دَمُ الكاتب يعلو

دَمُ الكاتب يعلو

لطفية الدليمي
دم ( الكاتب ) فوق نحيب الكورس يعلو
منفرداً ، منحازاً ضد الموت ،
وضد تعاسات البشر الفانين ....
عبد الوهاب البياتي

يحق للغضب أن يتواصل حتى يكشف القضاء عن الجهة التي دبرت إغتيال الكاتب والروائي الدكتور علاء مشذوب : هل سيتواصل صوت الإحتجاج على اغتيال الكلمة الحرة في شخص روائي وكاتب مهم أغتيل أمام بيته ؟ هل سنرى مسعى جاداً للحكومة في كشف المسؤولين عن جريمة اغتيال دكتور علاء ؟ أم سيخفت الضجيج العاطفي والبيانات المنددة ووقفات الإحتجاج الجماهيرية كما حدث من قبل لدى جريمة اغتيال شخصيات ثقافية وفكرية ارتكبتها العصابات المنفلتة في طول البلاد وعرضها وفي مدنها المحمية ذاتها ؟
سيبقى دم الروائي علاء مشذوب يعلو في أفقنا الأسود مادام في البلاد سلاح مباح بأيدي كارهي الثقافة والكتب والكُتّاب ، سيبقى دمه يصرخ بجميع الضمائر التي هزتها الجريمة : أن تواصل صيحتها المدوية لعلّ الحكومة التي تعترف بوجود الميليشيات المسلحة تقر بتغلغل ( دواعش الفكر) من كل الطوائف في مرافق الحياة العراقية أجمعها ، و تعمل على كبح جماح الكراهية والجهل الذي يبيح اغتيال كاتب لأي سبب من الأسباب التي يراها التكفيريون مبرراً لسلب حياة وقتل رجل لم يقتل ولم يسرق ولم يخن وطنه بل مجّد هذا الوطن في أعماله وكتاباته ومواقفه كلها .
كل مافعله الروائي د. علاء مشذوب أنه كشف في رواياته وكتبه ومواقفه المنحازة للحق والجمال مايتعرض له الانسان في هذا الوطن مهدور الدم وأنار السبيل أمام قرائه ليدركوا قيمتهم الانسانية وحقوقهم ويواصلوا النضال لبلوغ اهدافهم ، وأن يعوا حرمانهم الطويل من أبسط حقوق العيش الانساني .
هذا الكاتب المفتون حد الإنسحار بمدينته كربلاء وتأريخها وأزقتها وروائحها وتقاليدها وعادات أهلها مثلما كان مسحوراً بالحضارات السومرية والبابلية والأكدية وكشف عبر استلهامه لها عن المظالم والفساد وسرقة الآثار ؛ بأي حق تسلب روح إنسان مفكر ومبدع وإنسان مميز على شاكلته بهذه الطريقة البشعة التي تمت بها جريمة الإغتيال ؟ بأي حق تحكم عصابة أو جهة ما على كاتب مثله بالموت وتصمت الحكومة ولاتهتم وسائل الإعلام العالمية ؛ ألا يشير هذا إلى وقاحة المسؤولين وتقاعسهم عن حماية أرواح المواطنين جميعاً سواء كانوا كتاباً أو عمال مسطر أو نساء مغدورات أو أطفالا مخطوفين ؟
إنْ كان قتلَتُهُ يعترضون على مواقفه كان من الأجدر بهم أن يحاوروه ؛ ولكنهم واصلوا الإصرار على الجريمة في محاولتهم تبريرها فقاموا بتلفيق مقالة ركيكة محتشدة بالبذاءة والأغلاط ونسبوها للروائي الشهيد فاقترفوا بذلك جريمة أشد فظاعة باغتيال كلماته وتشويه مكانته وسمعته كروائي مرموق وكاتب مشهود له بالتميز .
سيبقى دم ( علاء مشذوب ) يعلو منحازاً ضد الموت وضد البشر الفانين ، مكللاً بالضياء ، ويبقى العار يجلل هامات القاتلين ..