باسم عبد الحميد حمودي.. فيضُ العطاء الدائمْ

باسم عبد الحميد حمودي.. فيضُ العطاء الدائمْ

قاسم خضير عباس
في بداية السبعينات من القرن الماضي، كنت طالباً في كلية الآداب جامعة بغداد، تعرفت على الأديب القاص باسم عبد الحميد حمودي، من خلال قراءتي لمجموعته القصصية الأولى (أنا عاطل) وعرفت في حينها أنه أحد خريجي قسم التأريخ في الكلية نفسها.

بعدها تعرفت عليه باحثاً فولكلورياً من خلال أطلاعي على دراسة قيّمة نشرت لهُ في مجلة التراث الشعبي عام (1972) عنوانها: (السواني عند عشائر الدغارة) والسواني هي مجموعة القوانين والأعراف التي تحكم سلوك أفراد العشيرة وعلاقتهم بالعشائر الأخرى. ومن هذا المقال ظننتُ أن الرجل من مواليد وسكان الدغارة التابعة لمحافظة القادسية (الديوانية سابقاً) لاكتشف لاحقاً، أنه من مواليد بغداد/ الكرخ. وكتابته عن (السواني عند عشائر الدغارة) جاءت لكونه كان مدرّساً ومديراً لثانويتها. وعرفت أيضاً أن والده كان مديراً لإحدى مدارس (أبو صخير) القريبة من النجف الأشرف والتي تلقّى الباحث الجليل تعليمه الابتدائي في إحدى مدارسها. وعرفت أيضاً أن الباحث ووالده، قد تنقّلا في عملهما التدريسي في أغلب محافظات الجنوب والفرات الأوسط، ولهما ذكريات مع سكان وعشائر تلك المحافظات، هذه الذكريات كان لها الأثر الكبير في عمل الباحث التوثيقي والبحثي ودراساته عن تلك المجتمعات والتي تمثّلت بدراسته عن (السواني عند عشائر الدغارة) وكتابه المعنّون (القضاء العرفي عند العرب) بداية الثمانينات من القرن الماضي. جمعتنا أروقة دار الجاحظ للنشر الواقعة في شارع الجمهورية (الخلفاء)، هذه الدار كانت معنية بإصدار المجلات الثقافية، حيث كنت أعمل محرراً في مجلة التراث الشعبي، وكان مدير الدار في حينها القاص الراحل (موفق خضر) وتولى الأستاذ باسم عبد الحميد، إدارتها لفترة وكالة الى جانب عمله في مجلة الأقلام.
في الحقيقة أنني كنت معجباً بهذا الرجل الذي تذكّرني نظارته السوداء، بنظارة عميد الأدب العربي الدكتور (طه حسين) الى جانب ابتسامته العريضة التي يقابل بها جميع من يلتقي بهم. كان شعلة من النشاط والإنتاج الثقافي، محبوباً من الجميع ويسعى في خدمة الجميع، وأعتقد جازماً بأنه أمتاز عن غيره من الأدباء والمثقفين، بأنهُ الوحيد الذي لا أعداء لهُ. أخلاقهُ أخلاق العلماء. أخذ بأيادي الكثير من الأدباء الشباب وقوّم تجاربهم وأسهم في اكتشاف مواهبهم، ولاسيّما أنهُ كان ناقداً أدبياً، بل من أبرز النقّاد في الساحة الأدبية العراقية. وتولى رئاسة تحرير مجلة الأقلام، التي تعنى بالأدب الحديث. وكذلك رئاسة تحرير مجلة الثقافة الأجنبية التي تعنى بالثقافة والفنون بالعالم. وكذلك كان سكرتير تحرير مجلة الروّاد التي تُعنى بكتابات الروّاد. وتولى رئاسة قسم النشر في دار الشؤون الثقافية. في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، تولى رئاسة تحرير مجلة التراث الشعبي التي تُعنى بالدراسات الفلكلورية والتي نشر عبرَ صفحاتها العديد من البحوث والدراسات الفلكلورية والتي أبرزها على ما أذكر :

- أسطورة تموز وتأثيرها على الشعوب الأخرى
- الأعياد عبر الزمان والمكان
- الآلات الموسيقية التقليدية في السودان
- ألف ليلة وليلة من أصوله العربية
- أهل بغداد في مواجهة الغزاة والطامعين
- أوراق من تأريخ العراق
- البلدانيات العراقية في مجلة لغة العرب
- تنوع التراث الشعبي
- الحفاظ على إنسان الفلكلور
- حمد آل حمود بين التأريخ والتراث الشعبي
- حملة الحبوبي ضد الإنكليز بين مذكرات الشرقي وشعر الشبيبي
- الخفاجي عامر العراقي (1-4)
- الديوانية
- الرواية العربية والتراث الشعبي
- الرواية وألف ليلة
- السحر الأسود
- السيرة الشعبية والذات العربية وغيرها الكثير.

إضافة الى إسهاماته التراثية المنشورة في مجلة البحرين الثقافية ومجلة الحداثة البيروتية ومجلة الرافد الإماراتية. فيما جمعنا التراث الشعبي للكتابة لصفحة ثقافة شعبية في جريدة الجمهورية البغدادية، هذه الصفحة التي كان يشرف عليها الشاعر المبدع عبد الزهرة زكي، وكنا أنا والباحث باسم عبد الحميد حمودي، نعرف في هذه الصفحة بعلم الفولكلور ومحاوره الأساسية، كذلك شكّل الأستاذ عبد الحميد في مجلة التراث الشعبي (وحدة دراسة ألف ليلة وليلة) في عقد التسعينات، هذه الوحدة تُعنى بكل ماكتب عن ألف ليلة وليلة.
فيما كان للمجلة حضورها في الاحتفالات بيوم بغداد، هذا الحضور تجسد بإقامة ندوة بغداد للتراث الشعبي التي يتناول فيها لوناً من ألوان التراث الشعبي، كذلك إقامة المجلة ندوة عن الشعر البدوي. وكان للباحث حضور في أغلب المؤتمرات التي تُعنى بالتراث الشعبي الداخلية والخارجية وفي مجال التأليف في حقل التراث الشعبي نقرأ له المؤلفات الآتية:

1- التراث الشعبي والرواية العربية. الذي نال عنه جائزة الإبداع في النــــقــــد الأدبـي.
2- أبحاث في التراث الشعبي
3- عادات وتقاليد في التراث الشعبي
4- كتاب شارع الرشيد
5- تغريبة الخفاجي عامر العراقي، صدرَ ببغداد عام 1989 وأعيد طبعهُ في القاهرة عام 2000.
6- ولعلّ أبرز كتبه الصادرة عام 2000 كتابه (سحر الحقيقة) فقد ضم دراساته المنشورة في مجلة التراث الشعبي.

كُرّم الباحث باسم عبد الحميد حمودي، بميدالية التراث الشعبي في لبنان، وكذلك كرّمته وزارة الثقافة الأردنية لقيامة بتحكيم جائزة الدولة الأردنية في حقل التراث الشعبي، وانتخب أميناً عاماً لرابطة التراث الشعبي للكتّاب العرب، لايزال الباحث باسم عبد الحميد حمودي، شلالاً من العطاء الأدبي والتراثي والتأريخي، وهو يدخل عامه السابع والسبعين.
العمر المديد لشيخ المثقفين والتراثيين، وأرى أن تقوم الجهات الثقافية الرسمية برعاية وتكريم هذا الشيخ الجليل لما قدّمهُ للعراق وثقافته متمنين لهُ الصحة التامّة والعمر المديد في ظل حب الجميع لهُ.