اورهان باموق في حوار عن الأدبِ والسياسة:

اورهان باموق في حوار عن الأدبِ والسياسة:

أكتب عن أشخاص أعرفهم، مثل جميع المؤلفين، ولكني أكتب عن الإنسانية من خلال مدينتي اسطنبول

ترجمة/ المدى
صدرت مؤخراً رواية جديدة للكاتب التركي اورهان باموق، الذي يبلغ من العمر الآن 65 عاماً، وهذه هي روايته العاشرة، عنوان الرواية"المرأة ذات الشعر الأحمر". وتدور أحداث الرواية عن رجل يعمل في حفر الآبار ومساعده الشاب يعيشان في بلدة تركية تقع خارج اسطنبول، وكيف تتحطم العلاقة الوثيقة التي كانت تجمعهما والرواية

تبيّن انشغال الكاتب و اهتمامه الدائم بالعديد من المواضيع التي تشكل محور أعماله السابقة، بما في ذلك تاريخ تركيا المحفوف بالمخاطر والمشاكل، والانقسامات بين الريف والمدينة داخل المجتمع التركي والعلاقات بين الجنسين.

والكاتب اورهان باموق هو أيضاً مؤلف للعديد من الكتب والمقالات غير الروائية، عن بلده تركيا. وتم انتقاد باموق وحتى محاكمته من قبل الحكومة التركية لدفاعه عن حرية التعبير ولفته الانتباه إلى الإبادة الجماعية التي تعرض لها الأرمن والمعاملة التي يتلقاها المواطنون الأكراد. في هذه المقابلة يناقش الكاتب، حملات التطهير السياسي التي تجري حاليا في بلاده، وكيف تغير أسلوبه في الكتابة على مر السنين، وعن عمله الروتيني في الكتابة.

* قرأت مقابلة معك، قلت فيها أنك تعمل نحو 10 ساعات في اليوم. هل هذا صحيح؟
- طبعا أكيد. أنا سعيد بالعمل.في الكتابة ولا اعتبر كتابة الرواية عملاً لأنني أشعر بأنني صبي يلعب مع ألعابه طوال الوقت.
* إذاً هل تعتبر كتابة الأعمال غير الروائية عملاً؟
- كلا أنا حالياً اكتب رواية وعقلي مشغول معظم الوقت في اختراع الأشياء بدلاً من الانشغال بالواقع وتأليف كتب غير روائية.
* هذا صحيح، ولكن عندما تؤلف كتاباً غير روائي، هل تشعر أن ذلك عملاً واجباً؟
- إنه يشعرني بقربي كثيراً من العمل الصحفي. ولكني في الوقت الحاضر، لا أكتب سوى عن الأشياء التي أرغب في الكتابة عنها، وتجعلني اشعر دائماً مثل صبي يلعب بلعبة، اخترع شيء ما، وتجعلني اشعر بالمتعة. أنا بالتأكيد كاتب سعيد.
* كيف تختلف عملية كتابة روايتك العاشرة عن بداياتك في الكتابة؟
- في بداياتي، قبل ما يقرب من 40 عاماً، كانت كتاباتي أكثر ملحمية، وأكثر موسوعية، وربما أكثر تجريبية أيضاً. ولكن هذه المرة، أردت أن أكتب رواية قصيرة تتضمن شيئاً من الميتافيزيقا والفلسفة، أردت تقريباً أن أروي قصة واقعية عن رجل ماهر في حفر الآبار ومساعده. كان هذان الشخصان يعيشان في الأرض المجاورة للمكان الذي عشت فيه في صيف عام 1988. كان ذلك في احدى الجزر، وكنت أكتب احدى رواياتي. هذان الشخصان هما آخر الحفارين الذين يعملون بأساليب قديمة، وكانوا حينها لا يزالون يمارسون عملهم في محيط اسطنبول. لأنه لم يكن يوجد ما يكفي من مياه الإسالة الحكومية، وبخاصة في السبعينيات والثمانينيات، فقد حفر الجميع آباراً للحصول على المياه في حدائقهم الخاصة. لاحظت أن علاقتهما اصبحت بمرور الزمن مثل علاقة أب مع ابنه وليس بين أسطة حفار وصبيه الذي كان في سن المراهقة. كان ذلك الأسطة يعلّم الصبي واحياناً يصيح في وجهه، لكنه كان يغمره بالحنان والحماية والرعاية، كنت الاحظ ذلك في كل مرة، كنت أنزل فيها في الليل الى وسط المدينة. علاقتهما تلك حرّكت مشاعري، ربما لأنني تربيت على يد والد لم يكن متواجداً معي كثيراً، ولم يحاول السيطرة عليّ. وفي الواقع، كان هذا هو حال والدي- كان لا يعرف الكثير عني.
* هل ما زال والدك حياً؟ أم أنه قد رحل؟
- لا، لقد توفي.
* متى توفي؟
- قبل اثني عشر عاماً.
* هل سبق له وأن قرأ أياً من رواياتك؟
- نعم، لقد دعمني كثيراً. لقد كتبت نص خطاب قبول جائزة نوبل عن حقيبة والدي. لقد أراد أن يكون شاعراً. وقد كتب الشعر. لم يكن ناجحاً، لكنه لم يعمل من أجل أن ينجح. لذلك، اعطاني قبل وفاته، مجموعة من كتاباته، وكتبت مقالاً عن ذلك. وكان مقالاً شعرياً أيضاً.
* هل تتذكر شعورك عندما قرأ أوّل شيء كتبته؟
- كان لطيفا جداً، ومحترماً جداً. لقد تأثرت بحقيقة أنه لم ينتقدني. لقد كان يعاملني انا، وإخواني أيضاً، كما لو كنا عباقرة، وعلاقتي مع والدي تشكل جوهر هذا الكتاب. وبالإضافة إلى كونها رواية، وانا اقصد رواية المرأة ذات الشعر الأحمر، ذات جذورعاطفية شخصية، فهي أيضاً مقاربة خيالية لمسرحية سوفوكليس 'أوديب ملكا، وهي عن قتل الأب من قبل الابن، ويمكن مقارنتها بالحكاية الكلاسيكية شاهنامه التي كتبها الشاعر الفارسي الفردوسي، أو ملحمة الملوك، وهي تحكي قصة رستم وسهراب، الذي هو أيضاً نظير لأوديب ولكن في هذه المرة، فإن الأب هو من يقوم بقتل الابن. وتمثل هاتان الملحمتان النصوص الأساسية للحضارات الغربية والإسلامية.
تعلمون انني في كل عام، أقوم بالتدريس في جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة، وقد نقشت في أعلى مكتبة بتلر التابعة لجامعة كولومبيا، وبحروف كبيرة، أسماء سوفوكليس، وأرسطو، وأفلاطون، وشكسبير. ومن المعروف أن جامعة كولومبيا تتميز بتدريسها الأعمال الكلاسيكية. وكنت أسأل نفسي،"وماذا عن الأعمال الكلاسيكية الشرقية؟ هل يوجد شيء يمكن مقارنته مع أوديب ملكا؟".
نحن نميل إلى ربط أوديب مع النزعة الفردية لأنه لا يزال يحظى بالاحترام رغم انه قتل والده،. ونميل إلى ربط رستم، الأب الذي يقتل ابنه، مع النزعة السلطوية. لماذا؟ لأن نص ملحمة الشاهنامه للفردوسي يدور بأكمله عن رستم وسهراب وعن شرعية قتل الأب لابنه. أعتقد، اننا قمنا بتحديث، الطريقة التي نقرأها بها، مسرحية سوفوكليس 'أوديب ملكا هي تضفي أيضاً نوعاً من الشرعية على قتل الابن لأبيه. نحن نحترم أوديب، ونتفهم معاناته ونتعاطف معها وعندما نتفهمه، نحترم أيضاً تجاوزاته. لذلك، أردت أن أكتب عن هذه الأشياء الآباء والآبناء. عدم وجود الآباء، التصرفات الفردية التي يقوم بها الابن.
* هل تشعر بنفس الشعور الآن بعد مرور عام على الانقلاب؟
- كلا، لا أشعر بنفس الشعور الآن. أنا ممتن لهؤلاء الناس، ولكن الحكومة استخدمت الانقلاب العسكري للتخلص من معظم الليبراليين. يتم فصل معظم الناس الذين انتقدوا الحكومة من عملهم في الحكومة. وهناك الآن 40 الف شخص في السجن وتم اعتقال 140 صحافياً كتابة الروايات ليست مشكلة في تركيا، ولكن إذا غامرت في الحديث في السياسة مثلما يفعل الصحافيون والمعلقون السياسيون، فستوقع نفسك في ورطة.
* وبهذه الطريقة أوقعت نفسك في ورطة كذلك، عندما تحدثت في السياسة والتاريخ.
- نعم فعلاً. حدثت لي العديد من المشاكل مع الحكومة، ليس بسبب رواياتي، ولكن بسبب المقابلات والأشياء التي قلتها، وكنت أسأل دائماً عن ارائي السياسية. كما تعلمون، فإن القوالب النمطية القديمة والمفاهيم الجامدة حول قمع الكتاب كانت ترتكز في معظمها على نماذج من الاتحاد السوفييتي أو ألمانيا في الثلاثينيات، حيث لم يتمكن البعض حتى من الكتابة، مثل ما حدث مع كافكا. يمكنك كتابة رواية مثل رواية كافكا، ولن يزعجك أحد، طالما أنك لا تنتقد الحكومة. ولكن إذا انتقدت الحكومة ستعرض نفسك للمشاكل - لدي أصدقاء في السجن لمجرد انهم قاموا بانتقاد الحكومة. هناك العديد من الناس الشجعان هنا في تركيا.. تركيا ليست فقط الحزب الحاكم أو أردوغان أو حزب العدالة والتنمية أيضاً. هناك أيضاً الليبراليون الشجعان، والأشخاص الذين يدافعون عن انفسهم وقيمهم. وفي الانتخابات الاخيرة حصل معسكر الحكومة على 51 في المئة وحصلت المعارضة على 49 في المئة. أنه أمر مهم ومثير. هذا هو السبب في أنني هنا، وبطبيعة الحال، انها بلدي.
* هل يثير أردوغان اهتمامك كنوع من شخصية روائية؟
- لا لا لا. لا أريد أن أذهب إلى هذا الاتجاه. نعم، دعنا نتحدث عن الرواية
* حسنا، هل يمكنني أن أسألك عن رواية قديمة؟
- نعم، لك ما تريد.
* ساقرأ لك ما تقوله إحدى الشخصيات في روايتك. ثلج:"لا يمكن لأيّ شخص حتى لو كان غربي الهوى قليلاً أن يتنفس بحرية في هذا البلد ما لم يكن لديه جيش من العلمانيين يحميه، ولا أحد يحتاج إلى هذه الحماية أكثـر من المثقفين الذين يعتقدون أنهم أفضل من أي شخص آخر، وينظرون باستصغار الى الآخرين".
- [ضحك] نعم.
*"إذا لم يكن لديهم جيش، فإن المتعصبين سوف يضعون السكاكين الصدئة على رقاب الكثير منهم ويقطعونهم إلى قطع صغيرة". ما رأيك عندما تسمع ذلك الآن؟
- حسناً، أولاً وقبل كل شيء، من قال ذلك في الرواية كان محققاً وهو يشبه شخصاً يعمل في مكتب التحقيقات الفيدرالي.
* نعم، كان احدى شخصيات الرواية.
- كان هذا الشخص يقول للشباب اليساريين "لا تنتقدوا الحكومة لأنها تعامل الإسلاميين السياسيين بشكل سيئ للغاية". كانوا يفعلون ذلك حتى لا تصبح تركيا مثل إيران، كما كان يقول الرجل. ولكن لا تنسى أن هذا الرجل هو شخص يميني مثل رجال مكتب التحقيقات الفيدرالي الذين يلاحقون رجال المعارضة ويحذرونهم من معارضة الحكومة.
وكا ترى، فالأمور معقدة جداً وليست سهلة. ليس من السهل معرفة ما هو الجانب الصحيح. بالنسبة لي، فإن غريزتي تقول: "اكتب رواياتك وافكر بها واحرص على أن تكون مشغولاً بها ولا تتوقف عن الدفاع عن حريتك في التعبير وحرية أصدقائك وأي شخص حر". هذا هو نمط حياتي. أنا لا أطلب أكثر من هذا. و لا تطلب مني القيام بتحليل سياسي. اهتمامي ينصب على مواصلة كتابة رواياتي والدفاع عن حرية التعبير والدفاع عن حرية أصدقائي في التعبير، وبطبيعة الحال، حرية الآخرين في التعبير عن ارائهم.
* قرأت مقابلة قديمة معك تقول إن العلمانيين لا يزالون يمثلون الثقافة في تركيا هل تغير هذا الأمر؟
- نعم، لأن مشروع كمال أتاتورك في العلمانية، والتحديث ترك لنا مثل هذا التراث الكبير والغني والمعقد من الصحافة، والإعلانات، والاتصالات الحديثة، وقد سيطر عليه العلمانيون الغربيون في تركيا وقاموا بإدارته. في الواقع، حتى الحزب الحاكم يحتاج إلى مساعدتهم. وهذا ما قصدته بذلك.
* هل تغير مشروعك، ككاتب، بطريقة أو بأخرى مع تغير أحوال البلد؟
- سؤال جيد!
* اوه شكراً لك. أخيراً.
- كوني كاتبا، فأنا بالتأكيد اتغير، ولكن أصراري على الكتابة أو حبي للكتابة، أو شغفي بكل ما يتعلق بفن الرواية - لا يزال مستمراً. في السنوات الأولى، كنت أكتب الرواية بأسلوب أشبه بالشعر، معتقداً أن كل سطر، وكل كلمة، وكل جملة ستكون الجملة الأخيرة. كنت أحاول أيضاً أن اكتب بأسلوب تجريبي للغاية، بأسلوب ما بعد الحداثة، وبأسلوب حداثوي، أيضاً، في رواياتي الأولى كنت أكتب أكثر عن ثقافتي، وشعبي، عن الطبقة الوسطى، عن الفئات العليا من الطبقة الوسطى، عن العلمانية، والاتجاه نحو جعل تركيا غربية، وأوروبية، عن أتراك اسطنبول. هذا هو المكان الذي نشأت فيه، وهو هو الذي كتبت عنه. حتى هذه الرواية، المرأة ذات الشعر الأحمر، هي جزئياً عنهم، وجزئياً ليس عنهم – عن دائرة أكبر، تضم تركيا. بأكملها بدأت الكتابة أكثر وأكثر عن تلك الدائرة الثانية. ليس فقط عن اسطنبول العلمانية والبرجوازية، ولكن عن اسطنبول الأكبر المكتظة بالسكان التي كتبت عنها روايتي غرابة في ذهني، وهي ملحمة عن حوالي 40 عاماً من التطور في اسطنبول. اما هذه الرواية الجديدة، فهي رواية قصيرة، ولكنها ايضاً عن التغيير، عن التغيير الشعري وأيضاً عن الأجيال من الآباء والأبناء. في الواقع، هذه الرواية التي تتألف من 200 صفحة، تتناول حكاية ثلاثة أجيال.
* قمت بمهمة لتقصي الحقائق لصالح مؤسسة (PEN) عندما زار كل من الكاتبين الاميركيين"آرثر ميلر"و"هارولد بينتر"مدينة اسطنبول لكي يعاينا الحدود المهولة التي وضعت على حرية التعبير في ذلك الوقت في تركيا العلمانية ورافقتهما. هل هذا صحيح؟ في 'عقد الثمانينات؟
- نعم فعلاً. في عام 1985، كان هناك في تلك المرة انقلاب عسكري ناجح، وتم اعتقال الكثير من الكتاب، ونشطاء حقوق الإنسان واليساريين. وارسلت مؤسسة (PEN) الدولية، ومنظمة هلسنكي وعدد من المنظمات الدولية المهتمة بمراقبة حرية التعبير، الكاتبين آرثر ميلر وهارولد بينتر إلى تركيا. كنت اتحدث بعض الإنكليزية بطلاقة، وكنت كاتباً شاباً وواعداً، فجعلوني دليلاً لهم. كان منتهى السعادة أن أرافقهم لمدة أربعة أيام. أتذكر تلك الأيام، كانت سعادتي كبيرة في حين كان الكثير من الناس يودعون مرة أخرى، في السجن.
* وهل تشعر الآن بنفس الشعور؟
- نفس الشيء، ولكن حتى أسوأ من ذلك. لماذا؟ لأنه في ذلك الوقت كان هناك ضوء في نهاية النفق. لقد جربنا الانقلابات العسكرية، ولكن في هذه المرة لدينا الكثير من الحريات، ولكننا نتراجع الى الوراء. مثل هذا لم يحدث ابداً في حياتي. قبل خمس سنوات، وقبل ثماني سنوات، كانت تركيا تتمتع بأفضل حرية للتعبير في تأريخها، وكنت سعيدأً بهذا الامر. وعلى الرغم من أن مشاكل كانت لي مع الحكومة، فلم اكن اهتم. كنت متفائلاً لأنني كنت انظر إلى المستقبل، ولكنني ما زلت لا أستطيع أن أرى المستقبل الآن، وهذا ما يحزنني. ولكن لا تقلق بشأني كثيراً؛ أنا أكتب رواياتي. لا تقلق علي.
* صدقني، أنا لست قلقاً عليك. عندما تأتي إلى الولايات المتحدة أو أوروبا لتقوم بالتدريس أو لتفعل كل ما تفعله، هل تشعر بأن الطريقة التي ينظر إليها الغرب الى تركيا قد تغيرت بطريقة أو بأخرى؟ هل یستجیب الناس لك بشكل مختلف أو یتحدثون لك عن تركیا بطريقة مختلفة؟
- حسناً، أنه أمر معقد جداً. عندما جئت إلى الولايات المتحدة في عام 1985 لأول مرة، عندما كانت زوجتي السابقة تقوم بتحضير رسالة الدكتوراه، كنا في نيويورك في عام 1985، وقرأنا بعض الأخبار، على سبيل المثال، في صحيفة نيويورك تايمز، حول حدوث زلزال في تركيا، كانت هناك بعض الأخبار الصغيرة نوعاً ما في الصفحة 12، وكان الأتراك الذين يعيشون بنيويورك يحدث بعضهم البعض،"هل رأيت الأخبار المنشورة عن تركيا في صحيفة نيويورك تايمز؟"وكانوا فخورين جداً. اليوم، أو في السنوات الثلاث الماضية، في كل يوم هناك شيء عن تركيا. أولاً، انخفضت مكانة تركيا، ولكن هذا كان أيضاً تغييراً. في البداية، كان مثيراً للاهتمام أن كلاً من الإسلام والديمقراطية والحداثة كان يبدو أنها تتجه نحو أوروبا، التي كانت لطيفة. ولكن في السنوات الثلاث الماضية، كان يبدو انها تسير في الاتجاه المعاكس، تتجه نحو الشمولية. يتم وضع الصحافيين والكتّاب في السجن، والديمقراطية تصبح ضيقة ومحدودة اكثر فأكثر. والليبراليون المتعلمون، وذوو الاتجاه الغربي - غير راضين حقاً، ونحن نفكر،"ماذا سيحدث بعد ذلك؟"هذا هو المزاج. في الواقع، وبسبب كل ذلك، أنا أعمل واكتب أكثر من أي وقت مضى لأنه ستشعر بالاكتئاب حقاً لو بقيت تستمع الى الأخبار.
* لذلك، فقط لننتهي من حيث بدأنا، عندما تعمل الآن في مكتبك، أو أينما كان في هذا البيت المطلّ على الشاطئ الذي تعيش فيه، ألا تقوم بتصفح الإنترنت؟ هل في بالك رواية ما؟ ما الذي تقوم به؟
- أنا في بيتي الصيفي، حيث يوجد بالطبع الإنترنت، وهو أمر ممتع. جلبت معي الكثير من أقراص الفيديو الرقمية والكتب التي أريد أن أقرأها. لذلك، أنا حقاً سعيد جداً مع هذه الكتب والأفلام، وانا اعمل طوال الوقت، وبالطبع أنا أفعل هذا في كل وقت. وكما أخبرت صديقتي، ذات مرة، فإن المرء يشعر بالذنب عندما يجد نفسه سعيداً وسط الكتب والأفلام فيما يدور من حوله الكثير من الرعب في بلده. كثير من الناس المذنبين وضعوا في السجن بطريقة تعسفية. فمن المستحيل عدم الشعور بالذنب، والحل بالنسبة لي هو العمل طوال الوقت ومحاولة مساعدة الآخرين. ليست هناك طريقة اخرى.
* هل يمكنك أن تخبر الناس ما هي تلك الكتب وأقراص الفيديو الرقمية. أنا متأكد من أنهم سيكونون مهتمين بذلك.
- [يضحك]. يا. كما تعلمون، هناك فيلم تعرية للمخرج مايك لي، أنا لم أشاهده منذ سنوات عديدة. ويوجد أيضاً فيلم آل غاتوباردو للمخرج الإيطالي العظيم لوشينو فيسكونتي،
* للكاتب لامبيدوزا، أليس كذلك؟
- الفيلم يستند إلى رواية له، سوف يمنحونني جائزة لامبيدوزا في صقلية، وسوف اذهب إلى باليرمو قريباً، لذلك سوف اشاهد الفيلم مرة أخرى. إنه فيلم رائع يستند إلى رواية عظيمة. يمثل فيه بيرت لانكستر، وكلوديا كاردينالي، وألان ديلون أيضاً، ولكن لا تنسى أن الروايات هي أفضل من الأفلام. فقط لا تجعلني مخطئاً.
* أليس هناك مثالاً مضاداً؟ ألا يوجد فيلم أفضل من الرواية التي استند إليها؟
- [يضحك.] هناك البعض.
فيلم العراب.