تيد هيوز القادم من برودة الموت

تيد هيوز القادم من برودة الموت

روبرت ماكروم
ترجمة: عبد الخالق علي
يعود تيد هيوز، الذي توفي عام 1998، إلى الصدارة مرة أخرى، هناك شيء ما يحدث للشاعر تيد هيوز، ليس فقط كونه على وشك ان يوضع في زاوية الشعراء، و إنما الأمر يتعلق"بأسطورته"كشاعر بالمعنى الأوسع، عندما يموت الأدباء – كبارا كانوا ام صغارا –

فأنهم عادة ما يقبعون في قبورهم مع أعمالهم على مدى جيل كامل، ثم تجري اعادة تقييمهم بعد موتهم، ثم تتولى ذريتهم شؤونهم، او ان الكثير منهم يدخل عالم النسيان، هناك مسألة مماثلة مع غراهام غرين، فأنك لا تجد مؤلفاته في المكتبات على مدى الخمسة عشر عاما التي اعقبت وفاته في عام 1991، مع ذلك فقد جرت إعادة اكتشاف أعماله مؤخراً، و يبدو غرين الآن صوتا مهما من القرن العشرين، ربما يكون قد عانى من الاهمال كرجل، لكنه حي كروائي انكليزي كبير، اما تيد هيوز فانه يختلف عن غرين، اذ كانت حياته لفترة طويلة مادة للسينما و للاسطورة، منذ وفاة (سيلفيا بلاث) عام 1963، و قيامه لاحقاً باتلاف جريدتها الأخيرة،تفرّغ هيوز – مثل بروميثيوس - مترقبا النقد الاكاديمي و النسوي ليقضم قلبه و كبده في عام 1984 اتخذت مسيرته المهنية مسلكا وديعا عند تتويجه بأكليل الشعر بعد (بجيمان)، يقال ان جلالة الملكة كانت منجذبة اليه بقوة و كانت تحب ان تناقش مع شاعر بلاطها مواضيع مثل صيد السمك و الخيول و الكلاب، و يبدو ان مسيرته الأدبية قد صارت وراء ظهره و انغلقت بمجلدات مثل (الصقر تحت المطر) و (الغراب و مدينة البراري).
بعد فترة طويلة من السكون و في أحد الايام يدخل هيوز على الناشر و هو يحمل القصائد المعروفة بـ (رسائل عيد الميلاد)، من النادر ان نرى مجموعة شعرية واحدة تبدّل سمعة كاتب بهذا الشكل، أخيرا كشف هيوز عن جراحه و بدأ يخاطب التعقيدات المأساوية في مسألة سيلفيا، كان الجميع مبتهجين، في الذوق الأدبي لعام 1998 أصبحت (رسائل عيد الميلاد) من أخبار الصفحات الأولى و حققت أعلى المبيعات، و أخيرا تعالت الصيحات المطالبة بفوزها بالجائزة،
في نفس العام، و قبل ان يتذوق طعم رد الاعتبار، توفي هيوز بشكل مفاجئ نتيجة التعقيدات التي أحاطت بعلاجه من سرطان القولون، خلال مراسيم تأبينه، عبّر صديقه (سيموس هيني) عن الحب الذي يكنه الكثيرون لهذا المتوج بأكليل الشعر :"كان دعامة من الرقة و القوة، و قوسا يمر من تحته الشعراء و هم يشعرون بالأمان"و كما قال شكسبير"كانت قواه المبدعة لاتزال تكبر كالهلال"، ثم تبعت ذلك مراسيم فخمة، و مازال صدى قراءة هيوز المسجلة"لاتخشى بعد اليوم حرارة الشمس"يتردد من كنائس ويستمنستر، كمقدمة مناسبة،إلى برزخ الموت.
لقد تحررت ظلمات هيوز، و استمرت شهرته بالصعود، وليس هذا فقط، اذ انه يبدو الآن، أكثر من أي وقت مضى، واحدا من عمالقة الأدب الانكليزي في القرن العشرين، كان نشر مراسلاته في حياته نقطة تحوّل تكشف بعدا جديدا من الحكمة و الانكشاف ممزوجة بقدرة تحمّل للمعاناة و بصبر يوركشاير، كان هيوز دائما كاتبا مبدعا للرسائل و يمتلك أصابع لا يمكن نسيانها، و قد ساعدت طبعة الرسائل التي نشرها كريستوفر ريد في تعجيل عملية اعادة التقييم، تحت الكاشف، كانت هناك إضافات اخرى لصورة الفنان في شبابه، تساهم في الاحساس الجديد بأهميته، في عام 2،،9 نشر (جيم دونر) – أحد أصدقاء الفنان – كتاب (تيمي القوي) و هو كتاب للاطفال كان هيوز قد كتبه في الخمسينات عندما كان يشارك غرفةً على حافة بلومزبيري مع الشاب بيتر أوتول و آخرين، هذه الطبعة كانت تضم ذكريات عن تيد و سيلفيا و تشير الى صورة مختلفة عن الاسطورة، في الشهر الماضي جرى إرفاق هذا النص الذي لا يقدر بثمن مع ذكرى استثنائية – ذكريــــــــات تيد هيوز 1952 – 1963 من قبل صديقه في جامعـــــة كامبردج (دانييل هوز)و هي طبعة بغلاف ورقي رائع قام بتصميمها المصمم المعاصر ريتشارد هوليز،
يعتقد هوز بأن"شخصية هيوز قد ثلبت بسبب"صورته المعوجّة"المأخوذة من رسائل و صحف سيلفيا، بالنسبة له، يعتبر هيوز شخصاً متحمساً رومانسياً، طالب جامعي"يرتدي البنطلون الصوفي الرمادي و السترة القطنية السوداء"، هذا المقطع المغايض سيجعل أي معجب بهيوز يفقد صبره بسبب السيرة النشاز التي كتبها(جوناثان بيت)، رسائل، ذكريات، احساس متجدد بأهمية الشاعر : الوقت قد حان لحياة هيوز.
لابد ان يكون ذلك نجاحا لـ (لاركن) في اوكسفورد، في العالم المشاكس للشعر الانكليزي لا يوجد هناك شيء مسلّم بصحته، التنافس المباشر على لقب أستاذ اوكــــــسفورد في الشعر بيـــن (جيوفري هيل) و طبيب الاعصاب (سين هالدين) صار معقدا بسبب ظهور شاعر أداء – على الفيسبوك – هو ستيف لاركن، الذي أتعب حوالي 3،، من المؤيدين عبر الشبكة الاجتماعية، بهذا العدد لابد ان رمية لاركن الثاني كانت موفقة و هي عادةً ما تتقرر بعدد اقل من 7،، مصوت، لاركن يجعل المنافسين الآخرين يبدون مثل تنيسون و ملتون.
انه وقت الحفلة بالنسبة للناشرين في كل مكان، ان ميول هذا العام تتجه صوب كتب تحمل في طياتها مادة"الحفلة"، فهناك أولاً كتاب زميلي (اندرو زونسلي) الرائع"نهاية الحفلة"الذي حقق أعلى المبيعات، تليه مذكرات (روبرت تومبسون)اللامعة"هذه الحفلة يجب ان تتوقف"، و الآن المنافس الأخير كتاب"الحفلة"للكاتب (ريتشارد ماغريغور) عن"العالم الخفي لحكّام الصين الشيوعيين"و الذي يبدو انه حنين للماضي مثل كتاب تومبسون و يشبه الى حد غريب كتاب رونسلي، اذ انه يصف منظمة"سرية معادية للقانون، غير مسؤولة أمام أحد عدا محاكمها الخاصة بها و هي مهيأة للتفكير بأسوأ ما في أعدائها.