في كانون الاول 1534 السلطان سليمان القانوني في العراق

في كانون الاول 1534 السلطان سليمان القانوني في العراق

اعداد: ذاكرة عراقية
تردت الأوضاع العامة في العراق منذ سقوطه بيد المغول عام 1258 م ، وتعاقب على حكمه عدد من الدول التي مازت أيامها بالتخلف والتقهقر ، وعندما دخل العراق تحت السيطرة الصفوية تفاقم الأمر كثيرا ، واشتد صراع الصفويين مع الدولة العثمانية التي كانت تعيش ازهى عهودها وقد تولى الحكم فيها السلطان سليمان القانوني . بينما كانت الدولة الصفوية تحت حكم الشاه طهماسب الذي ترك له أبوه إسماعيل الصفوي مملكة شاسعة وإدارة متخلفة يتحكم بها رجال الدين .

وفي عام 1534 قاد السلطان جيشا كبيرا لاحتلال بلاد إيران وإسقاط الدولة الصفوية ،غير ان الأحوال الجوية عطلته عن إتمام مهمته ، فقرر التوجه إلى الموصل عن طريق شهرزور لقضاء فترة الشتاء والعودة بعدها لمواجهة الشاه طهماسب . وصل السلطان سليمان القانوني تبريز ولكن لم يجد الصدر الأعظم إبراهيم باشا لأن الأخير عندما سمع خبر قدوم السلطان سليمان القانوني أراد استباقه والحصول على شرف فتح بغداد بنفسه، عند وصول إبراهيم باشا إلى بغداد استُقبِل بحفاوة من قبل القائد عزت باشا ووصل السلطان العثماني سليمان القانوني بغداد بتاريخ 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 1534، وعقب وصوله فورًا أعلن بغداد ولاية عثمانية وعين لها والي عثماني وتبعه بجنود عثمانيين لحمايتها من أي تدخل صفوي.
وكان قد أختلف ذو الفقار خان حاكم مدينة بغداد الصفوي مع الصفويين وأرسل مفاتيح المدينة إلى استانبول عام ١٥٢٩ م وأعلن بذلك تبعيته للدولة العثمانية، وبعد ذلك تحرك الشاه طهماسب نحو بغداد على الفور وقتل (ذو الفقار خان) ؛ ولهذا اضطربت العلاقات العثمانية ـ الصفوية ، وزاد التوتر أكثر وأكثر عندما لجأ شرف خان أمير أمراء بتليس إلى إيران ، ولجأ أولاما خان حاكم أذربيجان إلى العثمانيين ، لذا قام السلطان سليمان القانوني بحملة على العراقين دامت أكثر من سنة ، وتمكن الوزير الأعظم إبراهيم باشا من دخول المدينة دون أية مقاومة في ٢٩ نوفمبر عام ١٥٣٤ م ، وأعدّ المدينة لاستقبال السلطان المقيم في معسكره خارج المدينة .
وفي ١ ديسمبر عام ١٥٣٤ م دخل السلطان سليمان القانوني مدينة بغداد مركز الخلافة العباسية باحتفال كبير ، وأقام القانوني في بغداد أربعة أشهر ، وأول ما عمله السلطان بعد فتح بغداد هو زيارة قبر الإمام أبي حنيفة مؤسس المذهب الحنفي ، وأمر بإعادة بناء القبر الذي خربه الصفويون وبناء جامع كبير بجواره ، ثم زار بعد ذلك قبري الإمام موسى الكاظم وعبد القادر الجيلاني وأمر بترميمهما وعمل قباب لهما ، وفي نفس العام ذهب السلطان القانوني إلى النجف وكربلاء وزار مقامات أهل البيت ، وأمر بترميمهما، كما أمر بترميم قناة الحسينية الموجودة فيها ، وحوّل الساحات التي سترت بالرمال إلى حدائق خضراء وبذلك كتسب السلطان القانوني حبّ السنّة والشيعة معا ، وكانت تلك السياسة التي انتهجها السلطان القانوني بمثابة البنية التحتية لسياسة السلاطين العثمانيين تجاه إيران والشيعة فيما بعد.
قسمت العراق إلى أربع ولايات منذ عهد السلطان القانوني هي بغداد والبصرة والموصل وشهرزور ، كانت الثلاث الأولى منها بمثابة المراكز ، وكان ولاة بغداد يعينون من استانبول ، أما ولاة الولايات الثلاث الأخر فكانوا يعينون من قبل استانبول باقتراح والي بغداد ، وبالرغم من أن أمراء الألوية الذين يعينون على السناجق المختلفة في الولايات العثمانية كانوا يختارون من قبل استانبول ، إلا أن الولايات البعيدة والهامة مثل مصر وبغداد كان يعين ولاتها أمراء ألوية السناجق.
عندما علمت الحامية الإيرانية ببغداد بحركة السلطان اضطربت وانقسم الرأي فيها، إلا ان حاكم بغداد محمد خان آثر الهروب مع حاميته في الوقت نفسه الذي ذهب فيه قسم من اتباعه والأهالي إلى القانوني لتسليمه مفاتيح بغداد . كان السلطان في طريقه إلى الموصل فغير وجهته واتجه إلى بغداد عن طريق قصر شيرين وخانقين ، وفي 30 كانون الأول وصل إلى مشارف الأعظمية . وفي مثل هذا اليوم من عام 1534 دخل بغداد من بابها الشمالي ( المعظم) إيذانا بدخولها العهد العثماني الذي استمر نحو أربعة قرون وانتهى بدخول البريطانيين عام 1917 .
دخل القانوني بغداد بدون قتال ولم يسمح لجيشه بدخولها لخشيته من عدم كبح جماحهم . وخلال مكوثه قام ببعض الأعمال الإصلاحية كتجديد عمارة المراقد المقدسة في بغداد ، وزار العتبات المقدسة في كربلاء والنجف وأوقف عليها أوقافا كبيرة ، وتعميقه نهر الحسينية الذي يروي مدينة كربلاء ، وغيرها من الآثار الباقية إلى يومنا .
انطلق الجيش العثماني بقيادة الصدر الأعظم إبراهيم باشا في شهر آذار/ مارس عام 1534 نحو بغداد وفي طريقه قام بفتح قلاع فان وأرجيش وبيتليس وعادل جواز والأخلاط وتبريز، بعد تأخر إبراهيم باشا في الوصول إلى بغداد قرر السلطان سليمان القانوني بالذهاب بنفسه إلى فتح بغداد وضمها إلى الدولة العثمانية بشكل رسمي، انطلق السلطان سليمان من إسطنبول متجهًا نجو تبريز حيث جيشه ووصل بتاريخ 28 أيلول/ سبتمبر 1534.
وصل السلطان سليمان القانوني تبريز ولكن لم يجد الصدر الأعظم إبراهيم باشا لأن الأخير عندما سمع خبر قدوم السلطان سليمان القانوني أراد استباقه والحصول على شرف فتح بغداد بنفسه، عند وصول إبراهيم باشا إلى بغداد استُقبِل بحفاوة من قبل القائد عزت باشا ووصل السلطان العثماني سليمان القانوني بغداد بتاريخ 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 1534، وعقب وصوله فورًا أعلن بغداد ولاية عثمانية وعين لها والي عثماني وتبعه بجنود عثمانيين لحمايتها من أي تدخل صفوي.