الاحتجاجات تقترب من المئة يوم ومحاولات حكومية وسياسية لحرف الأنظار عنها؟

الاحتجاجات تقترب من المئة يوم ومحاولات حكومية وسياسية لحرف الأنظار عنها؟

 علي الرسولي
لم يكد العراق يخرج من أزمته الداخلية بين الشعب والسلطة الحاكمة المتمثلة بالاحتجاجات المتواصلة منذ مئة يوم للمطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية ودستورية، حتى وقع في فخ التوتر الإيراني الأميركي وبات ساحة صراع محتدمة بين هذين البلدين. ولم تستطع الحكومة العراقية النأي بنفسها عما يجري من صراع بين واشنطن وطهران،

كما أن مظاهرات أنصار الحشد الشعبي التي تطورت لاقتحام المنطقة الخضراء وسط بغداد والسفارة الأميركية، ثم استهداف واشنطن قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس قرب مطار بغداد، أوصلت العملية السياسية برمتها إلى حالة انسداد.
ولكن في خلفية المشهد، تتظاهر أغلب المدن العراقية، بينها العاصمة بغداد، منذ أكثر من ثلاثة شهور، ونجح الحراك الشعبي في كسر واقع طائفي ظل مهيمنا على الخطاب الإعلامي والسياسي، وأيضا كسر معه حدودا كثيرة رسمتها العملية السياسية في العراق منذ احتلاله عام 2003.
مئة يوم
لم يذهب متظاهرو العراق بعيدا في سرد تأثير الصراع المحتدم بين واشنطن وطهران على اعتصامهم الذي دخل يومه المئة، إلا أن الرأي الغالب بينهم "أن السلطة الممسكة بزمام الأمور في البلاد والمتمثلة بالبرلمان والحكومة المنبثقة عنه تعمل ضد مصالحه وتسعى لتدميره خدمة لمصالح غير وطنية".
الناشط في مظاهرات بغداد ماجد الشيخ، أكد، أن ما رافق جلسة البرلمان الأخيرة من أفعال لا يمت للمصلحة الوطنية بصلة، تحاول زج العراق في صراع دولي لا شأن له به، وبعث صورة سلبية عنه أنه دولة منحازة كليا لصالح محور ضد محور آخر.
وأشار الشيخ إلى أن هذا الإجراء أمر يرفضه المتظاهرون ويعدونه عدوانا على الوطن من قبل سلطة غاشمة كان الأولى بها أن تدافع عن مصالحه لا مصالح دول أخرى، وتنبذ الانتماءات الفرعية لصالح الانتماء للوطن.

"البرلمان لا يمثلني"
وعقب تصويت البرلمان العراقي في جلسة طارئة له على قرارات عدة اعتبرها المتظاهرون لا تتطابق مع المصلحة الوطنية، وأنها جاءت بضغوط إيرانية، أطلق ناشطون حملة على مواقع التواصل بعنوان "البرلمان لا يمثلني".
وتضمنت قرارات البرلمان في جلسته الأخيرة إنهاء التعاون والعمل مع التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، وإلزام الحكومة العراقية بالعمل على إنهاء الوجود الأميركي في البلاد.
وإزاء ذلك بدا العراقيون بين ساخر ومحذر، منتقدين تلك الجلسة المثيرة للجدل، التي عدّوها جلسة عُقدت تحت ضغوط إيرانية، واتخاذ البرلمان قرارات تغلّب مصلحة طهران على حساب مصلحة البلد وأمنه.
فرصة أخيرة
واستجابة للتحديات الجسيمة التي يمر بها العراق، دعا متظاهرو ساحة التحرير في بغداد إلى وقفة جادة ضد الذين يحاولون تدمير الوطن بزجه في مغامرات حمقاء، ترجعه لعصور ظلامية.
وطالبوا رئيس الجمهورية برهم صالح بالإسراع ومن دون أي تأخير باختيار رئيس وزراء مؤقت وفقا للشروط التي حددتها ساحة التحرير، مهمته تهيئة الأرضية المناسبة لإقامة انتخابات مبكرة نزيهة وبإشراف أممي بمدة لا تتجاوز ستة أشهر.
وحول هذه الفرصة، قال المتظاهر محمد الكاتب إن "أي تسويف أو تأجيل في تلبية هذه المطالب سيجعل ثوار ساحات الاعتصام على موعد لإعادة ثورة أكتوبر من جديد وبصورة أشد وأكبر وفي كل أرجاء البلاد".
وأضاف الكاتب أن الخطر المحدق بالوطن عظيم ومدمر، برعاية يد عابثة تريد أن تلقيه بالهاوية، لافتا إلى أن الصراع الإيراني الأميركي في المنطقة والعراق على وجه الخصوص حرف الأنظار نسبيا عن المظاهرات بعد أن كانت الشغل الشاغل لأبناء الشعب.

ضحية صراع
ما حصل للعراقيين ما هو إلا نتيجة صراع لأجل النفوذ الأميركي والبقاء الإيراني، وفقا للناشط علي الذبحاوي الذي بين أنه لولا هذان الطرفان لما خرجت المظاهرات الشعبية من الأساس.
وأضاف الذبحاوي "عندما كتب الدستور العراقي بأحرف من ذهب لم يكن الشعب يريد أن يكون قرار العراق الداخلي أو الخارجي منصاعا لواشنطن أو طهران"، لافتا إلى أن الأحزاب السياسية وحتى المعارضة لا تتشكل إلا وهي تحمل ولاءً لأحد هذين البلدين.
أما الهدف من نقل الصراع الأميركي والإيراني إلى العراق، بحسب الكاتب والصحفي ياسر السالم، فهو اغتيال المظاهرات الشعبية التي خرجت للمطالبة بالإصلاحات السياسية والخدمية والاقتصادية.
السالم أوضح أن هذا الصراع يخدم إلى حد بعيد قوى سياسية تسعى للحفاظ على وجودها ومكاسبها بعد أن بات الحراك الشعبي يهدد وجودها.