كتابة على الحيطان :حماية الحكومة أولاً..!!

كتابة على الحيطان :حماية الحكومة أولاً..!!

عامر القيسي
رغم الاعتراضات الجوهرية على مسوّدة قانون حماية الصحفيين، من أطراف إعلامية لها وزنها في الحياة الإعلامية والصحفية العراقية، الا ان النقابة وكتلة سياسية هي "دولة القانون التي أعلن احد قادتها صراحة انهم سيوفرون الأعداد اللازمة للتصويت على القانون داخل البرلمان!!"

مازالا مصرين على تمرير القانون في مجلس النواب مع بعض التعديلات الهامشية عليه، وبذلك "نفخر" أمام شعوب العالم بان لدينا قانونا يسمى حماية الصحفيين وهو في حقيقته حماية للحكومة من الصحفيين ووضع الكثير من الخطوط الحمر أمامهم لمنعهم من العمل بشفافية والحصول على المعلومة خارج إطار مقصلة "المصلحة الوطنية" التي يختلف على محتوى تفسيرها كل الشركاء في العملية السياسية، وما يزيدنا "فخرا " أيضا ان من يقف وراء القانون المهزلة هو نقيب الصحفيين، وهو رجل مشهود له بالكفاءة العلمية والعملية والمهنية، ومن لديه شك في ذلك فاننا نحيله الى الوسط الصحفي ليحصل على الكثير من الفضائح التي تخص شخصه وتأريخه الصحفي والسياسي وسيجد حتما كل ما "يفخر ويفتخر به" وهو كما في العرف الاجتماعي العراقي "رفعة راس وهيبة الديوان"!!
الغريب في الامر هذا التدخل السياسي والحكومي في تمرير قانون مرفوض من معظم الصحفيين باستثناء طبالي النقابة فهم اعرف بمهنتهم منذ زمن عدي وحتى زمن مؤيد، والبقية من الـ 14 ألفاً التي تفخر بهم النقابة باعتبارهم صحفيين من الطراز الرفيع والذين تم منحهم الهويات قبل الانتخابات الأخيرة ومنهم، بدون تجريح ومع كامل الاحترام لكل المهن الشريفة، سائق الأجرة والبوزرجي والحداد والنجار الى أخره من مهازل النقابة، في حين يشن "النقيب" حملة شعواء لمحاربة الصحفيين الشباب لمنعهم حتى من الظهور في برامج الفضائيات، تحت شعار: إنهم "زعاطيط" وهو النائم الذي لا يدري ان هؤلاء الـ"زعاطيط" يقودون ثورات المنطقة التي لا يستطيع ان يفهمها سيادة "النقيب"!
في كل العالم المتحضر هناك قوانين دستورية لحماية المواطنين دون تفريق، والحماية التي توفر للمهن الخاصة، كالصحافة، هي في إيجاد تشريعات تسهل عملهم وتمنحهم حرية أكبر في ان يكونوا سلطة رابعة حقيقية تراقب وتكشف وتساعد في حماية المجتمع من الفساد والمفسدين وهي أمور تساعد الحكومات الديمقراطية في تنفيذ برامجها الإصلاحية والخدمية بصورة صحيحة، وهذا الأمر معكوس لدينا تماما في هذا القانون وأهداف من يقف وراءه، فالحكومة والنقابة معاً يريدان صحفيين من طراز الزمن الصدامي، يجيدون العزف على كل الآلات الغربية منها والشرقية، وهم مهرة في الرقص على كل حبال السيرك الفرنسي منه أو الروسي، وهم لا يتورعون عن المشاركة النشطة في خلق قائد ضرورة في كل مرحلة حسب مستويات الدفع والمكارم والمصالح!!
هذا النمط من الصحفيين مع النقيب والقانون يجب ان يشملوا بـ"بيرسترويكا" من الطراز العراقي لتنظيف الجسد الإعلامي العراقي من الطارئين عليه والمتطفلين وناقري الدفوف وضابطي الإيقاعات ومساحي الأكتاف والراقصين في كل المحافل والمصلين في كل مكان، بتربة أو من دونها، بالتوجه الى القبلة أو من دونها والمستعدين دوما لان يلهثوا في الشوارع وهم يهتفون " بالروح بالدم نفديك.."!!
الوضع الصحفي عندنا ينطبق عليه قول احد الزملاء، في ملف كنّا قد نشرناه عن النقابة في وقت سابق، "نقابة بلا صحفيين.. وصحفيون بلا نقابة"! وسيكون لدينا وفق التوصيفات التي تحدثنا عنها: "قانون لحماية الحكومة وتكميم الصحفيين"!!