيين، لأنهم يفضحون تواطؤها مع السلطة والقرارات الحزبية والسياسية تجاه الحراك الشعبي الحالي"، مبيناً أن "الصحافيين العراقيين أسهموا في إيصال رسائل المتظاهرين إلى العالم، ورغم التضييق الذي مارسته السلطة وأجهزتها القمعية والمليشيات من إغلاق للقنوات الفضائية واعتداءات وقتل ومنع وصولهم إلى ساحات الاحتجاج، إلا أن كثيراً من الصحافيين تمسكوا بالكلمة الحرة ودعم الشعب والوقوف معه". ولفت الحياني إلى أن "الحكومة تلتزم الصمت إزاء قتل الصحافي، فهي غير قادرة على مواجهة المليشيات المتنفذة في محافظات جنوبي العراق، مع أن لديها كل الأدلة على إدانة المتورطين، لا سيما وأن شوارع العراق من أقصاه إلى أقصاه مزودة بكاميرات المراقبة، ولذلك بات دم الصحافي رخيصاً ولا توجد جهات تقتص من قاتليه". من جهته، بيَّن الإعلامي ومقدم البرامج العراقي، ليث ناطق، أن "الأجهزة الأمنية عاجزة عن حماية الصحافي، كما أنها عاجزة عن حماية كل العراقيين منذ عام 2003، وأنها فشلت في كل الاختبارات الأمنية"، مشيراً إلى أن "الصحافيين في العراق لا يرتدون الزي الخاص بهم، ولا يهتمون كثيراً لإجراءات السلامة، ولكن حتى لو اهتموا لها، فالمنظومة الأمنية والمسلحين لا يبالون بأي من هذه الاعتبارات".
وأضاف ناطق أن "السلطة الأمنية في العراق مملوكة لسياسيين وأحزاب، وكل جهاز أمني يديره حزب، وبالتالي فقد تحولت القوات المسلحة إلى أدوات لضرب المخالفين للحزب، حتى وإن كان هذا المخالف هو الشعب نفسه".
إلى ذلك، أكد عضو في مفوضية حقوق الإنسان، علي البياتي، أن "المسؤولين في وزارة الصحة والجهات الأمنية لا يزالون يتكتمون على أعداد الضحايا، سواءً من المتظاهرين أو الصحافيين الذين تعرّضوا للقتل وحوادث الاغتيال"، مبيناً أن "الصحافيين يمثلون رعباً حقيقياً للسلطة، خصوصاً أنهم في حالة تأهب قصوى منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لنقل كل الأحداث وتطورات الاحتجاجات".
وأفاد مسؤول وحدة رصد النقابة الوطنية للصحافيين في العراق، حيدر ميثم، بأن "النقابة وثّقت أكثر من 120 انتهاكاً فعلياً تعرّض لها الصحافيون والإعلاميون خلال تغطية التظاهرات، منذ انطلاقها في الأول من تشرين الأول 2019 لغاية نهاية كانون الأول 2019. أما في الأول من كانون الثاني 2020 فقد تعرّض أكثر من 8 صحافيين للاعتداء والتضييق، وبين هذه الانتهاكات حادثة اغتيال مراسل قناة (دجلة) الفضائية، أحمد عبد الصمد، والمصور صفاء غالي، في محافظة البصرة".
وتابع، أن "الانتهاكات تنوعت بين التهديد بالتصفية الجسدية، وإصابات مباشرة بإطلاقات نارية خلال تفريق المتظاهرين، وإصابات بالاختناق نتيجة إطلاق الغازات المسيلة للدموع، والضرب بالعصي والهراوات من قبل قوات مكافحة الشغب، وهناك جهات خارج إطار الدولة ترهب الصحافيين وتحاول منعهم من تغطية التظاهرات"