مشاهدات يومية يكتبها سعدون محسن ضمد..الشباب يعلنون البراءة من حرائق السنك وشارع الرشيد

مشاهدات يومية يكتبها سعدون محسن ضمد..الشباب يعلنون البراءة من حرائق السنك وشارع الرشيد

الجسور الثلاثة: الشهداء، الاحرار، السنك، نهار السبت 23-11-2019، من الساعة 2:00 إلى الساعة 4:00
١. دخلت إلى جسر الشهداء من ساحة الأمين وكان الوضع في المنطقة طبيعياً جداً. سواء في سوق الشورجة أو في الشارع الرابط بين ساحتي الأمين والرصافي. وكذلك الحال على جسر الشهداء، وشارعي الرشيد والنهر حيث النشاط التجاري كان عادياً، وبقي كذلك إلى أن تجاوزت السوق العربي، ومن نهايته بدأ الوضع يختلف فعلى طول الطريق من نهاية السوق العربي إلى الحاجز الأول الموجود قبل تمثال عبد الكريم بأمتار قليلة، كان هناك رتل من السيارات المكتوب عليها ”شرطة محافظة بغداد“، وفي المحيط يوجد انتشار غير طبيعي لعناصر من القوات الامنية.

٢. عندما اقتربت من الحاجز الكونكريتي وجدت أن عناصر الشرطة يمنعون المارة من عبوره إلى الجهة الأخرى، مؤكدين أن الوضع خطير وأن لديهم أوامر بذلك، فعدت أدراجي باتجاه السوق العربي وتوقفت على مسافة قريبة من الحاجز أتابع التطورات، وخلال ما يقارب الربع ساعة بدأ الوضع يضطرب أكثر، فاقتربت من اثنين من أصحاب المحال لآخذ منهما شهادة. فاكدا انزعاجهما مما يحصل في منطقة عملهم، فالشارع كان في صباح اليوم مليء بالحجارة وبقايا شظايا زجاج قنابل الملوتوف، ثم أخبرني أحدهما أن شباباً صغاراً في السن طلبوا من بعض أصحاب المحال اغلاق محالهم والعودة إلى بيوتهم، وهذا ما اعتبره خطأ فادحاً، ثم أردف، أخبرناهم أننا مع الاحتجاجات، وأن أكثر تجار هذه المنطقة يقدمون الدعم اللوجستي لها. وأن منعهم من العمل سينعكس سلباً على قدرة التظاهرات على الاستمرار. سألتهم بعدها إن كان الطريق سالكاً على شارع النهر لعبور الحاجز والعودة إلى شارع الرشيد فنصحاني بأحد الازقة الذي يؤدي إلى الشارع، ولما سلكته كانت أكثر المحال فيه مغلقة، وعند اقترابي من المنطقة الموازية للحاجز التقيت شابين يعودان من هناك مسرعين، فسألتهما إن كان الطريق سالكاً فاخبراني أن الشرطة هناك تمنع العبور وإن المنطقة تحولت إلى ساحة لتبادل القنابل الغازية وقنابل الملوتوف.
٣. فكرت بأنه لم يبق أمامي غير شارع الخلفاء، وفي طريقي إليه على شارع الرشيد، بدأ رتل السيارات التابع لشرطة محافظة بغداد يغادر المنطقة باتجاه ساحة الرصافي.
٤. عندما وصلت إلى ساحة الوثبة كان الوضع فيها طبيعياً تماماً، لكنه اختلف ما أن سرت بضعة أمتار على الشارع الرابط بين ساحتي الوثبة وحافظ القاضي حتى بدأت تلوح علامات الاضطراب، فعلى الحاجز الكونكريتي الموضوع بمحاذاة مرآب السيارات العام، كان هناك محتجون يتجمعون ويحاولون تنظيم مرور عجلات التكتك التي تحاول المرور سريعاً، وكذلك تفتيش المقبل منها من اتجاه ساحة الوثبة.
٥. على الشارعين المؤديين إلى ساحة حافظ القاضي بدأ انتشار المحتجين يزداد تدريجياً، وكان أغلبهم منقبين بقناع من القماش، ربما الصوف الأسود وليس فيه إلا فتحتين للعينين وثالثة للفم. وأنا أتقدم شاهدت صاحب محل مفتوح وامامه صناديق بضاعة، يحاول اقناع أحد الشباب المقنعين بعدم فعل شيء ما.. كان هذا المحل الوحيد المفتوح في محيط الساحة ومقتربات جسر الأحرار، أما بقية المحال فمغلقة.
٦. لما اقتربت من ساحة حافظ القاضي وجدت العشرات من الشباب ينتشرون في جميع جوانبها وأغلبهم منقبون كما قلت ولا يزيد معدل اعمارهم عن الـ 22 سنة. ولما لاح لي حاجز الخراسانة الموضوع على بعد عشرات الأمتار من جسر الاحرار باتجاه الرصافي، وجدت عدة شباب يقفون عليه وهم، فيما يبدو، يساندون آخرين نزلوا في المنطقة الفاصلة بينه وبين الحاجز الآخر الموجود عند تمثال عبد الكريم قاسم. وبعد لحظات من وصولي الساحة سقطت قنبلة في المنطقة بين الحاجزين لم استطع التأكد إن كانت صوتية أم غازية.
٧. لم استطع الاستمرار في المكان طويلاً، لإحساسي بان معدل الارتياب عالٍ بين شريحة المنتشرين فيه. فأغلبهم منقبون ويمنعون التصوير ويرتابون بكل شخص يبدو عليه أنه غريب. على هذا الأساس فضّلت الاستمرار بطريقي على الرشيد باتجاه السنك، ولما تجاوزت الحاجز الكونكريتي وجدت خلفه مجاميع لا يقل عددها عن العدد الموجود في الساحة كما أن عدد المسعفين بينهم كان أكثر، مع وجود مراكز لتوزيع الطعام.
٨. في الطريق بين جامع سيد سلطان علي وبين جسر السنك لم أجد محالاً مفتوحة، خلافاً للايام السابقة. أما الوضع على جسر السنك فقد كان طبيعيا.
٩. المحال التجارية بين الخلاني ونفق التحرير مفتوحة جميعها، في وقت مروري تقريباً في الساعة الثالثة مساء، وكذلك المحال المنتشرة حول ساحة الخلاني باتجاه السنك، ثم كلما اقتربنا من الجسر يقل عدد المفتوحة منها.
١٠. قررت الذهاب إلى خيمة يتخذ منها محتجون شباب مركزاً لتجمعهم في ساحة التحرير، يمكن أن يعطوني تصوراً عما يدور في شارع الرشيد هذه الأيام، ولما التقيتهم لم أجد عندهم معرفة كافية عما يحصل هناك، يقولون بانهم لا يعرفون من يتحكم بالأحداث هناك، وأن محاولاتهم لإيقاف ما يحصل باءت بالفشل، لأن الشباب المنتشرين في تلك المنطقة لا ينضبطون لرأي أحد، ويرفضون التراجع أو الاكتفاء بقطع جسر الأحرار. ثم اسروني بشكوك رفضوا نشرها لأنهم لم يتاكدوا من حقيقتها، وهي بالجملة تؤكد تدخل جهات لا تريد للاحتجاجات أن تستمر.
١١. بعد أن غادرت الخيمة التقيت نشطاء يتجهون إليها، ودار بيننا حديث حول الموضوع، فتبين أنهم بصدد بلورة مبادرة توحد موقف المحتجين مما يحصل من حرائق في شارع الرشيد ومن اعتداء على أملاك الناس، ويعلنون البراءة منها. ولما اطلعوني على تفاصيل المبادرة وجدتها، لوتحققت، فإنها ستحدث فرقاً مهماً بهذا الموضوع.