فاضل ثامر وروايات لم تمتثل للتاريخ

فاضل ثامر وروايات لم تمتثل للتاريخ

في كتابه”التأريخي والسردي في الرواية العربية”الصادر حديثاً عن داري”ابن النديم”في الجزائر و"الروافد الثقافية”في بيروت، يقرأ الناقد العراقي فاضل ثامر الرواية العربية الحداثية وما بعد الحداثية من حيث تعاملها مع التاريخ، إذ يرى أنها تجاوزت موقف الامتثال للمركزية التاريخية، ليصل إلى مساحة متنازع عليها بين سلطة التاريخي وسلطة المتخيل السردي.

يقول ثامر في مقدّمة كتابه الذي تجاوز الـ 400 صفحة،”مشروعي النقدي في كتابي هذا إنما هو محاولة للإمساك بمظاهر التنوع والاختلاف والتشاكل في مشروع الروائي العربي الحداثي وما بعد الحداثي لإقامة جسر افتراضي (...) يؤسّس لمملكة سردية قادرة على مواجهة الزمن".
هذا المشروع ليس بجديد على الناقد العراقي، الذي نشر كتابه الأول عام 1975، وكان بعنوان”معالم جديدة في أدبنا المعاصر"، بل إنه هو نفسه يصف كتابه الجديد هذا بأنه متابعة لما بدأه في إصدار”المبنى الميتاسردي في الرواية”(2013)، الذي وقف فيه عند ظهور الأشكال الميتاسردية وتناول أعمال أساسية في تاريخ السرد العربي. وهو كذلك كتاب يمكن العثور على بذوره في أعمال ثامر السابقة منها”الصوت الآخر: الجوهر الحواري للخطاب الأدبي”(1992) و"اللغة الثانية: إشكالية النظرية والمصطلح في الخطاب النقدي العربي”(1994) وكذلك”المقموع والمسكوت عنه في السرد العربي”(2004).
يمكن إذن تلمّس خط ومنهجية واضحة لدى ثامر، وهو أحد النقاد القليلين المنهمكين فعلاً في تتبع التقلبات في السرد العربي كما أنه قارئ للروايات المؤسسة بقدر ما هو مهتم بالرواية المعاصرة والشابة، وهذا اهتمام يقصّر فيه معظم المشتغلين بالنقد في الأدب العرب، إذ تقتصر انشغالات معظمهم على إعادة قراءة الروايات الأكبر عمراً مع تجاهل للسرد الشاب، باستثناء الانتباه للروايات الشابة التي تسلط عليها الجوائز الأدبية الضوء أو تلفت النظر إليها، فهذه تأخذ حصتها من الاهتمام، بل ربما تأخذ أكثر مما تستحق فعلاً.
في هذا الكتاب يدرس ثامر روايات”رحلة الغرناطي” للبناني ربيع جابر، و"ثلاثية غرناطة” للمصرية رضوى عاشور، و"البيت الأندلسي” للجزائري واسيني الأعرج، و"مخيم الموراكة” للعراقي جابر خليفة جابر، و"ليون الأفريقي” للفرنسي من أصول لبنانية أمين معلوف. وكما هو واضح في هذا الجانب فإن الموضوع التاريخي هو علاقة الروائي العربي بالأندلس.