عاطف الطيب.. مخرج  الفقراء  الذي مات لرفضه العلاج على نفقة الدولة

عاطف الطيب.. مخرج الفقراء الذي مات لرفضه العلاج على نفقة الدولة

محمد علوش
عاطف الطيب الذي أعاد قراءة الشخصية المصرية من خلال أفلامه ضمن موجة من السينما ظهرت مضادة لسينما استهلاكية صاحبت عصر الانفتاح. اصطدم الطيب بالمستقبل عندما اكتشف الواقع الذي يتقاطع مع هموم المواطن المصري، فقدم 21 فيلمًا في 15 عامًا، دخل 3 منها ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية.

ولد عاطف الطيب في 26 كانون الأول عام 1947، وحصل على دبلوم المعهد العالي للسينما - قسم الإخراج عام 1970، بدأ حياته الفنية مخرجًا للأفلام التسجيلية في عام 1972، ثم عمل مساعدًا للمخرج شادي عبدالسلام في فيلم "جيوش الشمس" ومع المخرج محمد بسيوني في فيلم "ابتسامة واحدة لا تكفي".
بدايته العملية لم تكن بعد تخرجه، وإنما عمل أثناء الدراسة مساعدًا للإخراج في فيلمي "ثلاث وجوه للحب" و"دعوة للحياة"، كما عمل مساعدًا للمونتاج مع كمال أبو العلا.
التحق، بعد تخرجه بالخدمة العسكرية في الفترة من1971 إلى 1975 وخلال هذه الفترة أخرج فيلمًا قصيرًا هو "جريدة الصباح" (1972)، وعمل فيلمًا قصيرًا من إنتاج المركز التجريبى هو "المقايضة" (1978).
ثم عمل مساعدًا للمخرج يوسف شاهين في فيلم "إسكندرية ليه" كما عمل في عدد من الأفلام الأجنبية، حيث عمل مساعدًا في أفلام "الجاسوس الذى أحبنى" للمخرج لويس جيلبرت، "جريمة على النيل" للمخرج جون جيلرمن، "الصحوة" لمايكل بنويل، "توت عنخ آمون" للمخرج فيليب ليلوك، و"أبو الهول" للمخرج فرانكلين شافنر.

مخرج الغلابة والمهمشين
ارتبط اسمه ارتباطًا مباشرًا ووثيقًا بقضايا المواطن المصري البسيط وبحقوقه التي كفلتها الحياة له، ولذلك فقد كانت ولا تزال أغلب أعماله مثيرة للجدل النقدي وغير النقدي لما تتطرق إليه من قضايا تتعلق بالحريات العامة والخاصة علي السواء وقضايا الحرب ضد الاستعمار بجميع أشكاله، وأيضًا القضايا التي تخص العلاقة بين المواطن والسلطة ممثلة في أي من أجهزتها ومؤسساتها وهو ما يمكن أن نلاحظه في الكثير من أفلامه مثل "التخشيبة" و"الزمار" عام 1984 والذي لم يعرض على الجمهور بل تم عرضه في عروض خاصة رغم اشتراكه في مهرجان موسكو عام 1985 ومهرجاني برلين والقاهرة، وغيرها من الأفلام التي تناولت واقع المواطن الذي يعاني من قهر الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، حتى لقبه البعض بمخرج "الغلابة والمهمشين".

قصة حبه
تعرف عاطف الطيب على زوجته وحبيبته الوحيدة في معهد جوته الذي كانت تعمل به، حيث طلب مها تذاكر لمهرجان الفيلم الألماني، وبعدها جمعه بها أول لقاء عاطفي في 28 سبتمبر 1982، وتزوجا بعد انتهائه من تصوير فيلم "الحب فوق هضبة الهرم".

المرض والوفاة
عانى عاطف الطيب في صغره من حمى روماتيزمية لم يتم علاجها بشكل جيد بسبب سوء الأوضاع الصحية في المراغة مسقط رأسه، هذه الأزمة سببت له في الكبر أزمة في القلب، ثم أصيب بمرض السكر، إضافة إلى تحامله على نفسه في التصوير.
رفض الطيب السفر إلى ألمانيا للعلاج على نفقة الدولة، مشددًا على أن "الغلابة" الذين دافع عنهم في أفلامه أولى منه، وأقنعه أحد الأطباء أن العملية من الممكن إجراؤها في مصر، وهي العملية التي استمرت لساعات بسبب خطأ طبي رفض الاعتراف به الطبيب المعالج لتكون هي النهاية ويتوفى في مثل هذا اليوم 23 يونيو من عام 1995 تاركًا خلفه آخر أفلامه "جبر الخواطر" الذي لم يتمكن من إنجازه.