أبدايك.. السيرة الشخصية التي كتبها آدم بيغلي

أبدايك.. السيرة الشخصية التي كتبها آدم بيغلي

ترجمة / أحمد فاضل
في آواخر ربيع عام 1983 عندما سمعت أن جون أبدايك قد وصل إلى ذروة النجاح برباعيته الشهيرة”رابيت”الذي حصل بسببها على جوائز مهمة، كجائزة نقاد الكتاب القومي وبعد ذلك البوليتزر، حاولت عندها أن أتقرب منه أكثر حتى أجمع عنه تلك الأوراق التي بدأت تتكاثر في محاولة لكتابة سيرة شخصية عنه، لكن الذي استرعى انتباهي حقا هو لقاء الصحفي في مجلة فيلادلفيا

وليام إيسين بارغر معه حيث أسهب في تناوله لحياة أبدايك منذ طفولته والأماكن التي شهدت انطلاقته ككاتب، مثل مقاطعة بركس، ولاية بنسلفانيا، ريدينغ، شيلينغتون حيث عاش فيها حتى بلوغه الثالثة عشر من العمر وهو يرزح تحت عزلة ريفية أصابته بالإحباط في كل شيئ بانت عليه بعد ذلك في تركه لجامعته، هذه الأماكن تناولها أبدايك في روايته الطويلة”رابيت”، غير أنني أردت أن أبحث في جانب آخر من حياته هو علاقته بالمكان الذي ولّد لديه كل هذا الخيال الخصب في كتابته لرباعيته الشهيرة وبقية أعماله، لذا رحت أطلب وساطة أحد رؤساء تحرير إحدى المجلات المعروفة بأن يسمح لي بمقابلة ناشرأبدايك الذي سرعان ما رفضها بعد أن أخبره أنها تشكل له مضيعة للوقت بسبب كثرت ما عرضت عليه مثل هذه المقابلات، لكنه قال له بنفس الوقت أن أذهب إلى المكتبة العامة في شيلينغتون لأن هناك مصدرا مهما سوف يعينه في بحثه عن الروائي أبدايك .
جلست إلى أمينة المكتبة أسألها عنه، كانت سيدة عجوز تضع على عينيها نظارة كبيرة، قالت :”أعرف كل شيئ عنه”، ثم ابتسمت لتضيف :”إنه.. إبني”، اصطحبتني بعد ذلك إلى أحد المطاعم القريبة من المكتبة بعدها جاءت بي بيتها حيث عاش جون في غرفة ضيقة في الطابق العلوي إحتوى حائطها على رفوف بيضاء طويلة، قال لي والحديث لليندا، سوف أملئ هذه الرفوف بالكتب يوما، وبحلول عام 1983 كان أبدايك قد نشر 23 رواية وقد ادعت والدته أنها سعيدة لأنه ترعرع هنا وظهرت مواهبه كذلك.
بعد أربعة أيام تلقيت اتصالا هاتفيا من السيدة أبدايك تقول فيه :
- إنه قادم.. تستطيع المجيئ لرؤيته.
قدمت المزرعة في الموعد المحدد، كنت سعيدا حقا في الحصول على مقابلته، استقبلتني السيدة أبدايك بحرارة مبدية بالوقت نفسه تحذيرها لي من أن إبنها لا يزال في الطبقة العلوية من المنزل وقد اعتراه غضب بعض الشيئ حيث أضافت قائلة :
- أنه غالبا ما يحصل له هذا عندما يزوره أحد، تلك هي بقايا تأثيرات عزلته القديمة.
انتظرت في الداخل بينما ذهبت السيدة أبدايك إلى ملئ أحواض الطيور بالماء والطعام، فجأة ظهر أبدايك وهو يرتدي قبعة من الصوف مادا رأسه من باب المطبخ لاختبار درجة حرارة المكان صباح ذلك اليوم، هو يبلغ من العمر 51 عاما وعندما جلس وجدته أقرب إلى الطفل بحركاته، فالكثير من الأسئلة كان يهمهم قبل الإجابة عنها، وعندما سألته عن مراهقته أشار إلى بيت صديقته قائلا :
- كانت تعيش هنا..
قلت :
- هل كانت الوحيدة في حياتك؟
- نعم..
لكن رواياته أفصحت عن الكثير منهن، نانسي، نورا التي جاء ذكرها في كتابه”وعي الذات”قال عنهن مجرد خيال، وبينا أنا أقلب بعضا من صفحات حياته أعرب عن أسفه لنهب تلك الذكريات خاصة من قبل الذين قاموا بإجراء لقاءات سابقة معه، هنا حاولت طمأنته بسعيي لكتابة سيرة شخصية موثقة وجادة عنه فلا مانع من استخدام ذكرياته، رواياته، وكل شيئ له علاقة بحياته، قال :
- حوت الكثير من رواياتي اعترافات من صميم وعي الذاتي ولم أكن مجاملا فيها لأحد حتى من داخل أسرتي، وواجبي ككاتب هو تحقيق أفضل ما أستطيع كي تكون حياتي مفهومة.
أبدايك سمح لنفسه التحدث عن علاقته بوالدته كدفعة يسيرة من ذكرياته حيث قال :
- هي أرملة عجوز تعمل منذ سنوات في إدارة مكتبة المدينة وتحرص دائما على الحديث عني، إسمها بالكامل ليندا جريس هوير أبدايك كثيرا ما شجعتني أنا طفلها الوحيد وذلك برعاية موهبتي المبكرة لأصبح كاتبا فيما بعد وساعدتني بنشر 10 من قصصي القصيرة في مجلة نيويوركر التي قبلتني كمحرر فيها بعد ذلك، وكانت تقدم لي المشورة مذ وضعت قلمي على الورق وأنها كانت أما كاتبة وقارئة تساهلت معي وبشكل مثالي في إبداء الرأي بالعديد من كتاباتي، وهذا يعني أنني كنت حرا في إرسال ما أشاء من أفكار على الورق ومهما كان مؤلما حتى على أسرتي.
في قصصه الأولى والمتأخرة تناول الصداقة والطفولة والخيانة، كما في قصته”الرحلة”التي كتبها عام 1959 والتي اقترض الكثير من تجربته الخاصة أضافها إليها، أما الموت والخلود كقطبي متناقضين وجدتهما كذلك في الكثير من كتاباته، إضافة إلى الخيال الذي هو أبرز ما ميز أعماله، والآمال الضائعة في المدن والأحياء الصغيرة في أمريكا هي من أبرز القضايا التي شغلته عبر مسيرته الأدبية.
أبدايك، السيرة الشخصية التي كتبها آدم بيغلي ستصدر عن دار نشر هاربر كولينز وستكون جاهزة للبيع في 8 أبريل / نيسان من هذا العام.

عن / مجلة نيويورك