هشام المدفعي: ما نحن عليه اليوم من تأخر.. ماهو إلا نتيجة تدهور فكري وإداري

هشام المدفعي: ما نحن عليه اليوم من تأخر.. ماهو إلا نتيجة تدهور فكري وإداري

بغداد/ المدى
نحن نبتكر وطناً بناه الأوائل ولايزال الأبناء يعمرونه بقلوبهم التي تنبض جمالاً ومحبة، وطن اصرّ على أن يعليّ طوبه زهرة زهرة، حكاية وطن آمن بالطين فتحول ايمانه الى عمارات وقصور، وطن يحفر على قلبه كالرقيم السومري، فخلال جلسة أقامتها الجمعية العراقية لدعم الثقافة سُلط الضوء على ثقافة البناء التي من شأنها تُستهل من باقي الثقافات، وذلك من خلال الاحتفاء بالمهندس المعماري هشام المدفعي،، على قاعة الجواهري.

نحن في هذا الوطن لانزال نحتفي ونحتفل ونعلّي اصواتنا لتصل موائد الرعد والبرق المطر الجميل الى الجميع، حيث وهبنا الكون أول ملحمة وأول حكاية وأول حرف، كما وهبناه السياب ونازك الملائكة ومنير بشير وجواد سليم وفائق حسن وآخرين، وما زال فنانونا يميزون بين قطعة التراب واختها من خلال مذاق ألسنتهم بهذه الكلمات افتتح الشاعر عمر السراي، جلسة الاحتفاء والتي كان مديراً لحواريتها وقال السراي”جلسة اليوم استثنائية تفتح صفحة جديدة من بوابات الثقافة وتقترب من مجالات الثقافة بوصفها عمراناً وبقاءً ووجوداً ورسوخاً، اليوم نحتفي بـ70 عاماً من البناء والاعمار، وربما للرقم 70 ما هو إلا دلالة إلى عمر طويل من الابداع». مؤكداً”نحتفي اليوم بقامة عراقية انسانية اصيلة استطاعت أن تعلن ببقائها هذا الحضور، العراقي الاصيل هشام المدفعي حاضر اليوم حيث لا تختصر الكلمات حياته كمبدع لا يتوقف عن عطاءاته».

احتفاء اليوم لم يكن تقليدياً، هكذا وجد رئيس الجمعية العراقية لدعم الثقافة مفيد الجزائري، خلال كلمته قائلاً”نحن لانحتفي بالشعر والأدب بل نحتفي بالبناء والعمران وهو في لب الثقافة وحصيلة الثقافة، فالبناء والعمران يؤشر المستوى الذي تصله الثقافة وهو التجسيد لمستوى التحضر، ونحن إزاء ثقافة اصيلة بمعنى الكلمة، وما يقاس مستوى الثقافة الا بمستوى الإبداع في العمران.”ذاكراً”أن كلمة الابداع تقترن في الغالب في جميع المجالات وليس بالجانبين الثقافي والفني فحسب، فهي كلمة تعبّر عن سمو العطاء في كل الميادين».ويشير الجزائري الى”أن الاستاذ هشام المدفعي يبدو غير معني بالثقافة ومنشغل بالهندسة، لكنه في الواقع شخص يمارس الثقافة يومياً في الحقيقة ومنذ سبعين عاماً، وحتى الآن وهو يعد من اهم الداعمين للثقافة وقد يؤكد هذا موقفاً عشته معه حين كلفني برهم صالح، بأن اسلمه مشروعاً ثقافياً خلال 36 ساعة، وقد كنت متلهفاً لذلك في ذلك الوقت، حين كنت متسلماً شؤون وزارة الثقافة، وبالفعل بعد أن تشاورنا أنا والمعنيون بالأمر، اتصلنا بالمدفعي والذي سلمنا المشروع خلال 24 ساعة، ورغم أن المشروع لم ينفّذ لأن صالح اعتذر عنه فيما بعد إلا أن المدفعي لم يذكر انني سببت له أي تعب أو ازعاج، وما هذا إلا دليل على تفانيه في تقديم الكثير في سبيل المنجز الثقافي ودعم هذا المجال».مواقف عايشها الناقد والباحث ناجح المعموري مع المدفعي واصفاً إياه”بالمعلم والبغدادي الأصيل”ويذكر المعموري”كنت محظوظاً بأني تعرفت له بالسنوات الأخيرة، حيث اتصل بي الاستاذ مفيد الجزائري، وطلب مني التعاون مع المدفعي لأتفق معه على اعداد تقارير لتطوير محافظة بابل، واخبرته أني جاهز، وقد اشرفت على ما طلبه المدفعي وانجزت التقارير المقترحة لتطوير الجانب الزراعي والجانب الاجتماعي في محافظة بابل، ثم كلفني المدفعي بمهمة أخرى وطلب مني تقريراً عن التمظهرات الثقافية للتحولات السكنية في مدينة الحلة وهي موضوعة ذكية واعتز بالمقال الذي كتبته حتّى هذه اللحظة، ذلك اننا بحماس دائم للعمل من أجل المدينة».

وأكد المعموري”أنني اذهب بعيداً لعملي مع المدفعي، ذلك انه يُعنى بالحضارات القديمة والاسطورة، وهو ما يعني الانثربولوجيا والاثنولوجيا وهو في صلب تخصصي، وكنت متهيباً من ذلك، ولكنه كان معلماً بحق».أيضاً أشار المعموري إلى أن المدفعي طلب منه إعداد تقارير موسّعة عن ناحية السدة وقضاء المحاويل، وقد انجزها الأول بشكل استثنائي مواجهاً العديد من المعوقات، ذاكراً”لقد تصفحت كتاب المدفعي واكتشفت به معلومات مهمة، مثلاً أن محمد صالح زكي، وهو عمه وهو واحد من الرواد الاوائل في الحركة التشكيلية العراقية، وخالد السلام، احد اقاربة وهو شخصية معروفة وقتيبة الشيخ نوري، بذلك فإن هشام معنيٌ بالثقافة والفن وهو من عائلة ثقافية وفنية».

وبعد هذه الكلمات التي غمرت المدفعي، عبّر هو بدوره عن شكره للحاضرين، واستيائه مما آل إليه العراق اليوم، ذاكراً”أن العراق بلد غني بموارده المادية والبشرية وثرواته، فما آل إليه اليوم لا ينفي غناه”وأشار المدفعي الى التطور الذي شهدته دول الخليج، وما شهدته الإمارات على وجه الخصوص، مُعطياً مثالاً لمنطقة الربع الخالي.”ومؤكداً”أن ما نحن عليه اليوم من تأخر، ماهو إلا نتيجة تدهور فكري وإداري».