يوميات كاتب شركة بيت لنج..معالم  وذكريات بغدادية منسية في شارع الرشيد

يوميات كاتب شركة بيت لنج..معالم وذكريات بغدادية منسية في شارع الرشيد

رفعة عبد الرزاق محمد
في اوائل ثمانينيات القرن المنصرم كنت كثير التردد لمكتبة المخطوطات العراقية ، وكانت قسما تابعا لمكتبة المتحف العراقي ، انهل من كنزها المخطوط الذي لا ينضب ، ولاسيما تلك المدونات المخطوطة عن شوارد تاريخنا وما انطوى منه .. وكنت انقل بقلمي ما اراه مفيدا وغير معروف ، ومن ذلك مخطوطة كتبها المؤرخ العراقي الثبت يعقوب سركيس كفهرس ليوميات كتبها كاتب شركة بيت لنج يدعى جوزيف زفوبودا ،

وتلك اليوميات تضم معلومات وفوائد وطرائف تاريخية مختلفة كتبت بتفاصيلها الدقيقة ، وساعرف بهذه اليوميات واهميتها في كلمة مقبلة . الا اني سانقل من تعليقات يعقوب سركيس على الفهارس التي وضعها لهذه اليوميات التي بدأها بقوله :
كان جوزيف زفوبودا كاتب احدى بواخر شركة الفرات ودجلة لسير البواخر المحدودة المعروفة عند الاهلينم بمراكب بيت لنج ، وكان هذا الكاتب يختلف بمقتضى وظيفته بين بغداد والبصرة ويدون يوميات بتفاصيل دقيقة مملة جدا كل ما يحدث له وما يسمعه ويطلع عليه من السنة 1882 حتى 17 كانون الثاني 1908وكانت وفاته بعد ذلك بيومين ، ومجموعة يومياته واحد وستون دفترا ...
التقط من هذه المدونة الجسيمة بعض ما وجدته طريفا ومفيدا من احوال المناطق التي اصبحت فيما بعد ضمن الشارع العام ( شارع الرشيد ) الذي افتتح سنة 1916 ، ولا ريب هي معلومات لا توجد في ممدونة اخرى حسب علمي القليل .
5 حزيران 1882 : ذهاب زفوبودا لرؤية قطعة الارض التي اشتراها الربان كاولي احد منتسبي شركة لنج ونصفها الاخر للقبطان دارنك . قلت ( يعقوب سركيس) : وبعد الحرب العامة 1914 ــ 1918 باعت زوجة كاولي هذا الملك لشركة انكليزية هي الشركة الافريقية ثم قبيل الحرب العالمية الثانية في سنة 1938 او نحوها باع وكيل هذه الشركة الملك لشاؤول طوبا بتقاسيط بعيدة وببدل قليل فعزلت الشركة وكيلها . وموقع هذه الدار كان يسمى شارع السيد سلطان علي واليوم شارع الرشيد وهي فوق هذا الجامع بعشرات قليلة من الامتار . وكان قبل تجديد البناء يوم كان الكابتن كاولي مكتوب في لوح على باب ( قصر الحرباوية) وكنت قرأت في نحو سنة 1949 اعلانا في احدى الجرائد متوليا اسمه الحرباوي ..
5 حزيران 1882 :ذهاب زفوبودا الى عبد القادر الخضيري بخصوص شراء دار اسرة المعلم الياهو بقرب القنصلية البريطانية ( قلت :القنصلية البريطانية كانت ملكا للنواب اقبال الدولة وبعد وفاته في 24 كانون الاول 1887بيعت فاشتراها عبد القادر دله بثمانية الاف ليرة ومات سنة 1917 او 1918 فانتقلت الى الى ابنتي اخيه وقد تزوجتا بعد وفاته من عاصم و هاشم ابناء النقيب عبد الرحمن افندي الكيلاني فباعتاها الى نوري فتاح باشا.
ووجدت ( رفعة عبد الرزاق محمد ) في مجلة الزنبقة لسنة 1922 ( ص105) انه في سنة 1890 اقيمت القنصلية بازاء جامع الخاصكي ثم انتقلت الى واي ا مسي المعروفة الان باسم اوتيل عبد الاحد وفي سنة 1904 انشئت قنصلية جديدة على الطراز الحديث وهي اليوم مركز القيادة العامة للبريطانيين في بغداد . واستدرك هنا ان الحكومة العراقية اشترت البناية سنة 1930 وجعلتها دائرة للكمرك والمكوس .
24 كانون الاول 1887 : توفي النواب اقبال الدولة مساء الاربعاء في الكاظمية في داره ودفن فيها . وعين انطون مارين سكرتيرا في لجنة تصفية تركة النواب . وقد اخبر مارين هذا زفوبودا انه ( اي مارين) مقيم في دار النواب وان خزنته في ثلاث غرف فيها ما يزيد على مائة وخمسين الف ليرة ستراينية نقدا ومجوهرات وثلثين الف ليرة فرنسية وصندوق خشب كبير فيه روبيات وقرانات .
اقول ( رفعة عبد الرزاق محمد ) :ذكر الرحالة الاثاري السير وليم بدج في زيارته الاولى لبغداد سنة 1886 ، اي قبل سنة من وفاة اقبال الدولة النواب ، انه راى صورة اقبال الدولة في دار المقيمية البريطانية ، ويذكر انه كان صديقا عظيما من اصدقاء ( رولنصن ) . ويذكر مترجم رحلة بدج الاستاذ فؤاد جميل في الهامش ( رحلات الى العراق ص100) ان هرمزد رسام يروي كثيرا من القصص عن اقبال الدولة في كتابه ( آشور وبلاد نمرود)