الملكة عالية واسرتها  وفاة الاميرة جليلة .. إنتحار ام ماذا ؟

الملكة عالية واسرتها وفاة الاميرة جليلة .. إنتحار ام ماذا ؟

قاسم حلو كوثر الغرابي
منذ أن وطأت أقدام الأميرة عالية ابنة الملك علي بن الحسين بغداد عاصمة العراق مع والدتها وشقيقهاعبد الإله وبقية الحاشية المرافقة لها لأول مرة في حياتها في مساء 6 آيار 1926 , أدركت الألم االذي يعيشه والدها بعد فقدانه لعرشه بالطريقة التي فرضها البريطانيون ,

فأخذت تواسيه ووقفت الى جانبه في محنته القاسية وتهون عليه واقع المصيبة وتخفف منها , وتتحاشى ان تبدر منها كلمة تجدد آلامه أو تزعجه , وتردد دائما ان الثروة والسلطان يأتي ويذهب , ولم يخلد لأحد لاجاه ولا سلطان , وكفى جدهم الملك حسين فخراً انه بقى الى ساعته الاخيرة حارساً لقضية العرب مطالباَ بحقوقهم في فلسطين مستنكرا على الحلفاء وعودهم وغدرهم , فكانت تردد دائما كلمة ملك بلجيكا لويس السادس (خسرنا كل شيء الا الشرف).

ومن الجدير ذكره ان بنات الملك علي ومنهن بالطبع الأميرة عالية قد ادخلن في البداية مدرسة الاطفال في الباب الشرقي ولكنهن انقطعن عنها بعد مدة , وقررت والدتهن الملكة نفيسة ارسالهن الى المدارس الأمريكية في بغداد ليتعلمن اللغة الانكليزية , ولما كان من شروط هذه المدارس قراءة الانجيل قررت والدتها لهذا السبب عدم ارسالهن لها , واقتداءا بتجربة الملك فيصل قرر شقيق الملك علي فتح صف لكريماته وكانت الأميرة عالية في مقدمة اللواتي اقبلن على الدراسة .
أما علاقة الاميرة عالية في محيطها الاسري فكانت علاقة متماسكة ،إذ كانت المدبرة الفعلية لشؤون البيت ، ويمكن التعرف على علاقة الاميرة عالية مع افراد عائلتها من خلال معرفة علاقتها مع والدتها التي كانت تحبها وتحترمها كثيرا في حياتها , ولهذا اناطت بها عدد من المسؤوليات البيتية قد كانت عند حسن ضنها وطالما اثنت على مقدرتها , وكانت تحبها وتحترمها كثيراً .
أما علاقتها بوالدها فكانت مستشارة لوالدها ولها كلمة الفصل في كثير من الامور حتى بات رأيها محل اعتزاز من أفراد أسرتها وضل تأثيرها واضحا حتى بعد اقترانها بالملك غازي و كانت تتردد الى بيت والدها للوقوف على احتياجاته .
فيما كانت علاقتها بشقيقاتها تمتاز بالفضائل ، إذ كانت علاقتها مع شقيقتها الاميرة عابدية تتسم بأقوى رباط الأخوة التي تأصلت بينهن من خلال مشاركتها في تربية (الملك فيصل الثاني) ، حيث كان رباط لا انفصام له , وقد كرست كل وقتها للاهتمام به فكانت تقرأ له الكتب وتطلعه على ما تنشره الصحف والمجلات وتنمي فيه الذوق الرفيع , وتقتني كل ما يصدر من الكتب ما تراه مناسباَ له وعندما اشتد المرض على الملكة عالية طلبت رؤيتها قائلة :"انك اختي كثيرة الافضال علي في تربية فيصل".
وانا اطلب منك ان تبقى دوماً أمه بعد وفاتي كما كنت أمه دوماً , وعندما كان الملك فيصل الثاني يدرس في كلية (هارو) في بريطانيا لم تنقطع عن زيارته فكانت بين فترة واخرى تذهب مع والدتها وشقيقتها لرؤيته وكانت تحرص على الملك من اصدقاء السوء كما حصل لوالده الملك غازي على حد قول الملكة , وانتقلت الاميرة عالية الى غرفة مجاورة لغرفته لكي يكون قريباَ منها للعناية بشؤونه الخاصة في القصر وكان يناديها بألقاب تنم عن حبه لها,كما ان الملكة عالية كانت تقوم في بعض الاحيان في اصطحاب شقيقتها معها في سفراتها الخارجية الى مصر ولبنان والقاهرة وفي رحلات الاصطياف الى الاسكندرية ولبنان.
أما فيما يخص علاقتها بالاميرة جليلة. فكانت على عهدها الذي تربت مع شقيقاتها الاميرات وشقيقها الامير عبد الاله وهي الاصغر بينهم , وفي عام 1946تزوجت الاميرة جليلة من ابن خالها الشريف حازم بن سالم بعد ان حصلت الموافقة من قبل عائلتها فقد كان فارق السن كبير بينهما فقد اقام لها شقيقها حفل زفاف كبيرة حضرتها الكثير من السيدات العراقيات والاجنبيات ذات المستوى الرفيع هُنأت بذلك الملكة عالية بزواج شقيقتها وبهذه المناسبة ايضا اقيم لها حفل بهيج اخر في قصر الزهور اقامته الملكة عالية متمنية لها زواجاً سعيداً.
كانت الأميرة جليلة صديقة حميمة لشقيقتها الملكة عالية ومستودع لثقتها حيث كانت تلجا الى الملكة عالية في كل ما تحتاجه في حياتها اليومية وعندما كان الملك فيصل الثاني يدرس في لندن قامت الملكة عالية باصطحاب شقيقتها الأميرة وبقيت معها مدة الى ان اصيبت بألام مما ادئ بها الى مغادرة لندن والعودة إلى ارض الوطن، ومن خلال العلاقة المتماسكة بينها وبين شقيقتها الملكة العالية غدت الأميرة جليلة شديدة التعلق بشقيقتها التي كانت تراها ملاذا امناً لها وفي عام 1947 انتاب الأميرة جليلة بعض الغضب نتيجة اصابتها بمرض خبيث بالرحم ادئ ذالك الى قيام الاطباء باستئصاله منها مما ادى الى منعها من الحمل وسبب لها عقدة نفسية لازمتها يوميا فاصيبت بلوثة عقلية وعدم الاستقرار في تصرفاتها التي تقوم بها بدون شعورها حيث لم تفارقها في زياراتها كافة حتى عندما ذهبت الملكة عالية الى زيارة قبر جدها في المدينة المنورة عام 1950 رافقت الأميرة جليلة شقيقتها في تلك الزيارة التي كانت اخر سفراتها, ويبدو ان حالة الاميرة جليلة اخذة بالتدهور وقد انهت حياتها في عام 1955عندما وجدودها محترقة بمدفأة الحمام وعندما وجدوها تتمشى في الصالة سألها الامير عبد الاله لماذا فعلت هذا بنفسك؟, فكانت اجابتها مبهمة بان احداً ما قال لها ان تحرق نفسها، وعلى اثر هذا الحدث فارقت الاميرة جليلة الحياة بهدوء وامها تنظر اليها بعينين جامدتين وشفتها تختلجان ثم سقطة مغمية على صدر ابنتها الميتة ولقد كان لوفاتها اثر كبير بين افراد العائلة المالكة ،وقد اذيع نبأ رحيلها الى جوار ربها ، كما اقيم لها تشيع كبير وكان في مقدمة المشيعين (الملك فيصل الثاني) وشقيقها الامير عبد الالة وبعض الشخصيات التي لها ارتباط بالعائلة المالكة حيث نفل جثمانها الى المقبرة الملكية في الاعظمية.
ان وفاة الأميرة جليلة كان يشوبها بعض الشكوك بأنها من فعل فاعل فلا يوجد مبرر لها ان تقوم بحرق نفسها وهذا ما أشارت اليه الراحلة عندما قالت "بان احداً ما قال لها احرقي نفسك" لاسيما وانها كانت ترتبط مع شقيقتها الملكة عالية برابطة قويه مما قد يدفع الملكه عالية الى ان تستأمنها على وصية ابنها فيصل الثاني مذكرةً ايها بحفظ هذه الأمانة لحين بلوغ فيصل الثاني السن القانوني لكي يطلع عليها بعد تسلمه العرش فقد كانت هذه الوصية تحذر فيها ولدها فيصل الثاني من امور سريه ربما منها الاطماع التي قد يحملها شقيقها عبد الالة للتشبث بالحكم والمماطله في تسليم العرش للملك فيصل الثاني لذالك وعندما علم الوصي بمضمون هذه الوصية والتي اخفتها شقيقته طوال هذة الفترة،الامر الذي جعله يحمل بعض الضغينه ضدها لذلك رأى الناس بان وفاتها كانت بفعل فاعل وحامت الشكوك حول شقيقها الوصي عبد الاله .
عن رسالة (الملكة عالية سيرتها ونشاطها الاجتماعي)