من طرائف الأسلحة الشعبية في الجيل الماضي

من طرائف الأسلحة الشعبية في الجيل الماضي

حسين الكرخي
المكوار
والجمع مكاوير، وهو عصا قصيرة، في طرفها كرة صلبة من القير، أثبت كفاءته القتالية في ثورة العشرين، وبخاصة في الهجمات الفجائية والسريعة على مواضع المدفعية وغيرها :
(الطوب أحسن لو مكواري؟)

ومن طريف ما رواه الأستاذ عبود الشالچي في (موسوعة الكنايات العامية البغدادية) 3/113 ما يلي : (غضب السلطان العثماني عبد الحميد، على أحد كبار زراعي الشلب في العمارة (ميسان)، فأمر بنفيه إلى مدينة من مدن البوسنة والهرسك، ملاصقة لبلاد النمسا، ومكث هناك اثنتي عشرة سنة، ثم رضي عنه السلطان وعفا عنه، وأذن له بالعودة إلى بلده، ومرّ ببغداد فأراد أن يظهر قومه وأتباعه على مقدار ما أفاد من مدنية وتقدم من جراء إقامته في أوربا، فذهب الى سوق الصاغة وأوصى أن يصوغ له مكواراً من الفضة!).

ورور
مسدس، من الإنكليزية (REVOLVER) وتعني شرارة النار، وفي العامية المصرية تعني العكس، فهي الاخضرار والطزاجة، جاء في أغانيهم : (الشجر الناشف بأه (بقى) وِرْوِر)، وفي لغة الشاميين تعني اليابس الذي يحدث أصواتاً.
و(الطبنجة) المسدس بالتركية (تبانجة) وتعني صوت اللطمة، وهو سلاح قديم يحشى بالبارود، وعند الانطلاق يصدر منه صوت واطئ أشبه باللطمة.
و(البشتاوة) من (بشتو) الفارسية، مسدس قديم يشبه (الطبنجة) ومن أسماء الورور عندنا (تك)، وهو على أنواع أشهرها (أبو البكرة) أو (الكسر)، والبرونيك (أبو المشط)، ومن أسماء بعض السواديين (ورور)، ورد ذكره في الشعر الشعبي كثيراً :
(باليمنه شايل خنجـره وباليسرة حاشِك وروره)
*********

(واللحظ بي ورور كسر ما تخطي چيلة ورورك)

ومن مسدسات الصبيان التي تتخذ للعب: ورور تبدور، ورور كبسون، ورور ماء يندفع الماء من فوهته عند الضغط على (الزناد).

دانة :
كرة حديدية بأحجام مختلفة تتناسب مع أحجام المدافع القديمة، تقذف بواسطة البارود، ومن أسمائها الأخرى (كُلّة)، استعملها البغداديون كغطاء لفوهة البالوعة، باسم (زرزبانة)، كما استعملوها في رياضة رمي الثقل.
جاء في شعرهم :
(طول كرنه صار تقريباً متر
وصار عنده صماخ مثل الدانة)

ومن معاني دانة : مجنون، اتخذت لقباً لبعض الناس ومنهم (بهلول دانه).
ومن أسماء القنابل الحديثة المحشوة بالبارود والتن تنفلق عند اصطدامها بالهدف قنبرة و(بمبة) من الإنكليزية (BOMB) و(شراب نيل) تحوير لاسم أجنبي، وهو ضرب من القنابل التي تنفلق في الجو قريباً من الهدف فتصيب شظاياها الجنود، بما يشبه الرمانة اليدوية، وكانت قد استعملت لأول مرة في الحرب العالمية الأولى، قال شاعر العامة محمساً ومشجعاً الثوار العراقيين :
(مْطَرَتْ طياراتهم بمبه وشراب نَيْل ،
وانتو الكلب منكم ما ارتعد)

خنجر :
سلاح ذو نصل حاد الجانبين، يبدأ من جهة المقبض مستقيماً ثم يتقوس يميناً عند ذباباته، فإن كان قليلاً فهو الخنجر العراقي، وإن كان كثيراً فهو الخنجر الحجازي المسمى (كديمي) بفتح الدال أي (قديمي) أما إذا كان عريض النصل شديد الانحناء فهو الخنجر اليماني، والجمع خناجر، و(الخنجرلية) الخنجر الصغير والجمع (خنجرليات).
ويصنع نصله من أصناف صلبة من الحديد، كالفولاذ، والمطاوع (المسقي)، وحديد الحراب، وأفخرها ما كان (أبو الدمار) وهو العرق، أو (الدبان)، يرتفع قليلاً عن وجه النصل وينصفه طولياً إلى نصفين متساويين من الوجهين.
ومقبضه يصنع عادة من العظم، أو من الخشب المغلف بالفضة المطعمة بالأحجار الكريمة كالشذر وغيره، أو من الفضة المنقوشة بالميناء (المينة)، وبعضها من معدن الكروم أو النحاس المطلي بألوان ذهبية أو فضية.
ومن أسماء بعض أبناء الريف العراقي وغيره خنجر)، ورد ذكره كثيراً في الكنايات والأمثال والشعر، ففي وصف ضرب من اللحى قالوا (لحية خنجرلية) : (خنجر صليب يتكلكل وما ينشلع)، (مجدي كركوك يجدّي وخنجره بحزامه) :
مكدي كركوك انت هذا مسلكك
بإيد تستعطي وإيد بخنجـرك
ومن أغانيهم بوزن الدارمي :
جنّب للمهيلات شعر العليها
خنجر وسرد الروح چا وشلي بيها

ومن أشعارهم :
من قمقمه الخنجر تره أوفق ويلهدني لهد

*********
صوابي بالضلع خنجر
وقتالي الحلو الأسمر

ومن أسمائه بلغة أهل فلسطين وما جاورها (شبرية).
ومن السكاكين القاتلة (سچين أم الياي) ينطوي مقبضها على نصل حاد، منها ما يسل جانبياً بسحبه بالأنامل، ومنها ما يندفع إلى الإمام بالضغط على زر في المقبض، يشده إليه مفصل متين مرتبط بنابض (ياي) لا يسمح له بالحركة الجانبية أو الرأسية، وهذا النوع من السكاكين يسمى بلغة المصريين (مطوى) قال شاعرنا ينصح الخمارين بعد هبوط أسعار (العرق) في الثلاثينات :
يخمّارة ابلعوا واسرطوا لا ايكون
بالسچينة أم الياي تتشاقون

ومن ضروب السكاكين الجارحة (قلم تراش أو طراش) وهو شبيه بمشرط الجراح، و(موسى الحلاق) الحاد.

تُفْكَه :
بسكون الفاء أو ضمه، من أصل روسي (فن توفكا) أي بندقية، ويلفظها البعض (تفنكه) والجمع (تفنك)، ومن أسماء البنادق التركية القديمة (قره بينه) وتعني الموت الأسود، وكانت تحشى بالقذيفة، وتوضع الكبسولة (الوارية) المشتملة على البارود تحت مطرقتها، فإذا ضغط على زنادها ثارت الكبسولة ودفعت القذيفة بقوة إلى الأمام.
ومن أسمائها الأخرى (قبغلي، ماطلي، كسرية، مكنـزيه، موزر، شيشخان... الخ) :

قلمي مشحون بالبنبردمان
وتُفك موزر والقبغلي وماطلي

**********
عبود اجه من النجف
شايـل مكنــزيه

**********
فراكهم بچّانــي
چالماطلية بالضلع

و(البنبردمان) كلمة إنكليزية (BOMBARDEMENT) أي رمي القنابل بالمدافع، و(التفاك) حامل التفكة (البندقي) والجمع (تفّاكة)، والهداف الماهر يسمى (سكماني)، والبندقية سريعة الطلقات شاع استعمالها مؤخراً بدلاً من البندقية، أما الرشاش المنصوب على حامل فكان يسمى (مطر اللوز) من الفرنسية (موتورليوس).
والكسرية اسم لبنادق الصيد وتسمى في الديار السورية اللبنانية (بارودة) أو (بارودية) وتحشى بخراطيش من الكارتون الأحمر بداخلها عدد كبير من الخردق (الصچم)، منها بفوهة واحدة أو بفوهتين (مطبجة) :
كلمن مسك بارودية صار صياد يا شاطر

وبنادق الصيد ذات الخردقة الواحدة (صچمة) تسمى بنادق الصچم، ويستعملها الصبيان وغيرهم في صيد العصافير والطيور، وفي حدائق الحيوان تستعمل بنادق خاصة ينطلق منها رأس مدبب يشبه الحقنة الطبية (إبرة) تخدر الحيوان وتشل حركته، فيسهل فحصه ومعالجته.
و(القوانة) أو (البوش) : الظرف النحاسي الفارغ المتخلف عن الإطلاق، ومن أسماء العتاد (خرطوشة، چيلة، رصاصة، فشكة، طلقة.. إلخ).
وقولهم (عمر تفكة) كناية عن طول العمر، فالبندقية لشدة العناية بها كما هو معلوم تعمر طويلاً بحيث يتوارثها الأبناء عن الآباء :
صـح المثل عمر اتفكه خيري مضه وشرّي بكه

وقالوا يشدون من أزر (الشيخ فخري) وهو من زعماء كربلاء الذين ثاروا على الحكم العثماني :
كربلا بورس تفنكه خيمكا بورس فشنكه
شيخ فخري لا تخف
تلملموا تلملمـوا مثل الخلالة بالعثـج

ومعناها : كربلاء كلها بنادق، وخيمكاه – وهي محلة معروفة في كربلاء – كلها عتاد، فاحتشدوا وتجمعوا مثل خلال التمر في العذق.
جريدة العراق 1991