رفعت السعيد..أديبا!

رفعت السعيد..أديبا!

د. عمرو عبد السميع
فى يدى نص عجيب جمع بين دفتيه الأعمال الأدبية للدكتور رفعت السعيد القطب اليسارى البارز والكادر الأكاديمى المعروف.
د.رفعت السعيد..الأعمال الأدبية..السكن فى الأدوار العليا..البصقة..رمال.

ومبعث استعجابى أمران، أحدهما أن شخصا بحجم الدكتور رفعت ستكثر أن يسمى ما كتبه (روايات) ولكنه اسماه (حكايات)، وهذا- الحقيقة- ما رأيته محاولة لمصادرة أو اعتقال قدرتنا على طرح رؤيتنا النقدية للنص فى الإطار الذى ينطبق عليه بالفعل، وبالتالى فإننى (قولا واحدا فصلا) أقول: ما كتبه رفعت السعيد فى سطور ذلك الكتاب هو: (روايات) استوفت غالبية عناصر الرواية فى صيغتها وتركيبها الفني، لابل إن السرد والوصف، وتقاطع الحوار الداخلى للكاتب مع حوارات الأبطال استكملوا بناء روائيا مميزا جدا.
والأمر الثانى الذى استلفتنى فى روايات (حكايات) د.رفعت السعيد كان ذلك الشكل المبتكر جدا الذى قدم فيه الرجل (حكيا فى الحكي) أو ما سماه حكاية كل حكاية، وحتى تلك التقدمات التى قصد كاتبها أن تكون مبررا يطرحه على الناس (لاقترافه) كتابة الرواية، فإنها- فى ذاتها- تعد روايات كذلك، لابل ولو فكر الرجل فى جمعها ضمن عمل واحد لصارت رواية، على أن يخلصها من وجه التأريخ الذاتى ويحول بطلها (المسجون الذى يكتب رواية فى كل مرة يدخل فيها إلى السجن) إلى بطل روائى يبدو من خيال كاتبه وإن كان حقيقيا، كما معظم وقائع تلك الروايات الثلاث.
وبالإضافة فإن رفعت السعيد فى رواية (البصقة) لم يكتب (رواية فى الرواية) فقط، ولكنه كتب (رواية فى رواية فى رواية) حين نشر نص قصة (حب وحب) لمدحت سلام (بطل تلك الرواية)!!
عاش د.رفعت بيننا لعقود ونحن نتعامل معه بوصفه كادرا سياسيا يطرح رأيه بجسارة وجرأة يدفع ثمنها غاليا من حريته وقطع استرسال مسيرته العلمية والسياسية، فلم ننتبه- فى الواقع- إلى وزن الرجل (أدبيا)، ربما لو منحته الظروف فرصة ليترجم ذلك الكم الزاخر من تجاربه إلى أعمال إبداعية لصار واحدا من أشهر الأدباء، ولتوقف عن الخجل من أنه يكتب (رواية) مناديا سطوره باسم الدلع: (حكاية)!!
عن صحيفة الاهرام