تمثيل القضايا المشهورة في السينما

تمثيل القضايا المشهورة في السينما

لا شك في ان السينما هي اصدق سجل لحوادث التاريخ القديم والحديث، فهي لم تترك حادثاً تاريخياً له اهميته حتى جعلت منه موضوعاً لشريط من اشرطتها ويجد الجمهور فيه متعة وتسلية وفائدة، والأمثلة على ذلك عديدة، يجدها القارئ في هذه المعلومات التي ننشرها عن القضايا المشهورة التي مثلتها شركات السينما في اميركا واوربا.

الكابتن دريفوس
وقضية الكابتن دريفوس واتهامه بخيانة فرنسا ومحاكمته في سنة 1894 بتهمة بيع مستندات خطيرة للالمان، هذه القضية التي احدثت ضجة كبيرة في وقتها، اهتمت بها المسارح كما اهتمت بها شركات السينما فاخرجتها على خشبة المسرح وفوق الشاشة تسجيلا لهذا الحادث وتصويراً لوقائعه من بدايتها الى نهايتها.
وكان الالمان هم اول من اهتم باخراج رواية مسرحية عن قضية دريفوس، ثم نقل جاك ريشيان هذه المسرحية الى الفرنسية لاخراجها على مسرح "الامبيجو"بباريس. ثم كان اهتمام شركات السينما بها، فأخرجتها احداها في أيام السينما الصامتة، ثم اخرجت بعدئذ في عهد السينما الناطقة، وكلا الشريطين عرضا في مصر، فشاهد الجمهور وقائع هذه القضية المشهورة التي القيت فيها تلك التهمة الخطيرة على الكابتن دريفوس الذي ثبتت براءته ولكن بعد فوات الوقت.



ماتا هاري
وما يزال الجمهور يذكر تمثيل النجمة السويدية المشهورة جريتا جاربو لشخصية ماتا هاري الجاسوسة المشهورة، التي صدر الحكم باعدامها رمياً بالرصاص ونفذ هذا الحكم في باريس في يوم 15 أكتوبر سنة 1917. وكانت حياة هذه الجاسوسة الحسناء وموتها تلك الميتة المفجعة قد اغرت المخرج الامريكي جورج فيتز موريس على اخراجها في شريط سينمائي. فراح يعد العدة لذلك ووجد في جريتا جاربو خيرممثلة تصلح لهذا الدور كما وجد في الممثل المعروف رامون نوفارو خير ممثل لدور عاشق ماتا هاري، وقد عرض هذا الشريط في مصر فرأى فيه الجمهور صوراً رائعة من حياة تلك الجاسوسة التي كانت تحترف الرقص في مسارح باريس ايام الحرب العظمى.
اديث كافل
اما اديث كافل الممرضة الانجليزية الشهيرة التي اعدمها الالمان في ايام الحرب العظمى فقد اخرج لها شريط سينمائي أثار ضجة كبيرة في اوربا، فان احدى الشركات الانجليزية كانت قد استعدت لاخراج شريط يمثل مصرع اديث كافل ويعرض صوراً من جهودها في انقاذ الجرحى من جنود الحلفاء وأسر الالمان لها ومحاكمتهم اياها حينما اكتسحوا البلجيك تم اعدامها رمياً بالرصاص.
تقول ان الشركة الانجليزية استعدت لاخراج هذا الشريط، فلما علمت الحكومة الالمانية بذلك ارسلت احتجاجاً الى وزارة الخارجية البريطانية طلبت فيه منع عرض هذا الشريط حتى لا يثير ظهوره ذكريات أليمة عن مصرع تلك الممرضة المشهورة.
باتشو فيللا
وفي العام الماضي عرض في مصر شريط يمثل حياة الثائر الكبير باتشو فيللا منذ طفولته الى ان اغتاله احد خصومه فانتهت حياته تلك النهاية الأليمة، وقد رأينا في هذا الشريط كيف كان مصرع والد باتشو فيللا، وكيف قدم الابن لتحرير المكسيك من الطغاة الذين كانوا يحكمونها وكيف تسلط على الشعب المكسيكي وقاده الى النصر في مواقع عديدة وكيف اصبح رئيساً للجمهورية. واخيراً كيف مات تلك الميتة الشنيعة.
كل هذا عرضه علينا الممثل السينمائي المعروف ولاس بيري الذي مثل شخصية باتشو فيللا تمثيلاً رائعاً، فقربها الى اذهاننا على حقيقتها واظهر لنا ما فيها من نواحي الخير والشر، واثبت لنا انها شخصية محبوبة اكثر منها بغيضة كما كنا نتصورها.
الكولونيل لورنس
وقد كان مصرع الكولونيل لورنس ملك العرب غير المتوج في ذلك الحادث الذي وقع منذ شهر فوضع حداً لحياته المليئة بالوقائع والمغامرات، نقول ان مصرعه هذا حفز شركات السينما الى إخراج شريط عن حياته بعد ان كان ذلك متعذراً قبل موته، إذ كان لورنس يمانع في تمثيل حياته على الشاشة.
وكان المخرج المعروف الكسندر كوردا اكثر اهتماماً من سواه باخراج شريط "لورنس". وكان يرغب من زمن بعيد في اخراج هذا الشريط لولا ممانعة بطل حوادثه في ذلك، ولكنه كان قد اباح له اخراج هذا الشريط وعهد في تمثيل دور لورنس الى ممثل سينمائي انكليزي جديد اسمه والتر هاد وهو كثير الشبه بالكولونيل لورنس.
اما حوادث هذا الشريط فقد اقتبسها الكسندر كوردا من كتاب وضعه لورنس وروى فيه مغامراته في بلاد العرب. وكان قد وقع الاختيار اولا على الممثل المعروف لزلي هوراد لتمثيل دور لورنس ولكن التجارب التي كان يقوم بها المخرج للممثلين الذين يرى فيهم شبها لبطل حوادث الشريط انتهت باختيار والتر هاد لتمثيل الدور دون غيره.
وقد قيل ان بعض مناظر الشريط سيجري اخراجها في مصر، وان الكسندر كوردا نفسه سيحضر مع ممثل الشريط الى مصر لهذا الغرض، والى الآن لا ندري إذا كانت النية ما تزال معقودة على حضورهم الى مصر او ان المناظر الصحراوية سيجرى اخراجها في قطر آخر.
آل كابوني
وقد وجد مخرجو السينما في عهد العصابات بأمريكا حوادث عديدة جعلوا منها موضوعات لافلام كثيرة شاهدناها على الشاشة البيضاء، واشهر هذه الحوادث ما سمعناه عن زعيم العصابات المشهور آل كابوني وصراعه مع البوليس الاميركي ومن هذه الحوادث اقتبس المخرج الامريكي هوارد هيوز موضوع شريط "ذو الوجه المجروح" الذي رأينا فيه الممثل المعروف بول موني يمثل شخصية آل كابوني، وإن كان قد اطلق عليه في هذا الشريط اسم توني كامونتي. فالشخصية واحدة والحوادث هي نفسها ولكن الاختلاف كان في الاسم فقط. وقد كان بول موني مُجيداً في تمثيل هذه الشخصية، حتى لقد كان المتفرج يشعر بانه يرى على الشاشة آل كابوني نفسه يصارع رجال البوليس. وكان هذا اول دور كبير مثله بول موني على الشاشة، فنال مثل المجد والشهرة اللذين نالهما آل كابوني.
ديلنجر
ومنذ اسابيع قلائل شاهدنا شريطاً اسمه "عدو الشعر نمرة 1" فرأينا فيه وقائع غريبة لمجرم خطر دوخ البوليس الاميركي وارعب الشعب الاميركي بجرائمه، ثم كانت نهاية وقائعه هذه عند ما خانته خليلته ودلت البوليس على مخبئه انتقاماً منه.
هذه الوقائع التي كان بطلها الممثل المعروف بورس كابوس ممثل دور "عدو الشعب نمرة 1" مأخوذة من حياة المجرم الخطير ديلنجر الذي كان لا يقل شهرة وإجراماً عن آل كابوني.
خطف ابن لندبرج
وقد اوحى حادث ابن الطيار الاميركي المشهور لندبرج ومقتله في ذلك الحادث المروع الماثل في الاذهان الى الآن – هذا الحادث اوحى الى مخرجي السينما بفكرة مماثلة له وهي خطف ابن ممثلة مشهورة في ظروف تشابه نفس الظروف التي اختفى فيها ابن لندبرج.
وقد عرض هذا الشريط في مصر منذ سنتين وقامت فيه دورثيا وبك بدور الممثلة التي خطف طفلها.. كما مثل دور الطفل الممثل الصغير – بيبي ليروي . وقد رأينا في هذا الشريط مناظر عجيبة لما كان يبذله البوليس الاميركي من جهود في البحث عن الطفل المخطوف. فكأننا وقتها كنا نشاهد نفس الجهود التي كانت تبذل في البحث عن طفل لندبرج.
***
هذه هي أهم القضايا التي اخرجتها شركات السينما على الشاشة، ولعلنا نسمع قريباً عن قضايا اخرى تهتم هذه الشركات بإخراجها.
كل شيء والدنيا /
كانون الاول- 1935