سامي سعيد الاحمد من اعلام العراق

سامي سعيد الاحمد من اعلام العراق

عذراء عدنان
الحزين جدا وجود شخصيات عراقية مبدعة وذات صدى عالمي ونحن كعراقيين المفروض مثقفين لا نعرف عنهم أي شي حتى لم نسمع عنهم هذا شي صعب جدا حيث هذه الشخصيات لديها مجهود عظيم والذي يزيد حزني نعرف عن هذه الشخصيات بعد ان يتواروا في التراب ولكن لعل الله له حكمة في هذه وجعلنا ننتبه وتسليط الضوء عليهم وايفاءهم القليل من حقهم

ومن الشخصيات التي ساتكلم عنها ولديها حضور عالمي كبير ولا نعرف عنها الا القليل هذه الشخصية هي الدكتور والمؤرخ العراقي سامي سعيد الاحمد وله دراسات وابحاث وكتب قيمة تتكلم عن العراق وتأريخ العراق القديم ومن محاسن الصدف عرفت انه والد احدى الزميلات في الجامعة المستنصرية وتعاونت معي مشكورة في كتابة هذا المقال وبدأت بحثي لايجاد معلومات عنه ووجدت معلومات كثيرة قيمة وغنية لهذه الشخصية سعدت كثيرا لهذه المعلومات وكم ممتع ان يكون لي الشرف في الكتابة عن شخصية الاستاذ سامي سعيد الاحمد.
الدكتور سامي الاحمد اب عراقي حنون عطوف متسامح لابعد الحدود وشديد لابعد الحدود لذلك كانت ابنته تسميه السهل الممتنع وعلاقته باسرته علاقة حب ومودة واحترام كان دائما متسامحا وصريحا ومتصالحا مع نفسه وانعكس ذلك بعلاقته بأقاربه فكان متسامحا مع الجميع رغم المشاكل وكان يجد الاعتذار ليصطلح معهم بحيث يؤثر عليه سلبيا ولا يحب الخصام وكان غيورا جدا على عائلته وغيورا على العراق وعلى اهل العراق كان يحب الطبقة الفقيرة ويدعمها وكان لا يطيق ان يتكلم أي احد عن العراق وتأريخه بغير بحق كم نحن محتاجون لهذه الغيرة ولهكذا شخصيات.
برغم تطلعه لفلسفة الغرب من الناحية الدينية وايمانه بمقولة بعض الفلاسفة المعاصرين (من عرف الله حق حقيقته تسقط عنه الفرائض) لكنه بقي يؤدي الفرائض من صوم وصلاة.
فلنتعرف على سيرته الذاتية الملهمة ولادته ودراسته واهم اعماله وانجازاته.
الدكتور سامي الاحمد من مواليد مدينة الحلة عام 1930 حيث اكمل دراسته الابتدائية والثانوية ونشأ في بيت يرعى الادب فعلى الرغم من ان والده لم يكن اكاديميا الا انه كان منكبا على القراءة ولديه جملة من الاصدقاء الاكاديمين المثقفين وكان يسمح لسامي الجلوس معهم والاستماع الى نقاشاتهم.
تخرج الاحمد من الثانوية عام 1948 وتمنى ان يقبل في قسم التأريخ والجغرافية، وكان له ذلك حيث تم قبوله في دار المعلمين العالية.
عندما كان الاحمد فتيا كان التأريخ يستهويه وزاد ولعه فيه عندما شعر في دار المعلمين ان التأريخ اكثر عمقا مما عرفه سابقا فبدا يقرا بنهم ولم تشبعه مناهجه الدراسية فراح يبحث في مصادر خارجية ويلخصها ويعلق عليها وينتقدها بينه وبين نفسه حتى امتلك مكتبته الخاصة الرائعة التي اهلته ليكتب في التأريخ وحالما تخرج عام 1952 بدا يكتب المقالات في التأريخ في جريدة صوت الفرات ثم عمل في التدريس حتى عام 1955 ولرأي اساتذته الافاضل امثال الاستاذ طه باقر انتدبته وزارة المعارف لاكمال دراسته في امريكا وهنا بدا فصل جديد في حياة الدكتورالاحمد حتى كأنه دخل عالما جديدا.
كانت ايامه الاولى في امريكا مملؤة بالسحر والدهشة في عوالم غريبة عليه جديدة ادهشته مكتبة جامعة شيكاغو كانت تحوي كتبا في كل المجالات وباي لغة معروفة في العالم كان منهاج الدراسة كتابة التقارير بشكل مستمر فكان الاحمد يكتب التقرير على انه مؤلف فيزينه بالمصادر والهوامش والفهارس فانتبه اليه الاساتذة فقال له (إكناس كليب) يا سامي انت مؤلف علمي منذ الان وهو من علمه درسه اللغة الاكدية.
كان الاحمد يناقش ويجادل اساتذته في نظرياتهم عن التأريخ وينقل لهم الدلائل. كان من يدرس التأريخ في امريكا يجب ان يدرسه بلغتين حيوية على الاقل كالالمانية والفرنسية بالاضافة الى دراسة اللغات القديمة كالسومرية والاكدية والارامية واليونانية واللاتينية ويجب ان يدرس آثار العراق ومصر وسوريا وفلسطين واسيا الصغرى واليونان والرومان ذلك لانها كلها مرتبطة وتؤثر على بعض فاتقن الدكتور الاحمد كل هذا.
اكمل الاحمد دراسة الماجستير والدكتوراه في عام 1962 وكانت رسالة الدكتوراه تتكلم عن موضوع لم يتطرق اليه احد وهو جنوب العراق في زمن الملك اشور بانيبال وتوصل الى نتائج لم يصل اليها باحث من قبل لذلك عرض عليه طبع رسالته على شكل كتاب ونشره من قبل دار موتون الاوربية فشجعه اساتذته على قبول هذا العرض الذي كان بمثابة تكريم واعتراف لنتيجة بحثه، وكان قبول هذا العرض بمثابة بوابة للاحمد الى العالم لما سيناله من سمعة، وهذا ما حدث فنشرت رسالته وهي واحدة من اهم مؤلفاته.
عندما تخرج عام 1962 بشهادة الدكتوراه اعطي لقب استاذ مساعد في جامعة دنفر في ولاية كولورادو الامريكية وقليل ما تقوم جامعة دنفر بذلك مع الخريجين الجدد وكان ذلك بتوصيات من جامعة مشيغين.
درس فيها خمس سنوات وتخرج على يديه اساتذة كان لهم باع كبير في العالم القديم فيما بعد واصبح يدعى ليحاضر في جامعات مختلفة ونواد ثقافية وذاع سيطه واخذت مؤلفاته تثير الجدل وراح يدعى لحوارات تلفازبة واستشارات ودعته مؤسسة ناشيونال جيوغرافيك للكتابة في مجلتها وهذه مكانة لا ينالها الا القلة من العلماء. ولا يقف الامر عند هذه النقطة حيث طلب منه الاستاذ الكبير والمؤرخ العالمي المعروف ارنولد توينبي كتابة موضوعين عن الشبك والأيزيدية قائلا لن استطيع ان اجد احسن من الاحمد في كتابة هذا الموضوع.

وطلبت دار فيلد في فلوريدا واحدة من اشهر دور النشر في العالم ان تنشر مؤلفاته وفعلت ذلك. وبالرغم من كل المغريات في امريكا وما نال من شهرة ومعرفة قرر الاحمد ترك كل هذا وعاد الى احضان العراق، حيث عاد الى بغداد عام 1967 ليغدقها بما ناله من علم ومعرفة.

وبدا رحلته التدريسية في جامعة بغداد وكانت طريقته ذاتها التي اتبعها في جامعة دنفر.

كان بيت الدكتور الاحمد يحتوي عشرات النسخ من محاضرة واحدة شطب وصحح وحدث فيها مرارا وتكرارا كان كثيرا ما ينتقد طريقة النقد النابع من العاطفة البعيد عن الموضوعية خاصة في التأريخ الاسلامي وكان غالبا ما يوصي بان النقد يجب ان يستند على حقائق علمية بل ويكتب باللغات العالمية. في جامعة بغداد اخذ الدور الذي اخذه اساتذته في احتضانه فراح يرعى ويدعم النابهين من طلابه مثل الدكتور صباح الشيخلي والاستاذ فلاح حسن.

كان الدكتور الاحمد قبل كتابة أي كتاب يجمع معلوماته باكملها عندما قرر تأليف كتاب عن الايزيدية ذهب هو وعائلته الى الشمال حيث يتواجد الايزيدين وجمع كل المعلومات عنهم، كيف يعيشون وماذا يعبدون وكل ما يتعلق بهم وكان يتصل باصدقائه في المانيا ليتفق معهم على المعلومات وكيف ستترجم الى اللغة الالمانية ونفس الشئ عندما تترجم الى اللغة الانكليزية.

كان الدكتور الاحمد عضوا في عدد من الجمعيات التأريخية منها : جمعية المؤرخين والآثاريين العراقيين و اتحاد المؤرخين العرب وجمعية شمال امريكا لدراسات الشرق الاوسط وجمعية معهد دراسات اواسط وغرب اسيا ومركزها في كراتشي بباكستان.

من اهم كتبه :
1 ـ جنوب العراق في حكم اشوربانيبال.
2 ـ العقيدة اليهودية.
3ـ الاصول الاولى لافكار الشر والشيطان.
4 ـ سميراميس.
5 ـ الأله زوس.
6 ـ الأسلام نظريا وعلميا.
7 ـ السومريون وتراثهم الحضاري.
8 ـ الايزيدية.
9 ـ ملحمة جلجامش.
10 ـ العراق القديم.
11 – اسماء العراق.
12 – اللغات الجزرية.
13 – شخصيات من العراق القديم.
14 – المعتقدات الدينية في العراق القديم

وفي اواخر التسعينيات ترك الدكتور الاحمد العراق وعمل محاضرا في جامعة مشيغين الامريكية التي كان لها الاثر الكبير في حياته.
ان ما خلفه الدكتور سامي الاحمد من ارث هو مصدرا مهما ليس لتأريخ العراق وحسب أنما للتأريخ العالمي ايضا فقد كتب في اهم الحضارات القديمة وفي اهم الموضوعات صدرت الكثير من كتبه بعدة لغات لانه كان يكتب في الامور التي لم يتطرق اليها احد.
مما كان يهمني ان اسال كيف كانت رؤيته للعراق الحاضر ورؤياه المستقبلية كان متيقنا بما سيحدث للعراق من نكبات ولان العراق كان في عين الدكتور الاحمد كبير جدا بتراثه وتأريخه وموقعه وشعبه ولكن منذ الثمانينات كان:
"يقول سوف يكون مستقبل مظلم ولكن لفترة لان تأريخ العراق عريق وأصيل جدا وبسبب ذلك فأنه سيبقى ولا يموت ابدا". مهما كانت المحاولات وبعونه تعالى العراق لن يموت بوجود شخصيات مثل شخصية الدكتور سامي الاحمد في تأريخه
توفي الدكتور سامي سعيد احمد الاحمد عام 2006 تاركا كما من الابحاث والمؤلفات ومكتبة كبيرة وغنية بالكتب فرحم الله الدكتور سامي الاحمد وليتغمد الله رو حه وليسكنه فسيح جناته وليكن الله في عون العراق والعراقيين وينتهي هذا الوقت العصيب.
وفي خاتمة المقال اود ايصال رسالة من ابنة الدكتور الاحمد تبلغه سلامها وتتمنى ان تراه ولو لمرة واحدة وتقبل يديه على ما قدمه وما زال حتى وهو تحت رحمة الله سبحانه وتعالى للعلم وتأريخ العراق وتبلغه ان تلاميذه د.انيس واستاذ مازن واخرين كتبوا ويكتبون عنه وعن ما قدمه مما جعلني اراك بصورة اخرى اكبر واجل ونقول مثلما قالت دينا سامي ابنة الدكتور سامي الاحمد ان العراق الذي كان يبكيك دائما سيكون بخير فنم قرير العين وسترجع متاحف العراق وما تحمله من تأريخ وتراث كما كانت لطالما كنت قلقا عليها وما تحمله من قيم تاريخية ثمينة.