حقي الشبلي  والفرقة التمثيلية الوطنية

حقي الشبلي والفرقة التمثيلية الوطنية

عبد المنعم الجادر
في سنة 1926 قدمت العراق الفرقة المصرية الكبرى برآسة جورج بك ابيض. فاحيت عدة حفلات مسرحية في جميع الوية العراق. كان لها الأثر الفعال في تغيير معالم المسرح العراقي الذي كان ينقصه كثيرا من المستلزمات الفنية كالماكياج والانارة وطريقة القاء الممثلين وحركاتهم..

وفي هذه الاثناء كان هناك شاب صغير السن يتابع مشاهداته للمسرحيات ويطبق ويبذل كل الجهود للتعمق في تعلي هذا الفن الجميل "فن التمثيل" فاختمرت لديه فكرة قوية حول فن التمثيل فما وافت سنة 1927 حتى ألف فرقة تمثيلية مسرحية اطلق عليها "الفرقة التمثيلية الوطنية" وكان ممن اشترك معه في الفرقة: عبد الحميد فخري، وعبود الشالجي، وعبد الحميد الخطيب، وصبري الذويبي، ومحي الدين محمد، وعثمان الشيخ سعيد، وكرجي كاشي.
اما هذا الشاب الذي ألف الفرقة الوطنية فهو.. الاستاذ حقي الشبلي.. والذي لايستطيع احد ان ينكر فضله على فن التمثيل في العراق وتقدمه الى الامام بخطوات واسعة كما سيأتي ذكره..
وتعتبر الفرقة الوطنية اولى الفرق التمثيلية التي ازالت جميع النواقص الفنية من المسرح العراقي حينذاك فقابلها الجمهور بما تستحقه من تقدار وحسن ظن وتشجيع فاذا اضفنا العناصر الفنية القوية التي اندمجت في سلكها لرأينا العجب يزول من تقدمها بفن التمثيل تقدما واسعا. فقد التحق بالفرقة في الفترة بين 1927 و 1935 كل من: عزيز علي، سليم بطي، فوزي محسن الامين، الياهو سميرة، البيك ابراهيم، يوسف نقاش، عبد الله العزاوي، فاضل عباس، احمد حقي ، مهدي وفي، نسيم عزيز، ناصر عوني، عزة عوني، بهجت خالد، عبد الهادي علي، نديم محمد، ناجي سلمان، عبد الحميد الدروبي ،عبد المنعم الدروبي، عبد اللطيف داود، اوكست مرمرجي. عزة دانو، لويس ناصر، مديحة سعيد، وغيرهم من اقوى ممثلي المسرح وبقيت الفرقة تقدم اقوى المسرحيات وتقوم برحلات الى جميع الالوية العراقية فازدهرت النهضة الفنية المسرحية ازدهارا عظيما وقد سميت هذه الفترة "بالعصر الذهبي الفني" مما شجع بعض الفنانين المصريين والسوريين الذين قدموا مع فرقهم ان يبقوا في العراق ويندمجوا مع هذه الفرقة القوية وكان ممن بقى. المرحوم بشارة واكيم. وعبد اللطيف المصري. وعبد الغني محمد. ومحمد المغربي وزوجته. وعبد الحميد البدري، ونوري الدين المصري، وغيرهم. وقد اصاب هذه الفرقة بعض الانتكاسات الصغيرة كسفر الاستاذ حقي الشبلي الى مصر او غيرها. ولكنها بقيت قوية، واهم اسباب قوتها: قوة العناصر الفنية فيها. وتماسك اعضائها واتحادهم، وكانت باكورة اعمال الفرقة وسفراتها الى خارج بغداد، هو رحلتها الى جنوب العراق في اواخر 1928. بعد ان قدمت عدة مسرحيات في بغداد، وكانت اول مسرحية قدمتها الفرقة المذكورة هي مسرحية "جزاء الشهامة" على مسرح "ليالي الصفا" واخذت توالي تقديم مسرحياتها فقدمت: البرج الهائل، يوليوس قيصر، جنفياف، لولا المحامي، قاتل اخيه، هملت ، الحاكم بامر الله. وغيرها من اقوى الروايات المحلية والمترجمة.
وفي اوائل 1929 قدمت فرقة السيدة فاطمة رشدي العراق فلما رات في الاستاذ حقي الشبلي مواهب فنية قوية اتفقت معه على السفر الى مصر لصقل هذه المواهب اكثر.
فسافر الاستاذ الشبلي لدراسة التمثيل على يدي المرحوم عزيزة عيد الممثل والمخرج المصري حينذاك، وزوج السيدة فاطمة رشدي ومكث يدرس هناك سنة تقريبا.
واثناء سفر الاستاذ الشبلي الى مصر وغيابه عن الوسط الفني العراقي سنة فقد ترأس الفرقة الاستاذ عزيز علي، وفي الوقت تشكلت فرقة تمثيلية اخرى باسم "الفرقة التمثيلية العصرية" وقام بتأسيس قسم من اعضاء الفرقة الوطنية السابقين. برآسة محيي الدين محمد، وانتعشت الحركة الفنية انتعاشا محسوسا، فتشكلت في سنة 1929 "الفرقة التمثيلية الشرقية" برآسة الفنان المرحوم صبري شكوري وبقيت الفرقة الشرقية تقدم مسرحياتها الى سنة 1935 حيث انحلت لوفاة رئيسها وفي سنة 1929 ايضا الف الاستاذ كمال عاكف بالاشتراك مع بعض الفنانين نذكر منهم الاساتذة فريد لقمان وصلاح الدين "جمعية احياء الفن" وكانت هذه الجمعية برآسة كمال عاكف، وقدمت مسرحيتين قويتين ثم انحلت على اثرهما.... وبقيت الجمعيات والفرق المشار ذكرها تعمل منفردة حتى عاد الاستاذ حقي الشلي برفقة فرقة السيدة فاطمة رشدي التي عادت مرة ثانية للعراق سنة 1930. فدب النشاط المسرحي اكثر، حيث اقامت الفرقة حفلات عديدة في بغداد والبصرة نالت استحسانا، ثم قفلت فرقة السيدة فاطمة رشدي عائدة الى ارض الكنانة، وبقى الاستاذ حقي الشبلي يعمل في العراق ، حيث جمع اخوانه وزملاءه في الفرقتين "الوطنية والعصرية" وشكل فرقته الثانية "فرقة حقي الشبلي" في اواخر سنة 1930.
ج . كل شيء 17 حزيران 1964