امين لا تغضب

امين لا تغضب

القصيدة التي القاها الجواهري عقب انقلاب 8 شباط الدموي
أمينُ لا تغضبْ فيومُ الطـَّغامْ
آتٍ وأنفُ شامتٍ للرَّغامْ
أمينُ لا تغضبْ وإنْ هُتـِّكَ الـ
سِّتـْرُ وديستْ حُرُماتُ الذ ِّمام

وإنْ غدا العيد وأفراحُهُ
مآتِما ً في كل بيتٍ تـُقامْ
عند البطون ِالطاهراتِ التي
ما إنْ بها عن كل خير ٍعُقام
مدَّخـَرٌ للخائضينَ الوَغى
العام تلو العام، جيشٌ لـَآمْ
أمينُ لا تغضبْ فإنَّ الحِمى
يمنعُهُ فتيانـُهُ أنْ يُضــامْ
خمسونَ عاماً وقتيلُ الكفاح
يشيبُ منه الطفلُ قبل الغلام
خضناهُ جبّارينَ في سوحِهِ
أهونُ ما نلقاه موتٌ زُؤامْ
أمينُ كم من مَثـَل ٍ سائر ٍ
يضرِبُهُ الشعب عليه السلامْ
يا دارة َ المجد ودارَ السلامْ
بغداد يا عِقـْداً ً فريدَ النظامْ
يا أمَّ نهرَيْن ِاستفاضا دما ً
ونعمة ً من عهدِ سام ٍ وحامْ
من عهدِ سنحاريب إذْ نينوى
يتوّج الحكمة َ منها النظامْ
وعهدِ حــامُورابْْ إذ ْ بابلٌ
للكون في الأحكام منها احتكامْ
شعارُها الشمس وعنوانـُها
سنابلُ القمح، وعدلٌ يُقامْ
وبابلٌ تضمُّ كل اللـُّـغى
وسِحرُها يجذِبُ كلَّ الأنامْ
وعهدِ هرون وفي حكمه
غمامة ٌ تصوبُ كل الأنام
إذ شهرزادٌ عن حقيقِ المُنى
تقصُّ عن أحلامها في المنامْ
بغدادُ والتأريخُ ذو أشطر ٍ
وشرُّ شطريهِ عهودُ الجـِمام
يغدو بها المُدْرِكُ ما لا يُرامْ
مُيَسّرَ المأخذِ، سهلَ المَـرامْ
يغفو على المجدِ وأحلامه
حتى إذا الغرورُ منـّاهُ، نامْ
حتى إذا صحا رأى كوكبا ً
في كفـّه أصبحَ برقا ً يُشامْ
أمينُ خلِّ الدَّمَ ينزِفْ دمـاً
ودعْ ضراما ً ينبثقْ عن ضرامْ
وخلِّ سوحَ المجد ينهضْ بها
ركامُ موتٍ عن بقايا رُكامْ
ودعْ مُدى السفـّاح مشحوذة ً
ظمآنة ً، يُبَلُّ منها الأ ُوامْ
فما استطابتْ أمة ٌ نشوة ً
للنصر، إلاّ من كؤوس الحِمامْ
وأنفـُسا ًواثقة ً خلـَّها
تزحمْ جدارَ الموت بالارتطامْ
فالسيف يُعلى من شذا حدِّهِ
يومَ التنادي كثرة ُ الإنثلامْ
أمينُ، خلِّ الرعبَ ينشرْ بها
جوّا ً مُضِدّا ً وسماءا ً تـَغامْ
فالصبحُ أبهى ما يُرى حسنُهُ
إذا استطالت غَمَراتُ الظلامْ
أمينُ ألقى الغيُّ أستارَهُ
وانزاحَ عن وجهِ النفاقِ اللثامْ
ما أقذرَ الفِسْق وإنْ ألـَّفـَتْ
بين الزواني روعة ُ الإنسجامْ
إنَّ الشعوبَ اقتـُسِمتْ عَنوة ً
للكنديـينَ اقتسامَ السهام
فسلـَّمَتْ كُرها ً مقاليدَها
واستسلمتْ طوعاً الى العمِّ سامْ
واغتصبتْ أعناقـَها غارقا ً
في دمِ آلاف الضحايا الذمام
ليس لها من أمرها ثالثٌ
إما الموالاة وإما الحُسام
تنزو إلى الحُكم بها شهوة ٌ
كشهوةِ الحبلى اعتراها الوِحامْ
وتنبري الطغمة ٌعن طغمةٍ
مثلَ العنوز انحدرتْ من أكامْ
قاستْ مقاييسا ً بأضدادها
وزوّرت كلَّ معاني الكلامْ
بالنور ِسَمَّتْ ظـُلمة ً والهدى
ضلالة ً، ورجعة ً بالأ َمام
وحقدَها الأعمى منارَ الهدى
وحُكمَها الأعرجَ لـَبْـنَ القـَوام
وخطـّت اللهَ على صدرها
وخوّضتْ بالدم ِحتى الحِزام
واغتلمَتْ بالدم لا ينتهي
منه ومنها طربٌ واغتلامْ
وخافت الفكرَ وأنوارَهُ
خيفة َعدوى جَرَبٍ أو جُذامْ
تبنـّت الوحدة َ إذ بعضُها
يذبح بعضا بسيوف الغرام
واتصلتْ زوراً وقد أقسمت
بالعروة الوثقى على الإنفصامْ
والإشتراكية ُمدعومة ً بالدين
خصمان، لديدا خصام
تـُستنزَلُ الآية ُ معكوسة ً
في مطمع ٍ أو شهوةٍ أو عُرامْ
أمينُ هل جاءكَ ما حَلـَّه ُ
بالأزهر المظلوم ذاكَ الإمام
خليفة ُ اللهِ على عرشِهِ
أضحى أجيرا ًلعروش الطـُّغام
عَمامة ٌ لـُفـَّتْ على سَوْأةٍ
لها بخزي ٍ باض فيها دِمام
وهامة ٌ يأنفُ من حَمْلِها
ذو نخوةٍ أو أصيدٌ أو هـُمام
باركَ بغدادَ وسفـّاحَها
بمأثم ٍ يخجلُ منه الأثام
وهنـّأ َالفِرعون في مصرِهِ
بينَ الغواني وكؤوس المَدام
أن العراقَ انتـُهـِكتْ دورُهُ
عَشِـيّة ً، ثم استتبَّ النظام
أفتى بأنَّ حُرُماتٍ حرامْ
ديسَتْ حلالٌ وسواها حرام
أفتى بأن الطفلَ بعد الرضاع
يُفطـَمُ، والذبحُ له كالفِطام
من مُبْـلِـغُ الفاجرَ في ضَحْوَةٍ
على رؤوس المَلأِ المُسْـتـَضام
يا عبدَ حربٍ وعدوَّ السلام
يا خزيَ من زكـّى وصلى وصام
يا سُبـَّة ََالحجيج في عَمْـرةٍ
بين الصفا وزمزم ٍ والمُقام
يا ابنَ الخـَنا إنَّ دماءَ الكرامْ
نارٌ تـَلـَظـّى في عروق اللئام
وللضحايا من جِراحاتها
أيُّ عيون ٍ خـُزّر ٍ لن تنام
أمينُ صبرا ً فالخطوبُ الجِسام
تعْلـَقُ حُبا ً بالهموم الضِّخام
صبرا ً فأمُّ الشرِّ في بطنها
فردٌ، وأمُّ الخير فيها تـُؤام
للحق في الأرض انتفاضاتـُهُ
وللوعود في السماء التزام
صبرا ًفقد نصبر كي نلتقي
بالجزء من ثانيةٍ طولَ عام
نـَفـْحَ التحيات وصوبَ الغـَمام
على الهـُداةِ الشهداء الكرام
على نسورٍ، هم وأجداثـُهُم
عِطـْرُ التحيات ومِسْكُ الخِتام.