من تاريخ الحركة النقابية في العراق.. كيف تأسست جمعية المهندسين العراقيين؟

من تاريخ الحركة النقابية في العراق.. كيف تأسست جمعية المهندسين العراقيين؟

حيدر فاروق سلمان
كان عدد المهندسين العراقيين عند تأسيس المملكة العراقية لا يتجاوز عدد الاصابع , وكان معظمهم متخرجاً من المدارس العثمانية في اسطنبول , او كان من ضباط الهندسة المتقاعدين من الجيش العثماني , ثم قامت الحكومة العراقية بتأسيس دراسات هندسية بسيطة لا تتجاوز معلوماتهم عن تخريج مساحين او افضل من ذلك بقليل , ولم تفتح كلية الهندسة بدرجتها الجامعية الا عام 1942 ,

وفي خلال تلك المدة كانت الحكومة ترسل البعثات من الطلاب الاكفاء للحصول على شهادة البكلوريوس في الهندسة من الجامعات العالمية

وفي عام 1935 بلغ عدد المهندسين بضع عشر من حملة الشهادات الجامعية , وفكر هؤلآء المهندسين بتكوين جمعية تجمع شمل المهندسين وتعمل على ترقية مستواهم العلمي والاجتماعي , الا أن الفكرة تأخرت بفعل تواجدهم في مواقع متفرقة من العراق , وقد قدم الطلب الاول لتأسيس الجمعية في 8 شباط 1938 بموجب قانون الجمعيات لعام 1922 , من قبل الهيئة المؤسسة وهم كل من أحمد سوسة , فخر الدين الفخري , عبد الامير عبد الحسين الارزي , ارام ستيان , برجنياك تاجريان , نيازي فتو، كما رفعوا مع الطلب النظام الداخلي واسم الجمعية واهدافها التي جاء فيها :الجمعية ومركزها :
1. اسم هذه الجمعية (جمعية المهندسين العراقية).
2. مركزها (بغداد) ولها أن تنشئ فروعاً في أي جهه آخرى من جهات العراق بمصادقة وزارة الداخلية.
3. يسمح بالأنتماء للجمعية لكل من حصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة ويسمح للمهندسين من غير العراقيين الأنتماء إليها.
اهداف الجمعية :
1. توثيق عرى التأزر بين المهندسين العراقيين وتنشيط التنقيب والبحث العلمي لرفع مستوى الاختصاص الهندسي في العراق.
2. تتوصل الجمعية إلى هدفها بالطرق الآتية :
أ‌- تهيئة محل ملائم تتوفر فيه اسباب الراحة يأوي اليه الاعضاء في أوقات فراغهم وتقام فيه الاجتماعات والحفلات التي تتبع في اجرائها احكام القوانين النافذة.
ب‌- تنظيم محاضرات ومناقشات تتعلق بالسلك الهندسي.
ت‌- انشاء مكتبة تحوي ما يتيسر من الكتب والنشرات الهندسية المهمة.
ث‌- اصدار مجلة تنشر فيها المحاضرات والرسائل التي تلقى في الجمعية مع البحوث الفنية الآخرى.
وافقت وزارة الداخلية على الطلب المقدم لتأسيس الجمعية , وعلى النظام الداخلي بقرارها المرقم (9468) في 4 مايس 1938 , وقد جرت اول انتخابات للهيئة الإدارية للجمعية في 25 آذار 1940 , أذ اختارت تلك الهيئة ارشد العمري رئيساً فخرياً للجمعية فوافق على ذلك , وانتخب السيد فخري الدين الفخري رئيساً للجمعية , واحمد عدنان حافظ نائب الرئيس الاول , ونيازي فتو نائب الرئيس الثاني , وقسطنطين عساف للسكرتارية , ارام ستيان أمين الصندوق , وعضوية كل من عبد الامير الازري , واحمد سوسة , واحمد مختار ابراهيم وبرجنياك تاجريان كما اصدرت الجمعية منشوراً إلى المهندسين العراقيين للانضمام إليها , وفي 26 نيسان 1940 , انضم ضياء جعفر إلى الجمعية , وفي العام نفسه انضم ثلاثة مهندسين آخرين ليصبح اعضاء الجمعية مع الهيئة المؤسسة 12 عضواً , وفي عام 1942 , انضم ثمانية اعضاء جدد ليصبح عدد الاعضاء 20 عضواً , ولحد ذلك التاريخ كانت اجتماعات اعضاء الجمعية تدور في صالونات دور المهندسين انفسهم , أذ لم تنشأ بعد بناية التي تلم شملهم ففكروا بذلك وكانت اولى الخطوات هي الحصول على ارض مناسبة من اجل بناء مقر للجمعية.
قدمت الجمعية طلباً إلى وزارة المالية بتاريخ 17 تموز 1944 , من اجل تمليكها ارض بدون مقابل في احدى العرصات الاميرية الواقعة في محلة السعدون , وفي 29 كانون الثاني 1945 , صدرت الادارة الملكية رقم 68 لعام 1945 , بالموافقة على تمليك العرصة الاميرية تسلسل811/324 , الواقعة في محلة البتاوين والتي تبلغ مساحتها 2803 م2 إلى جمعية المهندسين العراقيين لاتخاذها مقراً ومركزاً لها.
قررت اللجنة الادارية للجمعية في 18 تموز1945 تشكيل لجنة لوضع تصميم بناية الجمعية, ونظراً لكون البناء المراد تشييده وفقاً للتصميم المقترح يكلف مبالغ لايمكن للجمعية ان تتداركها من ايراداتها الضئيلة المقتصرة على رسوم الاشتراك , ولاجل ذلك قدمت الجمعية طلباً لوزارة الداخلية من أجل اجراء اكتتاب عام لجمع التبرعات , وقد وافقت وزارة الداخلية على طلب الجمعية باجراء اكتتاب عام بـ(4) آلف دينار , ولمدة عام واحد في جميع انحاء العراق من تاريخ 10 تموز 1945 , وفي 31 تموز 1945 , طلبت الجمعية زيادة المبلغ إلى (10) آلف دينار , وقد وافقت الوزارة على الطلب الثاني في 3 آب 1945.
دور ضياء جعفر
جرت انتخابات الهيئة الادارية للجمعية للمرة الثانية في 20 كانون الثاني 1946 , أذ غدا ضياء جعفر عضواً فيها , كما حافظ فخري الدين الفخري على رئاسة الجمعية , وكانت من اولويات الجمعية هي بناء مقر الجمعية وتأثيثها وتهيئة المكتبة وتوفير المال اللازم لذلك عن طريق التبرعات , واستطاعت الجمعية من الحصول على (6) آلاف دينار من التبرعات التي لم تكن تكفي لاعمال البناء , وقد نشط ضياء جعفر واضعاً كل جهده لتوفير مواد البناء وتبرعات جديدة لاكمال بناء الجمعية , أذ سهل ضياء جعفر اثناء توليه منصب وزير المواصلات والاشغال في وزارة صالح جبر للمدة من (29 اذار 1947 إلى 28 كانون الثاني 1948) حصول الجمعية على المواد اللازمة للبناء , من قبل مديرية الاشغال العامة وحسب الاسعار المقررة.
كما استطاع ضياء جعفراثناء المفاوضات في لندن مع شركات النفط العاملة في العراق على حمل تلك الشركات للتبرع للجمعية , أذ تبرعت كل من شركة النفط العراقية والموصل والبصرة بمبلغ قدره (3) آلاف دينار على أن تصرف (1000) دينار منها على الاثاث والمكتبة , و(2000) دينار الباقية تصرف في سبيل تكملة أنشاء البناية , واهدت تلك الشركات ايضاً 19 قطعة من الاثاث الخشبي للجمعية , وقد تبرعت شركة اندروير البريطانية للنقل البحري بنقل الاثاث من بريطانيا إلى ميناء البصرة مجاناً بدون مقابل , كما فاتح ضياء جعفر شركة نفط الرافدين وخانقين من اجل التبرع للجمعية , إذ تبرعتا بمبلغ قدره (1000) دينار , وفي بداية 1950 تم اكمال بناء الجمعية , وقامت الجمعية بتشجيع طلبات الانتماء , أذ امسى اعضاء الجمعية 42 عضواً عام 1950).
جرت انتخابات اللجنة الادارية للجمعية للمرة الثالثة في 1 شباط 1951 , وقد اسفرت عن فوز ضياء جعفر بمنصب رئيس الجمعية , وأن سبب اختياره لذلك المنصب يعزى للجهود التي بذلها في خدمة الجمعية والارتقاء بعملها وتطويرها , وقد كان له اكبر الاثر بتوسيع الجمعية وتعزيز دورها وتماسك أعضائها لخدمة البلاد , إذ ازداد اعضاء الجمعية ليبلغوا 78 عضواً في ذلك العام.
رسالة : ضياء جعفر ودوره السياسي والاقتصادي