مع القاعدة بلا صخب

مع القاعدة بلا صخب

قيس قاسم العجرش
لدينا الآن ثلاثة معطيات مع وجود القاعدة: الأول، عمل التنظيمات الإرهابية العالمية ضمن الولاء للقاعدة دون التبعية الفنية واللوجستية.
والثاني، ظاهرة "تخادم الوجود"بين القاعدة (الإقليمية والمحلية) مع وجود الدكتاتوريات.
وآخر المعطيات، هوالإحساس والتفاعل الأميركي مع المعطيين الأول والثاني.

لم نعد نحتاج الى الكثير لنكتشف إن القاعدة بنسخها المحلية والإقليمية لم تعد جزءاً من كل، كما لم تتحول الى الآن الى تنظيم العنقود الذي ينتهي بجذر خارجي، لذا تحافظ كل المنظمات القاعدية في البلدان التي تتواجد فيها علانية،على أن تنتخب "أميراً" متماهياً مع الواقع المحلي ويمتاز بالحس الرابط بين الأهداف العالمية للتنظيم والأهداف المحلية للجماعات الناشطة في الداخل.
مثال ذلك كانت خطوة إنشاء مجلس شورى المجاهدين في الفلوجة هي تماس أول مع عملية إمتصاص للواقع، كانت الولايات المتحدة تعيش في تلك الأيام من عام 2004 أولى لحظاتها المأزومة والعصيبة مع تطبيق نظرية رامسفيلد في جعل العراق "سايفوناً"للمنظمات الإرهابية في العالم، أيضاً كان هذا الهدف يقتضي بين ما يقتضيه أن تـُستنقذ الأنظمة العربية من جمرات الإرهاب المتطايرة اليها.
صحيح أن القاعدة (نسخة بن لادن الأصلية)تواجدت دائماً خارج الأراضي العربية إلا أن الساحة العربية كانت أهم ميادينها.
وأدركت الأنظمة العربية،بغريزة البقاء في السلطة،أن إستمرار التورط الأميركي بمواجهة من نوع التماس المباشر مع القاعدة إنما هو نوع من العمل الإيجابي للبقاء،وهو أهم نمط من أنماط التخادم المتبادل.
هذا الحِراك، في تبادل المنفعة، بين القوى القاعدية وأعدائها، إنتقل وتسلل للحياة السياسية العراقية عبر"
فرشة "طائفية تسيدت الخطاب العام وعبر عدد من المغفلين السياسيين الذين إعتقدوا في ترويج صبغة طائفية عامة للخطاب السياسي إنما سيكون عاملَ تحديد للخنادق وبالتالي يديم وجودها.
فات هواة السياسة هؤلاء المتحامقين والمرتكبين لأقصى التطرف في الخطاب الطائفي ان القاعدة في عمومها لا تسمح بسيد غيرها على رأس النفيضة الجهادية حتى وإن كان بالقول بلا أفعال ومن هنا تحدثت إحدى وثائق ويكيليكس عن ترابط تركي مع أحد أجنحة القاعدة في العراق وإستلام التنظيم المسلح معلومات إستخبارية عن سياسيين عراقيين مدعومين تركياً، والعهدة على ويكيليكس.
أنجزت القاعدة منجزاتها الدموية عبر ترسيخ مفهوم (الممثل الشرعي والوحيد) للمقاومة (بسحر الكلمة على العقول العربية) كما إنها عملت بهدوء أيضاً على ألا تجعل الانسحاب الأميركي ممكناً إلا أن يكون لها وجود جغرافي محدد(تظاهرة دولة العراق الإسلامية الأخيرة في الموصل هي خير مثال)،أي بوجود مناطق تصنف أمنياً بأنها ساخنة ثم لا يعود للحكومة الكثير كي تفعله من أجل تخفيف سخونة الساخن.
الولايات المتحدة اليوم لن تفعل الكثير بجثة بن لادن، بل إن عليها أن تحتفظ به محنطاً من أجل إحتياجات مستقبلية..الأمر هكذا قد يكون أكثر في جدواه.

ذات صلة