خالد حسيني والروايات الساطعة

خالد حسيني والروايات الساطعة

علي حسين
يكتب كونديرا، أحد فرسان الرواية الحديثة، أن الكتابة بالنسبة للكاتب تعني تحطيم جدار يختفي وراءه في الظلام شيء ثابت (الحكاية). لهذا (وبسبب هذا الكشف المفاجئ والمدهش) فإن"الرواية"تنفذ إلينا بوصفها انبهاراً. قرأت في الأيام الأخيرة روايات الكاتب الإفغاني خالد حسيني، انتهيت من عدّاء الطائرة الورقية، ثم روايته الثانية"ألف شمس ساطعة"،

وبدأت أقرأ روايته الأخيرة و"ردّدت الجبال الصدى"، واسمحوا لي أن أقول إنني شعرت بهزّة عميقة، لقد كنت مبهوراً وأنا اتابع مصائر الأبطال الذين لايختلفون كثيراً عن أناس عشنا معهم خلال الأربع عشرة سنة الماضية، وقد سحرني الكاتب وهو يقدّم لي وصفاً لما فعلته أحزاب الإسلام السياسي في افغانستان لايختلف كثيراً عما جرى لهذه البلاد.
خالد حسيني الطبيب الذي وجد نفسه بحاجة الى اعادة رواية تاريخ حياته، كتب عن افغانستان البعيدة عنه، ولم يخطر له وهو ينتهي من روايته الأولى"عدّاء الطائرة الورقية"أنه سيحظى بناشر. كانت أفغانستان بلداً بعيداً عنه، مجهولاً للعالم حتى ظهرت طائرات بن لادن في سماء أميركا في أيلول عام 2001. عارضت زوجته نشر الرواية بعدما قرأتها، خوفاً من أن يفهم ما كتبه زوجها خطأ، وقالت له إنها تخشى أن يعتقد البعض أنه يستغل مأساة شعبه لمنفعته الشخصية. ولم يتخيل أحد أن"عدّاء الطائرة الورقية"ستبيع أكثر من أربعين مليون نسخة وتترجم الى 70 لغة، رواية ساحرة مثلما كتبت ايزابيل الليندي، وهي تتحدث عن الإخوة والصداقة والرغبة في أن تكون إنساناً طيباً قادراً على النظر في المرآة، والإحساس باحترام الإنسان لذاته.
روايتاه التاليتان"ألف شمس ساطعة"،"وردّدت الجبال الصدى"دخلتا أيضاً لائحة الأكثر مبيعاً، وتجاوزت المبيعات الأربعين مليوناً، أيضاً أنشأ من إيرادات كتبه مؤسسة خيرية في أفغانستان ترعى اليتامى واللاجئين.
يقول لمراسل الغارديان، إنه لايكتب عن أفغانستان بقصد شرح الأوضاع فيها، وإنما لكي يمتّن العلاقة بين القارئ وبلد بعيد أسمه أفغانستان.
إذا كنت أنا منبهراً بما كتبه هذا الطبيب الأفغاني ومتحمساً له، وإن كنت اتمنى على الجميع قراءة أعماله، لأني أعتقد اننا بحاجة الى أدب عراقي بهذا المستوى، لا أطالب بتقليد خالد حسيني، لأنه مثال رائع للأديب الذي يحمل قضية بلاده وشعبه، وإنما لأنني أشعر أن في هذه البلاد روايات وحكايات يمكن أن تجعل من الرواية العراقية تأخذ مكانها الحقيقي في لوائح الكتب الأكثر مبيعاً.