المبدع الكبير محسن فرحان».. أغنية (غريبة الروح) الحبلُ السرّي للأغنية العراقية

المبدع الكبير محسن فرحان».. أغنية (غريبة الروح) الحبلُ السرّي للأغنية العراقية

حاوره: قحطان جاسم جواد
يمثّل الملحن محسن فرحان اسماً كبيراً في اللحنيّة العراقية من خلال مجموعة كبيرة من الأغاني الجميلة التي شكّلت مع أغانٍ أخرى المشهد الجميل في الأغنية السبعينية وما بعدها. ومازال فرحان يحث الخطى في الاتجاه ذاته. ومن يتوقف عند أغنيته (غريبة الروح) يشعر بحجم القيمة الفنية لمستوى هذا الملحن المهم.

في لقاء قال الفنان محسن فرحان:-
ـ مازلت أواصل درب الألحان وأقدّم الجديد بعد مسيرة تجاوزت الأربعين عاماً. تضمّنت المئات من الأغاني منها للمطرب سعدون جابر وكذلك قحطان العطار وفؤاد سالم وياس خضر، الى جانب حميد منصور وأمل خضير وغيرهم.
• ما آخر نتاجاتك؟
– البوم غنائي جديد يتضمن أغنيات لحميد منصور وحسين نعمة. وهناك مشروع مع قناة الفيحاء الفضائية سيرى النور قريباً.
• ماهي مواصفات الملحّن الجيد؟
– الملحن مع الشاعر يمثّل لوناً فطرياً وعليه قبل أن يبدأ بتقييم نتاجاته أن يسمع الموسيقى والغناء والألحان للشعوب الأخرى، حاله حال أيّ كاتب لايقرأ تجارب الآخرين ويفيد منها. ويجب أن يتمتع بخيال خصب يعينه على ألحانه الجميلة، وأن يمتلك الموهبة لخلق الألحان وهي لا تأتي عبر الدراسة أو أي شيء آخر، لأن هبة الله يمنحها لمن يشاء. ولا اعتقد أن كليات الفنون أو المعاهد بإمكانها تخريج ملحّنين بل هي تصقل الموهبة وتوجهها بالاتجاه الصحيح. وعلى الملحن الموهوب تعميق موهبته بالدراسات الأكاديمية للتعرف على النظريات الموسيقية والآلات الموسيقية.
• كم يكّلف إنتاج الأغنية، وهل هناك إمكانية لإنتاجها بكلفة بسيطة تتيح للأصوات الجيدة أن تسجّل جديدها؟
– الأغنية تكلف ما يقارب (25) ألف دولار، وهو رقم كبير، لكن يمكن للفضائيات التي تمتلك الأجهزة الحديثة تخفيف المبلغ الى 3000 أو أقل لإنتاج أغانٍ جيدة تختار مواقعها بكردستان أو أي مكان آخر. ويمكن أن تفرض القناة الكلام الجيّد والملحّن المبدع والصوت المعبّر والتصوير الجميل. وبذلك تصنع أغاني جيّدة للساحة الغنائية.
• حدثّنا عن أغنيتك الرائعة (غريبة الروح) التي كتبها جبار الغزي وأداها المطرب حسين نعمة؟
– الأغنية تمثّل مرحلة مهمة في حياتي وحياة حسين نعمة، لأنها تؤشر لخطّ السبعينات، وقالوا عنها إنها الحبل السري للأغنية العراقية، ومعها أغنيات أخرى لأموري والقرة غولي وكوكب حمزة، وهي علامات مضيئة في الغناء العراقي، وأنا سعيد وفخور بهذه الأغنية المهمّة.
• كيف ترى جيل الشباب من المطربين والملحّنين؟
– هناك مطربون وملحّنون جيّدون، كما أن هناك ملحّنين ومطربين سيئين، لكن اغلبهم ركب موجة النجومية، فهم يريدون أن يصبحوا نجوماً بسرعة بغض النظر عن القيمة الفنية التي يقدمونها، وهذا غير صحيح أبداً، فنحن جيل السبعينات ومابعده، لم نكن نبحث عن نجومية أو مال، بل كنا نقدّم فنّاً أصيلاً ينافس الأغاني والألحان الكبيرة في الساحة، ولم نفكر كم سنجني مالاً عنه، كنا ننظر للفن على أنه رسالة سامية، وهو كذلك.
ويفترض بهم أن يقدموا أغنيات تسمعها الناس ولتطور ذائقتهم الفنية لا أن تسيء إليهم، كما حصل مع بعض الاغاني الهابطة، وعلى الجيّدين من هذا الجيل تسلّم الراية للسمو بالأغنية العراقية والأخذ بها نحو شاطئ الأمان وعدم الإساءة للناس وجعل ذائقتهم تنحدر نحو الغناء السيّئ والهابط.
* هل تعتقد أن الأغنية الجيّدة التي كانت أيام السبعينات بالإمكان عودتها اليوم؟
– من الصعب إعادتها، لأن الجيل الذي كان يمثّلها رحل عنا أو سكت أو سافر. كذلك انسحاب الشعراء ووفاة أو توقف معظم ملحّنيها. فلا اعتقد أن هناك امكانية لإعادتها. لكننا نعوّل على الجيّدين والمبدعين ممن تبقّى في الساحة أن ينهض بالأغنية العراقية مجدداً.
• تعاملت مع الكثير من الشعراء والمطربين، فما هي الأغنية الأقرب إلى نفسك من أغانيك؟
– معظم أغنياتي هي ورود جميلة تختلف بألوانها وعطورها، وأنا اعتز بكل ما أنجزته خلال مسيرتي الفنية. لكن هناك أغنية جميلة جداً لم تأخذ مداها الإعلامي هي أغنية (ناطر عيونج) للمطرب سعدون جابر وكتبها الشاعر جبار الغزي.
• بماذا تنصح الشباب من الملحّنين؟
– بصراحة أقول، إن هذا الجيل لا يقبل النصيحة ومن الصعب توجيه النصح لهم. وكما تقول أغنية قديمة (ادليه الدرب منا يكولي لا مناك) فلهم أجواؤهم الخاصة التي تختلف عنا، كذلك رؤيتهم للغناء تخالف ما تربيّنا عليه، ولا علاقة لهم بالأغنية التي صنعناها في السبعينات. وبعضهم جاء بلون جديد وجميل، واتوقع له أن يحقّق نجاحاً أكبر منهم، علي صابر ونصرت البدر وحسن فالح وضياء الدين، وقد نجح لونهم حتى في الوطن العربي، وانصحهم بالتمسك بالأصالة والعراقة للأغنية العراقية، لاسيّما في اختيار الكلام والابتعاد عن الابتذال فيها.
*إذا عاد بك الزمن سنوات طويلة ولحنّت أغنيةً فلمن تعطيها من الأصوات الغنائيّة؟
– بدون تردّد اختار صوت سعدون جابر.
• لمـاذا؟
– لأنه صديقي، ولا تنسى إننا نعيش زمن المحاصصة، فلا تستغرب أن اختاره كجزء من المحاصصة (قالها بضحك ودعابة) وهي محاصصة جيدة. وعلى السياسيين أن يختاروا محاصصتهم بوعي ولأناس يستحقون ذلك..