حكاية متظاهر..سلوان عدنان، حكاية متظاهر يطعم ثائري تشرين يومياً من عرق جبينه!

حكاية متظاهر..سلوان عدنان، حكاية متظاهر يطعم ثائري تشرين يومياً من عرق جبينه!

 ماس القيسي
سلوان عدنان، متظاهر عراقي من مدينة الناصرية، ولد في بغداد عام 1992، عاش فيها حتى هاجر والده الى خارج العراق عام 1996، فانتقل ليقيم في مدينته حتى عاد مرة اخرى الى بغداد بعد احتلالها 2003، درس قسم الصحافة في كلية الاعلام، وقد عمل في مجاله كصحفي في صحيفتي الحقيقة والدستور في بغداد، كما اُتيحت له فرصة العمل في شبكة الاعلام العراقي دون السماح له بالمباشرة فيها، ويخبرنا عن ذلك بقوله:

"لقد وقع مدير شبكة الاعلام على عقد عملي لديهم، ولكن علمت بعدها بانه رفض من قبل قسم المالية الخاص بالشبكة".
يهوى سلوان الادب وخاصة فن الشعر الشعبي الذي يمارسه ويعد اكبر اهتماماته، ولديه العديد من الكتابات والمقاطع الشعرية التي يلقيها في عدة مناسبات ومحافل ثقافية، من نصوصه الشعرية التي نعى بها صديقه ثائر الطيب، الذي ارتقى شهيدا قبل ايام اثر في حادث اغتيال اليم: "شفت بولايتك دمعة وحزن يشرب ظلام الليل، وناس بكل متر بيها حزن منك، آخ شكد دمع منهم حضن كبرك، وآخ چم نهد صب وشهك عطرك، شفت باسمك نشيد وكاع وعيون وحچي، اعل كد كلشي انوخذ منك، شفت طولك حزن مصلوب، يم ذيچ الحچت عشكك".
عاصر سلوان نكبة حزينة تعد مصدر الهام وابداع في مسيرة حياته، وحين سألته عنها اخبرني بنظرة تلتمس الصمت قائلا: "وفاة اخي"، كذلك استشهاد رفاقه الواحد تلو الآخر، منهم صاحب الابتسامة العراقية المشرقة (عمر السعدون) الذي قال فيه: "بيبان ع المكبرة ومفتاحهن طولك، وعيونك بلا دمع بس ذبلت اعلموك، نحرك غصن بي ورد، من طاح منه النده، فز الضوة بلونك، يزغير عالمكبرة، شبساع من خضرت، حصدو كبل يومك، هزيتني بلا وعي، واتسابك وي الهوه، حتى اعرف شلونك، مخنوك من الدمع، واركض واجيس الجرح، اشتمه بهدومك، عموري يل من وكت ميت كبل يومك".
شارك سلوان في تظاهرات ثورة تشرين منذ اندلاعها، بتاريخ 1/ 10 وبهذا الصدد يقول: "كنت مع رفاقي في ساحة التحرير منذ اول يوم، حين اصبنا بطلق حي توجهنا الى ساحة الطيران ثم الشارع المجاور لوزارة التعليم العالي، وصولا الى ساحة الاندلس، بعدها انتقلنا لمدينة الصدر وساحة الحمزة حتى وصلنا اخيرا لمول المنصور والزعفرانية"، منوها الى ان تنقلاتهم بين عدة مناطق كانت بسبب مواجهتهم بالرصاص الحي المباشر والعشوائي، ومحاصرتهم من قبل القوات الامنية بوضع الحواجز الكونكريتية التي تقطع شارع السعدون وساحة الطيران عن ساحة التحرير.
اعتصم سلوان في ساحة التحرير منذ يوم 24 /10 برفقة والده ورفاقه في احد الخيم وقال بهذا الشأن معقبا: "في ذلك اليوم كان هناك حضور حافل للعوائل البغدادية في الساحة"، وقد رافقه في تظاهره عدة رفاق منهم، الشهيد صفاء السراي، ويعقب قائلا: "لم افارق صفاء منذ ان بدأنا بالتظاهر حتى يوم استشهاده، وكنت احد المشاركين في نصب الخيمة التي تحمل اسمه". العمل الاساسي والدعم اللوجستي الذي اخذ سلوان على عاتقه مسؤولية تقديمه، هو تلبية حاجة المتظاهرين من الطعام على مدار ايام الانتفاضة، ويضيف عن ذلك قائلا: "منذ اول يوم شاركت فيه وحتى يومنا هذا، وانا اقوم بطهي الطعام في قدر كبير لأقوم بتوزيعه لاحقا على المرابطين والمعتصمين عند جسري الجمهورية والسنك وساحة الخلاني والمطعم التركي، ما يقارب اكثر من الف وجبة غداء نقدمها يوميا".
ساهم سلوان في حملات نشر التوعية بهدف الحفاظ على سلمية الثورة اذ يستأنف حديثه، قائلا: "انا والشباب الثائر والمعتصم في خيمتنا، التي بنيت باسم صفاء واصبح عمر رمزا لها، ننتمي لكل الطبقات الاجتماعية المختلفة من ادباء وشعراء ومهنيين، اجتمعنا على حب الوطن والتضحية في سبيله، ساهمنا بشكل كبير في بث روح الوعي لدى المتظاهرين فقد جنبنا الكثيرين من الاندفاع والتهور، بالتوجه مثلا الى منطقة الخضراء وغيرها من الامور مما يصب في مصلحة سلمية تظاهرنا".
عبّر سلوان عن امتنانه وفخره بالثمار التي جنتها ثورة تشرين، بقوله: "نحن اليوم قد عبرنا مرحلة القوة، فقد كان البلد مبنيا على قوتين الحوزة والدولة، اصبحت ثورتنا اشبه بجبهة تفوق قوتهما، لها صوت مسموع، وكل ما حصل من تغييرات كان بسبب حراكنا"، مؤكدا على ان الضغط الذي تتعرض اليه السلطة الحاكمة من قبل منظمات المجتمع الدولي، كان نتيجة لصمودهم. وعن تنظيم التظاهرات يقول سلوان: "التنظيم في ثورتنا نسبي فنحن هنا نشكل ما يقارب 300 خيمة في التحرير، قد اصدرنا قبل فترة بيان رقم صفر الذي كان نتاج جلسة اجتمع فيها ممثلون عن 230 خيمة، من خلال التصويت المباشر، ما يرسخ ديمقراطيتنا واحترامنا لبعضنا البعض"، مشيرا الى ان التنظيم عامل مهم جدا في تجنب اي نوع من الاخفاقات التي قد تكون حصلت سابقا.