كرستيان ساينس مونيتر : متظاهرون للحكومة : اصغوا لنا ، لاتصغون لقوى خارجية

كرستيان ساينس مونيتر : متظاهرون للحكومة : اصغوا لنا ، لاتصغون لقوى خارجية

 ترجمة: حامد احمد
رسول عادل ، جرح ثلاث مرات عند الخطوط الأمامية للتظاهرات ضد الحكومة التي تتخللها أحداث عنف متزايدة . ولكن هذا لم يزده سوى اصراراً ليرى في النهاية النخبة السياسية للبلاد وهي تجتث بأكملها .
قذائف غاز مسيلة للدموع مصممة لاستخدامات عسكرية تهشمت مرتين في ساقه مسببة بكسر في قصبة ساقه الأمامية ، في حين انفلقت عبوة صوتية أخرى على ظهره .

ولكن على غرار مئات آلاف من زملائه الآخرين من المحتجين العراقيين ، من الذين حرموا من حقوق أساسية بسبب نظام طائفي فاسد فشل في توظيف ثروة هائلة ليجعل البلاد تعيش برفاه وتوفير فرص عمل ، فإن عادل يعرف ما يريد حتى لو لم تعنه ساقه لاكمال الخطوة الثانية للذهاب الى هناك .
يقول هو وعراقيون آخرون بأن استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي في 29 تشرين الثاني ، ما هي إلا خطوة أولى نحو تلبية مطاليبهم باجراء اصلاحات جذرية لبنية العراق السياسية من الأعلى الى الأسفل ومنع أي تدخل خارجي في الشؤون السياسية العراقية لا سيما إيران .
وقال عادل وهو يتكئ على عكاز عند حافة نهر دجلة " المواطنون هم من سيقرر من يكون رئيس الوزراء القادم ومن سيكون في كابينته الوزارية . نحن المتظاهرين الكتلة الاكبر لاختيار الحكومة . زخمنا ازداد لأننا فزنا بالجولة الاولى ، ولكننا نحتاج الى دعم ."
سجاد جياد ، مدير مركز البيان للتخطيط والدراسات في بغداد ، يقول " عندما أنطلقت الاحتجاجات في بادئ الامر كانت المطالب تنحصر بتوفير فرص عمل وخدمات والقضاء على الفساد ، ولكن المشكلة تكمن في رد الحكومة العنيف جداً وأصبحت المطالب تأخذ منحىً أكثر صرامة وهو إجراء تغيير لنظام الحكم بأكمله واجتثاث كل من يشارك فيه ." مشيراً الى أن الرد الحكومي العنيف تجاه هذه المطالب لم يساعد في تخفيفها بل ساهم في إصرار المتظاهرين على تطبيقها .
وأضاف جياد قائلاً " حالياً لم تقم الحكومة بأي إجراء لبناء ثقة بينها وبين المتظاهرين لتحقيق تغيير ، بل على العكس من ذلك استمرت بإراقة الدماء والترهيب وجعل من ذلك زيادة إصرار المتظاهرين على تحقيق مطالبهم ."
خطبة المرجعية العليا خلال مراسيم صلاة الجمعة الماضية دعت الى اختيار رئيس وزراء جديد ضمن الفترة الدستورية المحددة 15 يوماً وبدون أي تدخل خارجي .
ونقل المتظاهر عادل ما يقوله متظاهرون آخرون في الشوارع " لن أغادر الساحة لحد ما نتمكن من طرد الفاسدين من المنطقة الخضراء ، يجب أن يحالوا للمحاكم كما حصل مع صدام حسين ."
الى أعلى منه عند جسر الجمهورية المؤدي للمنطقة الخضراء بنى محتجون متاريس لهم هناك بينما يحمل شباب عصي وهراوات وأجهزة اتصال وهوكي توكي لاسلكية وفي بعض الأحيان يرتدون كمامات واقنعة غاز بينما ينامون خلف دعامات كونكريتية تشكل الخط الأمامي . رجال الأمن ، من ناحية أخرى ، بنوا لهم سدهم المنيع عند الخط الامامي الذي لا يبعد سوى عشرات قليلة من الياردات عن خط المحتجين الأمامي .
منظومة توفير اطعمة ومياه شرب ومفارز طبية نصبت لدعم المتظاهرين في كل انحاء ساحة التحرير حتى مع وجود موقع لاستقبال الشهداء الذين يسقطون خلال المواجهات . المفرزة الطبية المؤقتة في الخط الأمامي عند أسيجة الجسر هي واحدة من بين 40 أو 50 مفرزة تعالج آلاف من المحتجين الجرحى .
وقال أبو سكندر ، مضمد طبي يرتدي صدرية بيضاء " نحن جزء من الناس ، نحن جزء من هذه الثورة . الشعب يريد طرد جميع أعضاء الكابينة الوزارية ، إنه يريد حكومة تخدم الشعب وليس الأحزاب ."
وأضاف قائلاً " عندما ترى جميع طبقات المجتمع هنا ، فإنه شيء يعطيك زخماً أكثر ، حقوقنا سُلبت على مدى 16 عاماً ونريد الآن استرجاع هذه الحقوق ، وبالطبع ليس هناك تراجع عن هذا الهدف لحين تحقيقه ."
حمزة حداد ، محلل سياسي مستقل ، يقول " أي تغيير وزاري لتشكيل حكومة جديدة من وجوه قديمة سيكون مقارب لعملية وضع أحمر شفاه على وجه خنزير . "
وقال حداد " هناك الآن مراكز قوى وشبكات محسوبية وليس من المتوقع لها أن تتنازل بسهولة . أمنيتي أن نبني حركة تخرج منها قيادة يمكن أن تمثلنا كحركة مجتمع مدني تطالب بحقوق الناس ."
مروان ، متطوع طبي آخر ، يقول " نحن هنا منذ شهرين لأن الحكومة فاسدة تقتل شعبها وتسرق أمواله ، الشعب سيبقى هنا لحين تشكيل حكومة جديدة من أشخاص ذوي أيادٍ نظيفة ."
عن كرستيانن ساينس مونيتر