مقتل متظاهرين والآلاف يتحدون القوات الأمنية بساحات الاحتجاج

مقتل متظاهرين والآلاف يتحدون القوات الأمنية بساحات الاحتجاج

عبّرت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين هينيس بلاسخارت، السبت، عن استيائها من تصاعد العنف ضد المتظاهرين في بغداد ومناطق أخرى من البلاد. وقالت بلاسخارت، في تدوينة تابعتها (الاحتجاج) امس السبت، إن "عدم مساءلة المتورطين بقتل العراقيين وعدم التساهل مع من يُعبّر عن رأيه بشجاعة منذ 4 أشهر وحتى الآن، لا يحققان ما يصبو إليه العراقيون، في حين أن عدد القتلى والإصابات مستمر بالارتفاع".

وأضافت بلاسخارت أن "الخطوات المتخذة ستبقى حتى الآن جوفاء، مالم تكتمل، عبر خدمة الناس وحمايتهم، وليس الاضطهاد بعنف".
وكان آلاف المتظاهرين قد توافدو إلى ساحة التحرير في بغداد، للانضمام إلى المحتجين هناك، وسط تواصل الهجوم الشرس للقوات العراقية على ساحات الاحتجاج في العاصمة ومحافظات جنوبية، بهدف تفريغها من المتظاهرين، بينما قتل أربعة متظاهرين، وأصيب ثلاثة وثلاثون آخرون، بإطلاق القوات العراقية الرصاص الحي على محتجين في محافظة ذي قار.
ومساء امس السبت، وصلت أفواج من المتظاهرين إلى ساحة التحرير وسط بغداد، مرددين شعارات غاضبة ورافضة لهجوم القوات العراقية على ساحات التظاهر، مؤكدين أنهم لن يغادروا مناطق التظاهر مهما كلف الثمن.
وانتقل متظاهرون من ساحة التحرير باتجاه ساحتي الخلاني والوثبة، لاستعادة السيطرة عليها من جديد، وسط إطلاق كثيف لرصاص حي وغاز مسيل للدموع من قبل قوات مكافحة الشغب على المتظاهرين، الذين انتشرت أعداد منهم في الأزقة الضيقة، واستخدموا أسلوب الكر والفر مع القوات العراقية، التي يخشون من نيتها اقتحام ساحة التحرير خلال الساعات المقبلة.
وقام ناشطون بنصب خيم جديدة للاعتصام في محيط ساحة التحرير، بدلاً من الخيم التي أحرقتها قوات مكافحة الشغب، صباح السبت، بينما واصلت مكبرات الصوت دعوة العراقيين للالتحاق بساحات الاحتجاج.
ووجه المتظاهرون مناشدات إلى المرجع الديني علي السيستاني، ومنظمة الأمم المتحدة من أجل التدخل العاجل لإنقاذهم من قمع السلطات والأحزاب والجماعات المسلحة. وتجددت الاحتجاجات في محافظة البصرة، إلا أن قوات "الصدمة" منعت المتظاهرين من الوصول إلى ساحة الاعتصام من خلال استخدام الرصاص الحي، واعتقال عدد من الناشطين بالتظاهرات. وقال ناشطون باحتجاجات البصرة إنّ التظاهرات عادت مجددا، بشكل واسع، مؤكدين، أنّ اجتماعاً موسعاً لناشطين وشيوخ عشائر انعقد، مساء امس السبت، في منزل شيخ قبيلة بني مالك ضرغام المالكي، للخروج بموقف موحد من قمع التظاهرات، موضحين أنّ المالكي تعهد باستمرار وقوفه إلى جانب التظاهرات حتى إقالة محافظ البصرة أسعد العيداني، المسؤول الأول عن إعطاء أوامر قمع الاحتجاجات.
وفي مساء يوم امس السبت استعاد متظاهرون السيطرة على ساحة الاعتصام وسط مدينة البصرة، بعد ساعات من اقتحام قوات الأمن لها وإضرام النيران في الخيام، حسب مصدر أمني.
وقال الملازم أول في شرطة البصرة جمعة الشلغم: إن مئات المتظاهرين انطلقوا في مسيرة من مركز المدينة صوب ساحة الاعتصام، وهو ما دفع قوات الأمن إلى الانسحاب من الساحة خشية وقوع صدامات عنيفة.
وأضاف أن المتظاهرين تمركزوا مجدداً في الساحة، وبدأوا بنصب خيام جديدة مكان الخيم المحترقة، لمواصلة الاعتصام.
وفي ذي قار انضم الآلاف من أبناء العشائر للدفاع عن المعتصمين على جسر الفهد، بعد محاولة قوات أمنية كبيرة مهاجمتهم لفتح الجسر المغلق منذ عدة أيام. وقالت مصادر محلية، ، إنّ أربعة متظاهرين قتلوا وأصيب ثلاثة وثلاثون آخرون، بإطلاق الرصاص الحي على متظاهري ذي قار.
كما انضمت أعداد كبيرة من المحتجين إلى ساحة الحبوبي بمدينة الناصرية (مركز محافظة ذي قار) للوقوف بوجه حملة حكومة تصريف الأعمال برئاسة عادل عبد المهدي، وأحزاب السلطة والمليشيات لقمع التظاهرات. وفي النجف، توافد آلاف المتظاهرين إلى ساحة اعتصام الصدرين، معلنين وقوفهم بوجه حملة السلطات العراقية ضد ساحات الاحتجاج. واكتظت ساحة اعتصام الديوانية (مركز محافظة القادسية) بالمتظاهرين الذين أعلنوا عن تضامنهم مع ساحات الاحتجاج التي تتعرض للقمع في بغداد وذي قار والبصرة، كما وجهوا انتقادات لأنصار التيار الصدري الذين انسحبوا من ساحات الاحتجاج، قبل ساعات من اقتحامها، من خلال ترديد هتافات منها "اللي لم غراضه وانسحب، ما ينحسب على الشعب".
وامتلأت شوارع مدينة العمارة بالمتظاهرين الذين رفضوا المؤامرات التي تحاك ضد ساحات الاحتجاج، مؤكدين أنهم سيصعدون مظاهر التظاهر إذا استمر قمع السلطات. وكانت مصادر طبية قد اكدت أن 36 متظاهرا أصيبوا خلال يوم امس السبت، مؤكدة أن من بين المتظاهرين 4 حالتهم حرجة أصيبوا بالرصاص، الذي أطلقته قوات الأمن لإجبار المتظاهرين على عدم مقاومة عملية فض التظاهرات، وأحرقت قوات الأمن العراقية عشرات الخيام المنصوبة في تلك الساحات، في تكرار لسيناريو ساحتي البحرية وذات الصواري بالبصرة.
وأكدت مصادر سياسية عراقية رفيعة، أن قرار فض الاعتصامات بالساحات والميادين اتخذ من قبل حكومة تصريف الاعمال برئاسة عادل عبد المهدي، "بدعم من قبل قوى سياسية وجماعات مسلحة تنتمي الى احزاب سياسية".
ونشر ناشطون مشاهد قاسية لعمليات ضرب يتعرض لها ناشطون ومتظاهرون من قبل قوات الأمن العراقية امس في بغداد، خلال تقدمهم نحو ساحتي الخلاني والطيران واعتقالهم لعدد كبير من المتظاهرين. إلى ذلك، قال المتظاهر محسن جاسم لوكالة الأنباء الألمانية عبر الهاتف إن مصادمات اندلعت في ساحة الخلاني وسط بغداد بين متظاهرين والقوات الأمنية من جهاز مكافحة الشغب عند محاولة القوات الأمنية إعادة فتح ساحة الخلاني وإزالة الحواجز الإسمنتية حيث استخدمت الرصاص الحي والغازات المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين.
وذكر الشهود لوكالة الأنباء الألمانية أن أتباع التيار الصدري أصدروا ليلة الجمعة بيانا في ساحة الحبوبي أعلنوا فيه الانسحاب الكامل من ساحة الاعتصام والتظاهر، وأوضح الشهود أن "ساحة الحبوبي ما زالت مكتظة بالمتظاهرين الآخرين الذين يمثلون طوائف المجتمع الأخرى المطالبة بالإصلاح وتغيير العملية السياسية". وذكر الشهود أن المتظاهرين في ساحة التظاهر في محافظة البصرة عبروا عن أسفهم لانسحاب متظاهري التيار الصدري من الساحات. وأكدوا في بيان وزع في ساحة التظاهر: "لم نكن نتمنى انسحابهم في منتصف الطريق".
وجدد المتظاهرون في بيانهم "موقفنا ثابت وواضح منذ انطلاق الثورة برفضنا القاطع لأي تدخل من أي بلد كان في الشأن العراقي، وهذا ما نشترك فيه معكم بالإضافة إلى المشترك الأكبر وهو حب الوطن والتضحية في سبيله، ونؤكد على استمرارنا في حراكنا السلمي واعتصامنا المفتوح في ساحة اعتصام البصرة حتى تحقيق المطالب التي خرجنا من أجلها وفاءً لدماء الشهداء ومهما كلف الثمن، فقضيتنا قضية وطن ولا عودة من دون الوطن المسلوب".