كيف علموني ان اكون ملكا!

كيف علموني ان اكون ملكا!

تلقيت في براغ برقية من المستر وليام ايتكنز عضو مجلس العموم يقول فيها: إما ان تحضر عندي او احضر عندك! ودهشت كيف عرف اذن في براغ ثم علمت انه ارسل مندوبا بالطائرة الى القاهرة وحصل على عنواني!
وفي مطعم مجلس العموم قال لي وليام:

- انني اعرض على دار"اخبار اليوم"باسم الدوق وندسور اعظم عمل صحفي! ملك يكتب لأخبار اليوم وآخر ساعة! ان هذه المذكرات ستنشر في اعظم جرائد العالم: لايف في امريكا والسانداي اكسبرس في لندن وباري فرانس في بارس.. واخبار اليوم وآخر ساعة في الشرق الاوسط!

قلت له: ولكن هل كتب الملك ادوارد عن رحلته في مصر فقال: نعم ولكن الفقرة اختصرت في لندن، ولكن يمكنكم انتم ان تنشروها كاملة
وسألته: وهل حذفتم شيئاً آخر من المذكرات؟
قال: نعم.. الجزء الخاص بالمستر تشرشل لقد وافقت جميع الصحف على حذفه بناء على رجال المستر شرشل نفسه فقلت له: ما عدا اخبار اليوم وآخر ساعة!
وسلمني المذكرات لأقرأها!
وقرأتها وسافر مندوب خاص بالطائرة من لندن الى القاهرة يحمل هذه المذكرات اليك.
علي أمين

في فبراير سنة 1919 بعد اربع سنوات قضيتها في ميادين القتال عدت الى لندن ككل الشبان المسرحيين من الجيش أبحث عن مستقبلي. وكانت امنيتي ان اعين ضابطا في حرس الملك ولكن ابي رفض وقرر ان يدربني لأتحمل مسؤولية"ولي العهد"!
وقبل ان ارى لندن ومباهجها التي حرمت منها اثناء الحرب استدعاني رئيس الوزراء لويد جورج وقال لي:
- لقد عينتك سفيرا متجولا تنوب عن الملك في شكر جنود الامبراطورية الذين حاربوا من اجل والدك.
وقال لي والدي:
- ان هذه الرحلات هي الجامعة التي تقرر إلحاقك بها.. واني اريد ان تعرف شعوب الامبراطورية ملك المستقبل!
ولم ينصحني الملك بشيء ولكن كبير الامناء قال لي:
- ان الملك الماهر هو الذي يعرف متى يقف طويلا واذ جلست، فلا تتكلف الجلوس حتى لاتتعب وتتعب غيرك!
وقال لي الملك:
- انك اسعد حظا مني فقد اتاحت لك الحرب ان تعرف الناس وتعيش عيشة الشعوب لا عيشة الملوك والامراء.. ولكن لا نظن ان اختلاطك بالشعب يعني ان تعيش حرا طليقا.. كما يعيش افراد الشعب.. اذكر دائما ما هو مركزك ومن انت!
نعم.. اذكر دائما ما هو مركزك.. ومن انت!
لقد سمعت هذه الجملة بعد ذلك مئات المرات من ابي ولكن من اكون انا؟
ان فكرة انني لست مثل غيري من الناس، ووجوب ارتفاعي عن مستوى الشعب لمجرد انني امير، كانت فكرة لا تروقني على الاطلاق ان حياتي في جامعة اكسفورد وفي ميدان الحرب جعلتني اشعر بان رغباتي واحلامي لم تكن تختلف عن رغبات زملائي من افراد الشعب.. وانني مهما جاهدت فانني لن اتفوق على غيري من ابناء الشعب اذا غادرت اسوار القصر!
انني كنت في تلك الايام ثائراً على مركزي.. لماذا لا اعامل كغيري من الناس.. لماذا لا اتحرر كما يتحرر غيري من الشبان؟
وقد تملكني هذا الشعور منذ ان كنت تلميذا في الفصل، على واجبات التلاميذ وليس لي حقوقهم ولكن الشعب البريطاني خفف من حدة ثورتي.
فقد كانت الجماهير كريمة معي اثناء تجوالي.. كانت تهتف لي وتصفق لسخافاتي!
انني لن انسى عطف الشعب الديمقراطي على اميرهم الساذج!
وكلما زادت زياراتي في انحاء البلاد كلها امنت بان في الخطابة هو ارقى مراتب الانسانية.. وانني بعيد جدا عن هذه المرتبة وكان المستر ونستون تشرشل هو اخطب من عرفتهم فلجأت اليه اطلب منه ان يعلمني كيف اكون خطيباً، لان هذا سيكون سلاحي الوحيد في رحلاتي حول العالم!
وكتب لي تشرشل هذه النصيحة:
إذا كان عندك فكرة هامة تريد ان تثيرها في خطابك فلا تحاول ان تكون ماهرا او قادرا، استعمل شاكوشا واضرب الشاكوش على مسمار الفكرة ثم عد ثانية واضرب المسمار على رأسه واذا اردت ان تقرأ خطابك يجب ان تقرأه علنا، اقرأ الخطاب ببطء وامعان ولا تحاول ان تخفي الورق عن انظار الناس.
وطبعا احسن من هذا ان تحاول استذكار خطابك عن ظهر قلب واحسن طريقة لقراءة خطابك في حفلة عشاء ان تأتي بكوب ماء ثم تضع فوقه سلطانية غسل اليدين ثم ضع طبقا فوق السلطانية وضع خطابك فوق الطين ولكن حذار ان تضطرب فيختل توازنك وتنقلب كل هذه الاواني على ملابسك.. كما حدث لي ذات يوم!
ونستون شرشل

وسافرت الى كندا مع 10 من السكرتارية والامناء وعلى رأسهم شيخ هرم وهو السير جوزيف بوب لانه هو الذي نظم رحلة والدي الى كندا منذ 20 سنة!
وكنا جميعا في سنة 1919 ولكن السير جوزيف كان لا يزال يعيش في القرن الثامن عشر! وعلى ذلك رتب رحلتي على اساس انها تجري في القرن الثامن عشر لا القرن العشرين!
ولما لم تكن السيارات قد اخترعت في القرن الثامن عشر فقد اصر السير جوزيف على ان اركب جوادا واختال به بين الجماهير!
وهجمت علي الجماهير وسرقت مناديلي وقبعتي وانتزعت ازرار جاكتتي على سبيل التذكار!
وحاولت ان اقنع السير جوزيف بالعدول عن فكرة ركوب جواد امام الجماهير خشية ان يجمح الجواد ولكنه اصر على اتباع نظام القرن الثامن عشر. وفي كيوبيك هجم علي 27 ألف من المحاربين القدماء، واخترقوا الكوردونات واختطفوني من فوق الجواد وراحوا يتقاذفونني في الهواء، وكانني كرة قدم، لاولى عهد للامبراطورية ومندوب عن الملك!
ووجدت نفسي ملقى بجانب المنصة فصعدت اليها وانا ارتجف وخطاب يرتجف في يدي، وكان المفروض ان هذه لحظة من لحظات الامبراطورية الرهيبة. ولكن الجماهير لما رأت منظري اغرقت في الضحك!
وقلت لنفسي: ترى ماذا كان يحدث لابي لو انه رأى هذا المنظر! وبحثت عن جوادي فلم اجده ومن يومها اختفى الجواد من تحتي واختفى مع الجواد السير جوزيف كبير امنائي!
وكان باقي رحلتي بالقطار وكان لي صالون خاص في آخر عربات القطار استطيع ان اطل من شرفته على المستقبلين في المحطات، ولكن وجود هذه الشرفة، لسوء الحظ، كان يستدعي دائما ان اخطب في كل محطة.
وانضم الي حاشيتي المستر مارتن بوريل عضو البرلمان الكندي، وكانت مهمته ان يلقنني عند وقوف القطار بعض الكلمات المناسبة التي تلعب على الوتر الحساس في اهل البلدة التي يقف فيها القطار. وكانت خطبتي لا تستغرق اكثر من ثلاث دقائق وكانت واحدة لا تتغير مع اضافة شيء من البلدة التي يقف فيها القطار ولكن حدث في احدى المرات ان سمعت صفير الجماهير بدلا من تصفيقهم وهتافات بسقوطي بدلا من حياتي، واكتشفت انني اخطأت ومدحت البلدة المجاورة المنافسة بدلا من ان امدح اهالي البلدة التي وقف فيها القطار!
وقد علمني هذا الفشل ان افكر لنفسي والا اعتمد على الملقن في التعبير عن شعوري!
كما علمتني هذه الرحلات اكثر مما تعلمت في القصر الملكي وما درست في المدارس والكليات وشعرت من اختلاطي بالشعب ان"ثقب الامارة ليس هو كل شيء وان شخصية الامير هي التي تحببه الى الناس او تجعلهم يكرهونه..
وكان ابي يتتبع من قصر باكنجهام اطوار رحلتي باهتمام واعجاب وكتبت له من كندا الخطاب التالي في 31 اغسطس سنة 1919.
عزيزي بابأ..
استطعت ان ألقي اليوم بنجاح اطول خطاب في حياتي وانني ارفق صورته – اكتب هذا الخطاب برغم انني كنت مضطربا لانه كان مطلوبا مني ان اقول للساسة كلمات منتقاة في اوقات محددة ولقد جعلت محور كلمتي انه برغم انني لست كندي المولد، الا انني اشعر انني كندي فكرا وروحا، وانني حضرت الى كندا لا كزائر او غريب ولكن ككندي! ان شعوب الدومنيون تطمع ان توضع على قدم المستواة مع شعب انجلترا، ولقد بذلت هذه الشعوب جهوداً جبارة لتخرج الامبراطورية ظافرة من الحرب، ولذلك يجب ان نعترف لهذه الدول بحقها في حكم نفسها بنفسها..
ولدك: دافيد
وفي يوم 12 اكتوبر ارسل لي والدي الرد التالي:
عزيزي دافيد
يجب ان تاخذ الامور ببساطة خلال الشهر الاخير من رحلتك، ويجب ان تمنح نفسك قسط من الفراغ لكي تستريح من عناء الخطب.. لقد انذرتك وبصرتك بمتاعب هذه الرحلات!
ان هؤلاء الناس يظنون ان الامير مخلوق من صغر وانه يستطيع ان يعمل الى الابد.. ولذلك كان عليك منذ بادئ الامر ان تضرب قدمك الارض وترفض هذا البرنامج الضخم.
وكل ما اريد ان اقوله الان هو انني اقدم لك احر التهاني على نجاحك الباهر في رحلتك لان هذا النجاح يرجع اليك وحدك والى سلوكك العظيم في هذه الرحلة.
انني فخور بك وسعيد لان ابني لقي هذا الترحيب العظيم وهذه الحماسة المتدفقة.. ولقد تلقيت سيلا من الرسائل من اهالي كندا ومن اعضاء حاشيتك وكلها تتغنى بما فعلت يا ولدي العزيز..
بابا الذي يحبك جورج

وكانت الرحلة التي اقرها مجلس الوزراء البريطاني تقتصر على زيارة كندا وعدم اختراق الحدود الى امريكا.. ولكني لما وجدت نفسي على ابواب بلاد العم سام وجدت ان من الغباوة ان اقف عند الحدود!
وبعد عشرات من البرقيات وافق مجلس الوزراء على ان اضع قدمي في امريكا! وهكذا وصلت الى واشنطن يوم 11 نوفمبر سنة 1919.
الرئيس المريض
وكان رئيس الجمهورية الرئيس ويلسون مصابا بالقالج فاوفد نائبه لاستقبالي. وذهبت الى البيت الابيض وقابلت الرئيس ويلسون في فراشه.. وهو نفس الفراش الذي كان يرقد عليه ابراهام لينكولن.
ولم يستغرق حديثنا الا دقائق ولكنني تطلعت الى وجه ويلسون وشعرت انني امام اشقى رجل قابلته في حياتي.
وقلت لنفسي: اذا كانت السياسة هي سبب هذا الشقاء فالحمد لله على ان الدستور البريطاني يمنعني من الاشتغال بالسياسة!
نيويورك.. تمطر ثلجاً
وسفرت الى نيويورك.. ولما اقترب موكبي من شارع برودواي لاحظت ان السماء تمطر ثلجا في شاررع برودواي ولكن الثلج لا يسقط في الشارع الذي اسير فيه فدهشت من هذه الظاهرة ولكن محافظ المدينة افهمني حقيقة هذا الثلج.. انه اوراق بيضاء صغيرة تلقى من ناطحات السحاب وتبدو كالثلج من بعيد! وقال لي المحافظ ان هذه هي طريقة ترحيب شعب نيويورك بكبار الزائرين!
ولكن لما اخترقت الشارع بسيارتي سمعت اصواتا اشبه باصوات القنابل والتفت مذعوراً الى المحافظ اسأله عن سر هذه الانفجارات فقال لي:
- لقد جرت العادة ان يمزق سكان ناطحات السحاب اوراق دفتر التليفون ويلقونها من النوافذ.. ولكن بعض السكان كسالى، ولذلك يلقون عليك دفتر التليفون كاملا!
وكان دفتر تليفون نيويورك في تلك الايام مكونا من خمسة آلاف صفحة!
ولم يقع دفتر تليفون واحد على رأسي.. مما يدل على ان اهل نيويورك لا يجيدون اصابة المرمى!
وجلست على كبوت السيارة ورحت اتلقى الهتاف والتصفيق وكانني ممثل يقف على المسرح وقضيت اربعة ايام في نيويورك وزرت عمارة ولورت وكانت تتكون من ستين طابقا ثم ضريح جرانت ثم بورصة نيويورك ودار الاوبرا والمدرسة الحربية وست بوينت وكان في استقبالي هناك مديرها الضابط الشاب دوجلاس ماك آرثر.. الجنرال ماك آرثر الان!
ووضعت طاقة من الزهر على قبر الرئيس تيودور روزفلت واجتمعت بجميع كبار موظفي نيويورك.. ما عدا العمدة الذي زاغ مني لانه كان ارلندي الاصل وكانت ارلندا في حرب داخلية مع انجلترا! ورفض العمدة ان يجامل ولي العهد على حساب الشعب الثائر.
لولا ملك بريطانيا.. ماسكرنا
وعند عودتي الى لندن.. كان والدي مهتما بالاستفسار عن كل شيء في امريكا لانه سمع عنها دون ان يراها..
كان يسالني عن ارتفاع ناطحات السحاب وعن عدد السيارات في الشوارع وعن حقيقة التدفئة الصناعية في المنازل وعن عدد موظفي البيت الابيض. ولكن كان اكثر اهتمامه يدور حلو اثر منع الخمور في الامريكيين، كان والدي لا يشرب الخمر ولكنه كان يرى انه من الظلم ان تمنع الحكومة الشعب بقوة القانون من معاقرة الخمر ولقد رويت له اغنية سمعتها في نيويورك وهي:
شعر بعض الجنود الامريكيين بالظمأ الشديد
فاخترقوا الحدود الى كندا ليشربوا كأسا من الويسكي
ولما امتلأت الكؤوس.. صاح الجنود الامريكيون.
اللهم انصر امريكا.. ولكن حفظ الله ملك بريطانيا فلولاه ما سكرنا!
واعجب والدي بالاغنية فراح يرددها عدة مرات وهو يقهقه كلما وصل الى الفقرة التي تقول"اللهم انصر امريكا.. ولكن حفظ الله ملك بريطانيا فلولاه ما سكرنا!".
وبعد ان استرحت ثلاثة اشهر امرني رئيس الوزراء بان اتحرك مرة اخرى وان اسافر الى مصر واستراليا ونيوزيلندا والهند واليابان وروما.
وقد ذهبت الى مصر بعد زيارتي للهند وقابلت الملك فؤاد والد الملك فاروق. وكانت زيارتي للقاهرة هذه المرة في يوم السبت 10 يوليو سنة 1923 ولم تكن هذه هي زيارتي الاولى لبلاد النيل فقد سبق ان زرتها في شهر مارس سنة 1916 اثناء عيد الحب وزرت بورسعيد والسويس.
وفي هذه المرة ذهبت الى قصر عابدين مع المندوب السامي اللورد اللنبي وكان في استقبالي ضباط الحرس الملكي المصري. وقد دهشت من سعة اطلاع الملك فؤاد ومن سرعة خاطره وقد رد الملك فؤاد زيارتي وزارني في قصر الدوبارة حيث كنت اقيم ضيفا على اللورد اللنبي.
وذهبت في اليوم التالي الى نادي الجزيرة ولعبت البولو وبعد اللعب طلب مني اللورد اللنبي ان اخطب في المتفرجين، فالقيت كلمة صغيرة اعتذرت فيها عن رداءة لعبي واشدت بمهارة الجياد العربية التي حالت بيني وبين الوقوع على الارض!
وفي المساء شاهدت القاهرة مع الشاب احمد حسنين (باشا) وكان من زملائي في جامعة اكسفورد ولقد كانت رحلاتي سهلة بسيطة.. لم تكن مهمتي المفاوضة لعقد معاهدة ولا لتحقيق اغراض سرية!
كانت مهمتي ان اقابل المحاربين القدماء واختلط بتلاميذ المدارس وتذكير الشعوب بالامبراطورية والرسالة التي حملتها في طوافي حول العالم هي:
انني جئتكم لاني اكبر ابناء الملك وولي عهد العرش الذي يقوم على اساس حرية الشعوب في العمل كل على طريقته ولكن على ان نتحد جميعاً في الهدف.
الإضراب.. عن استقبالي
ولكن هذه الرسالة البسيطة لم تلق ترحيبا في كل انحاء الامبراطورية فقد استطاع سخط الشعب في الهند ان ينفذ الينا من وراء كردونات الجنود.
فلقد كانت زيارتي للهند اثناء قيام غاندي بحملة العصيان المدني للقضاء على النفوذ البريطاني.
بل انه في يوم وصولي الى بومباي امر غاندي الشعب بان يضرب عن استقبالي ويمتنع عن الاشتراك في الحفلات التي اقامتها الحكومة للترحيب بي، وسالت الدماء في الشوارع وحدثت مصادمات بين الهنود والمسلمين والمنبوذين على بعد خطوات من الحفلات الصاخبة التي اقيمت لي!
ولما زرت مدينتي"الله اباد"و"ينارس"سار موكبي في شوارع المدينة واذا بالشوارع خالية وجميع المحال التجارية مغلقة في وجهي.. حتى النوافذ اقفلت!
وسار موكبي في صمت اشبه بصمت القبور.
ولم يغضبني ما حدث فقد احسست يومها بحقيقة شعور الشعب في الهند.. وكنت اعرف شعور رجال الحكومة نحوي.. ولكن لم اكن اعرف ان هذا هو شعور شعب الهند نحو ابن إمبراطورهم!


آخر ساعة/ حزيران- 1950

ذات صلة