قوس قزح لـ د.هـ.لورنس.  تأريخ لتحولات المرأة الإنجليزية.

قوس قزح لـ د.هـ.لورنس. تأريخ لتحولات المرأة الإنجليزية.

عادل نصار
تعتبر رواية د.ه.لورنس"قوس قزح"الصادرة لدى دار المدى في طبعتها الثانية في عام 2010، وقد قام بترجمتها إلى العربية فاضل السعداوي وراجعها سعدي يوسف، الجزء الأول لرواية لورنس نساء عاشقات.
الرواية عبارة عن تأريخ للتحولات التي طرأت على وضعية المرأة الإنجليزية في أواخر القرن التاسع عشر ومحاولاتها لأجل تحرير نفسها من القيود التي تكبلها بها العائلة والمجتمع.

لأجل ذلك يسرد لنا لورنس تاريخ ثلاثة اجيال من عائلة مزارعة في بريطانيا ميسورة الحال، وطبيعة حياتها اليومية، فيصف وحتى الجيل الثاني كيف تتكرر الحياة بأدق تفاصيلها من العمل إلى العلاقات الغرامية فالزواج المحتم فإنجاب الأولاد وتربيتهم وقسمة الأعمال التاريخية بين المرأة والرجل والصراع على السلطة والكلمة الفصل والجنس والرغبات المكبوتة غير المصرّح عنها.
إلى أن يأتي الجيل الثالث الضاج بأحاسيسه ووعيه بضرورة تغيير الأوضاع رأساً على عقب فنشهد ولادة امرأة من نوع مختلف تعي تماماً رغباتها واحتياجاتها ومتطلبات جسدها، وما تريده من الحياة، وهو بالتأكيد ليس المنزل والزواج وإنجاب الأطفال بل أن تعمل وتكافح وأن تكون عنصراً مشاركاً وقوياً في عالم الرجال، وأن تجرب جسدها وتطلق حريته وأن تستمتع به ليس مع رجل واحد، وأن يفكر الرجل بها ويحبها لذاتها لا أن يحب ما يرغب أن تكون عليه.
لذلك نرى البطلة في الرواية تدخل في مغامرة فاشلة بسبب العجز عن الوصول إلى التناغم بينها وبين بطل مغامرتها، فالرجل لا يعرف سوى أن يخضعها، وأن يرى رغباته أو الاستسلام لرغباتها، ولأنه لا يرى نهاية منطقية للعلاقة إلا الزواج وهي ترفض ذلك، وتريد أن تخضع نفسها وجسدها لتجارب عديدة ومتنوعة، ولا مانع من الدخول أيضاً في تجارب مثلية الجنس.
فنرى البطلة تتحدى العائلة والمجتمع وترفضهما وترفض كل أساليب العمل والمهن القائمة وفق نظام الآلة، وترفض هذا العالم المادي القائم على إنتاج قيم تجارية صارفاً النظر عن القيم الجمالية والقيم الأخرى.
في هذه الرواية نحن أمام نموذج ثائر يريد تحطيم كل التقاليد والعادات البالية، نحن أمام امرأة حديثة تريد أن تأخذ مصيرها بيدها، وأمام زمن كل شيء يتغير فيه، فما عادت المرأة كما كانت، بل تعلن عن وصولها في ذلك الزمان وتفرض بقوة إرادتها وإصرارها أن يكون لها مكان في خارطة المجتمع الذكوري.

عن/ الحوار المتمدن