حكاية شهيد..بهاء الكعبي، لاعب كرة قدم سدّد هدفه الأخير  في مرمى ثورة تشرين

حكاية شهيد..بهاء الكعبي، لاعب كرة قدم سدّد هدفه الأخير في مرمى ثورة تشرين

 ماس القيسي
التضحية صفة أشبه ما تكون بالعطاء في اسمى درجاته فهي لا تعرف المستحيل ولا تهاب المجهول، لا تنتظر من أحدٍ أن يقدِم عليها بعد رحلة تفكير، بل تخطفه على حين غرّة وهو في أوج عظمة سموه متجرداً من أنانية الذات ونرجسية الأنا، لترتقي بنفس تواقة متعطشة، لتلاقي خالقها ، مَن أرسى فيها تلك الرسالة الحرة لتحيا من جديد.

بهاء فالح درب الكعبي، من مواطني محافظة الديوانية، ولد عام 1998، أي يبلغ من العمر 21 عاماً، طالب مرحلة ثانية في المعهد الطبي، من اهتماماته، هواية لعب كرة القدم حيث كان قائد فريق في مباريات المنتخبات المدرسية و ممثل الفئات العمرية وأندية الدرجة الأولى في القادسية، من صفاته " غيور يحب العراق ومساعدة الآخرين، ومن الملتزمين بممارسة طقوسهم الدينية الإسلامية، بارٌ لوالديه ومحبٌ لجميع الأصدقاء والمعارف، ويبادر دوماً في تلبية الواجبات الاجتماعية في مناسبات الحزن والفرح، صاحب روح مرحة مبتسمة دوماً محببة من قبل كل مَن يعاشره"، ومن أمنياته التي رحل قبل أن يحققها، هو إكمال مسيرة حياته والارتباط بالفتاة التي أحب، بعد انتهاء مراسم الزيارة الاربعينية.
"لا اخشى الموت"، أحد الشعارات التي كان يردّدها بهاء دوماً، ما يدل على شجاعة وبسالة في شخصية بطل كرة القدم، روح مغامرة اقتبسها من مناوراته واندفاعه في تسديد الأهداف الكروية الرياضية حتى تبلورت ليسدد آخر أهدافه المباشرة الحرة في مرمى الوطن، تلك الروح المتوّجة بالحماس ليست جديدة عهد لديه، فله صولات وجولات سابقة تسجل له في تاريخ نضاله المشرف، فقد قاتل الى جانب أخيه الأكبر سناً عدي، في ساحة الحرب ضد قوات داعش الإرهابية رغم صغر سنه آنذاك.
شارك بهاء منذ بداية الحراك الشعبي في ثورة تشرين العراقية مطلع اكتوبر، للتضامن والوقوف جنباً الى الى جنب مع إخوته الفقراء، ممن يطالبون بحقوقهم المشروعة على الرغم من اكتفائه الذاتي، "لكن غيرته على وطنه ونخوته تجاه ابناء جلدته هي من دفعته ليكون أحد المرابطين في ساحات التظاهر"، ليسجل موقفاً نبيلاً باستشهاده في" يوم الجمعة المصادف 4 تشرين الأول 2019، عند باب مبنى مجلس المحافظة إثر رصاصة غادرة اطلقت عليه من قبل القوات الأمنية" كما يقول شهود عيان من الثوار.
"لقد كان لنا عز وفخر، كان للطبقة الرياضية رمز عزة وطن"، كما تصفه الصفحة الرسمية لرديف نادي الديوانية على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك). كم أنك بهي يا بهاء، أن تترك عالمك المليء بالحماس والنشاط لتطارد رغبتك الجليّة في ممارسة روحك الرياضية على أتم وجه، فتدع كرتك جانباً في سبيل احتضان وطنك، مسدداً أنبل وأطهر هدف إنساني عرفه تاريخ الكرة البشرية!.