محمد نوشي.. والأغنية البغدادية

محمد نوشي.. والأغنية البغدادية

كمال لطيف سالم
يُعد الملحن والفنان الراحل (محمد نوشي) رائداً من روّاد الأغنية البغدادية والريفية وقد ترك بصماته على جيل كبير من المطربين والمطربات في فترة الخمسينيات والستينيات.
ولد الملحن محمد نوشي في مدينة بغداد في منطقة الكرادة عام 1935 وفي فترة الخمسينات من القرن الماضي، أعطى الملحنون المبدعون الأغنية العراقية طابعاً مميزاً نقلها من الشكل القديم المعتمد على المقام الى الحداثة اللحنية

التي واكبت تطور المجتمع العراقي وكان الملحن محمد نوشي من أبرز ملحني تلك الفترة.
اعتمد الملحن محمد نوشي على مزج اللحن الريفي مع الإيقاع الشعبي البغدادي.
أكمل الملحن محمد نوشي دراسته الفنية على آلة العود في معهد الفنون الجميلة بالإضافة لانشغاله بعمل آخر خارج دنيا الفن. عمل في فترة الثمانينيات في لجنة فحص وتقييم الأصوات الغنائية مع ملحنين كبار في لجنة شكّلت في إذاعة بغداد وخضعت أصوات مغنين عرفوا فيما بعد كمغنين لاختبار هذه اللجنة مثل رياض أحمد وحميد منصور وصلاح عبد الغفور وغيرهم من جيل مطربي الثمانينيات.
كما عمل في إعداد برامج إذاعية عن الريف العراقي وعن الأصوات الريفية، وكوّن فرقة مطربي الريف التي كانت تضم جميع المطربين الريفيين للمشاركة بأغانٍ وطنية عراقية خلال الحرب العراقية الإيرانية.
يذكر الملحن محمد نوشي في أحد لقاءاته الصحفية، بأن المطربين الروّاد العراقيين في فترة الخمسينيات والستينيات كانوا يمتلكون إمكانات صوتية تمكنهم من النجاح والانسجام مع اللحن ولم يعتمدوا على الإمكانات المادية.
أغانٍ طربية مشهورة لحّنها الملحن محمد نوشي لكبار المطربين والمطربات :
المطربة سليمة مراد من كلمات الشاعر عبد الكريم العلاف أغنية"أريد اوصفه لحبي" وعفيفة اسكندر.. لحّن لها أغنية"على مهلك"وأغنية"ياحبايب هلهولة"وأغنية"هزي تمر يانخلة"وأغنية"الروح روحي وأرد اضحيها"للمغنية هيفاء حسين. ويصف الملحن محمد نوشي صوت هيفاء حسين بأنه صوت"محدود"الإمكانات.
للمطربة مائدة نزهت لحّن لها"جرب حظك"وأغنية"حبي وحبك مايتغير"وقصائد مغناة لبرامج إذاعية. اغنية"ياحنة ماخليج"للمغني حسين السعدي، أجمل أغاني سعدي الحلي أغنية"عشك أخضر" وأغنية"ليلة ويوم». للمطربة وحيدة خليل أغنية "هذا منو دك الباب" وأغنية"سبحان الجمعنا بغير ميعاد"،"واليَّ يحفظك ربي يايمة"ويصف صوت المطربة وحيدة خليل بأنه صوت عميق ورخيم.
المطربة لميعة توفيق وللبحة الجميلة في صوتها أبدع في تلحين أغنية"هذا الحلو كاتلني ياعمة"والتي أخذت هذه الأغنية حقها من الانتشار عربياً وإقليمياً بعد سنوات طويلة من غنائها بصوت لميعة توفيق، فقد أدتها مكادي نحاس المغنية الشامية والمغنية المصرية أنغام، كما غناها الأتراك أيضاً وأغنية أخرى للميعة توفيق"هذا منو دك الباب.»
للحديث عن لحن أغنية"هذا الحلو كاتلني ياعمة"فهو أول لحن قدّمه محمد نوشي في مسيرته اللحنية سنة 1954، وقد غنته المغنية المصرية أنغام في حفل خليجي لكونه أقرب الى اللون الخليجي من اللون المصري، فنال استحسان الجمهور في الخليج، والأغنية من كلمات الشاعر اسماعيل جودت، وقد اصبحت أغنية عالمية، حيث غناها أكثر من عشرين مطرباً منهم:
الأتراك، واليون نيون، واللبنانيون، حيث أنها من مقام اللامي الذي يمكن عزفه على جميع الآلات الموسيقية لخلوه من ربع النوت الشرقي.. وللمطرب فؤاد سالم لحّن له أغنية"مو بيدينا نودع عيون الحبايب»، كما لحّن للمطرب ياس خضر أغاني كثيرة وكان آخر عمل لحني للملحن محمد نوشي هو للمطرب ياس خضر بعنوان"كبرنة والعمر ضاع من أدينة».
للمطرب عبد الصاحب شراد"سفرتكم لاتطولوها" و"تتندم"و"ياسفانة .»للمطرب فاضل عواد أغنية"التمن ع الشاطي"
كما قدم لإذاعة بغداد ثلاث قطع موسيقية، هن (سندس)، و(زيونة)، و(عيون النغم)، وهذا بعض من أعماله اللحنية، فالملحن محمد نوشي كان غزير الإنتاج وكثير الإبداع ولم تقتصر ألحانه على الأصوات الطربية العراقية بل تعدّاها الى المطربات العربيات.
رحل الفنان الملحن محمد نوشي عام 2004 عن عمر يناهز السبعين عاماً، بعد أن أثرى التراث الطربي واللحني العراقي وكان السبب في شهرة أغلب المطربين والمطربات في العراق.