فرانسواز ساغان: المال.. الحماية.. ليس كل ما تحتاجه المرأة

فرانسواز ساغان: المال.. الحماية.. ليس كل ما تحتاجه المرأة

ترجمة: عدوية الهلالي
في عام 1974 ، كتبت الروائية الفرنسية الشهيرة فرانسواز ساغان في جريدة الفيغارو تفسيرا لدعمها ترشيح فرانسوا ميتران للرئاسة الفرنسية قائلة بأنها واحدة من الشعب الفرنسي الذي أرهقته الفضائح المالية والإدارية.

وفي العام نفسه أيضاً ، أصدرت ساغان روايتها (الوجه المفقود) بعد مرور عشرين عاما على نشر روايتها الشهيرة (صباح الخير أيها الحزن) ...كانت ساغان في التاسعة والثلاثين من عمرها حين كتبت روايتها (الوجه المفقود) التي تناقش فيها المتاعب المالية في فرنسا في تلك الفترة ; مشيرة إلى إن المال يبقى مالا مهما سعى الإنسان له والأجدر بالأدب أن يعطي الأولوية للناس الذين يعملون بإخلاص وليس لأساليب الحصول على المال.. وتقول ساغان ان الراوية في روايتها تشبهها كثيرا وهي امرأة تجد نفسها أسيرة تحت حماية زوج ملياردير لم يعد ينتظر منها أي مقابل او تعويض عدا سعادته بوجودها قربه لافتتانه الشديد بها ..وتبدا رواية (الوجه المفقود) عند نهاية قصة حب ربطت مابين المليادرير الامريكي الجميل (آلان) وزوجته التي يشعر بغيرة شديدة عليها لدرجة تعيين حارس خاص لمراقبتها وحراستها في شقتها الباريسية .. وتعاني الزوجة من قلق وضيق شديدين بانتظار ان تتحرر من سجن الحب الذي وضعها فيه زوجها ..وذات يوم ،تلتقي رجلا في معرض فني يقدم نفسه لها على انه رجل أعمال ويعبر لها فورا عن وقوعه ضحية لسحرها وتعلقه بها ..ويمر أسبوع و(جوليوس) ;وهو اسم الرجل ;يجد في رمي شباكه على الزوج حتى أقنعها بقراره بانتشالها من معاناتها ..وهكذا ، تنجح الزوجة في الهرب من رجال حراسة الزوج ،وللمرة الأولى ، سيكون عليها ان تتحمل مسؤولية إدارة حياتها جوليوس من جهته لم يتركها تعاني من متاعب الحياة فأراحها من همومها الجديدة حين وجد لها عملا باجر جيد في مجلة فنية واستأجر لها شقة فاخرة ..كانت تلاحظ إنفاقه المبالغ به عليها فتعتقد بأن عمله مربح من دون شك ..بالتدريج ، يساورها شعور بالذعر من تصرفات جوليوس الذي ابعدها عن سجن زوجها لكنه أوقعها تحت رحمة شكوك رافقت تصرفاته كلها ..وعلى الرغم من انه أبقاها بعيدة عن تهديدات زوجها ووضعها في مكان أمين لكنه بدا هو الآخر بحاجة إلى إيجاد مخبأ له، لذا قاد المرأة التي- اختار حمايتها من زوجها ونفسها إلى جزيرة في الكاريبي ...هناك ، تكتشف راوية القصة بان حبيبها وحاميها هارب من الضرائب المالية فتشعر بالإحباط وتؤلمها أكثر لامبالته واستهتاره وتهاونه في ما يخص إيجاد مخرج ليعيشا مستقبلهما معا باطمئنان ودون خوف ..وتفكر المرأة الحائرة في مغادرته وبدء حياة خاصة بها رغم امتنانها له بسبب الحرية التي قدمها لها وإعفائها من التفكير في أي ضغط مادي أو اجتماعي، لكن شعورها بالحنق يضفي على سلوكها شيئا من الجدية بعد أن كانت تتصرف بمرح وجرأة أحياناً ..ومثل كل بطلات ساغان ، تبدو البطلة متقلبة وذات تصرفات غير منطقية أحياناً لكنها قادرة على الاختيار في النهاية وبالتالي الابتعاد عن المكر والريبة التي يتصف بهما جوليوس لأجل ان تظل صادقة ومخلصة في حياتها ..منحت ساغان روايتها تلك بساطة رائعة في الأسلوب ونجحت في مناقشة تاثير المال على المجتمع ودور الدولة في ذلك إضافة إلى تركيزها على قضية انقياد النساء أحياناًً لمن يوفر لهن الحماية والمال فقط دون التفكير في اختيار حياة خاصة بهن ..