ملاكي الجميل..  خطابات حب جان كوكتو إلى جان ماريز

ملاكي الجميل.. خطابات حب جان كوكتو إلى جان ماريز

ترجمة: سماح جعفر
جينوتي، هو عيد الميلاد، أروع عيد ميلاد في حياتي. قلبك، جسدك، روحك، سعادة العيش والعمل معك هي كل شيء بالنسبة لي. موضوع واحد هو”الحضور النافع"، والذي لا أوافق عليه. فهو شيء غير ضروري. سوف أنظر فقط إلى يديك المعطاءة. جينوتي، لا يمكنني أبداً أن أشكرك بما فيه الكفاية: شكراً لك، شكراً لك على عبقريتك الأبداعية، شكراً لك على حبنا.

جانك، المكان مادلين 1938م

معشوقي جينوت،
لقد أتيت لأحبك (أكثر من أي شيء في العالم)، لقد أعطيت نفسي أوامراً لأحبك فقط كأب وأريدك أن تعلم أن ذلك ليس لأنني أحبك بشكل أقل، ولكن لأنني أحبك أكثر.
لقد كنت خائفاً- حتى الموت- من أن أريدك جداً، أن لا أعطيك حريتك وأن أحتكرك كما اللعبة [فظاعات الآباء]، العرض الأول على مسرح السفراء في باريس في عام 1938]. ثم أنني خشيت أن تكون وقعت في الحب ولكنك لا تريد أن تؤذيني. قلت لنفسي أنه إن تركتك حراً من الممكن أن تخبرني بكل شيء، وحينها سوف أصير أقل بؤساً مما لو كان لديك أمر تخفيه عني. لا أستطيع القول أنه كان قراراً من الصعب اتخاذه - لأن عشقي لك مختلط باحترام- لأنه دين في أحرف، مقدس تقريباً - ولأني أعطيتك كل ما بإمكاني تقديمه. ولكني أخشى أن تتخيل أن هناك كتمان معين بيننا، عدم ارتياح معين - وهذا هو سبب أنني أكتب لك بدلاً عن التحدث، من أعماق قلبي.
حبيبي جينوت، سوف أقول لك مرة أخرى أنك كل شيء بالنسبة لي. فكرة كبتك، والاستفادة من شبابك الرائع، ستكون فظيعة بالنسبة لي. لقد تمكنت أن أقدم لك بعض الابتهاج، والذي هو النتيجة الحقيقية الوحيدة لتلك المسرحية، والنتيجة الوحيدة التي أعول عليها وتدفئني.
أعتقد - أنك يوماً ما ستجتمع بشخص في عمرك وسوف تخفيه عني أو أنك سوف تمنع نفسك عن حبه خوفاً من أن تدفعني نحو اليأس - ولو فعلت ذلك سوف أظل غاضباً من نفسي إلى يوم مماتي. فمن الأفضل بلا شك حرمان نفسي من جزء صغير من سعادتي واكسابك ثقة بنفسك لتصبح شجاعاً بما فيه الكفاية وتشعر بحرية أكبر مما كنت تفعل مع بابا أو ماما. لابد أنك رصدت وجلي وضيقي. فأنت جينوتي الذكي الذي يعرف شيئاً أو اثنين. لكن يجب أن أشرح لك موقفي، لكي لا تفكر لثانية أن هناك ظلال بيننا. أقسم لك أنني منصف وشهم كفاية لكي لا أكون غيوراً أبداً، وهذا يجبرني على العيش في اتفاق مع الإله الذي نصلي له. لقد وهبنا هذا الإله الكثير وسيكون من الخطأ أن نطلب منه المزيد. أعتقد أن التضحيات تجد مكافآتها، لا توبخني، يا ملاكي الجميل. أرى من خلال الطريقة التي تنظر بها إلى وجهي أنك تعرف أن لا أحد يحبك أكثر مني - وأنني يجب أن أشعر بالخجل من وضع أدنى عقبة كهذه في طريقك. جينوتي أعشقني كما أعشقك وواسني. اضغطني على قلبك. ساعدني لأكون قديساً، لأكون جديراً بك وبنفسي. أنا أعيش فقط من خلالك.
يونيو 1939

حبيبي جينوت،
أتوسل إليك أن تقرأ هذه الرسالة كما كتبت، بروحك الجميلة وبحبنا، وأن لا تجد فيها ظلاً للغيرة، الشعور بالوحدة، مرارة الكبر، الخ. أنا بائس جداً، جداً، يا جينوتي، لأن الحظ ساعدني لجعلك مشهوراً والآن الجميع يحبونك... حقيقة أنك تخرج باستمرار مع صبية في مثل سنك هي أمر رائع. لو كُنت مثل ميركانتون، جيلبرت [ميركانتون وجيلبرت جيل، ممثلين شباب]، وما إلى ذلك، لكنت رأيت الأمر كدقة، عمل، فرح. لكن الشيء الذي تمنعك براءتك عن رؤيته هو أن هذه العصابة الصغيرة التي تخرج برفقتها طوال الوقت هي، في نظر الآخرين، عصابة من المبتزين، الصبية العاطلين، الذين لا يستحقونك، والذين يرفعهم وجودك في حين أن وجودهم يحط منك. أنا لا أقول لك هذا لأنه ما قيل. لقد أخبرت كل من حدثني عن هذا الموضوع بنفس ما أقوله لك الآن. أنا أقول لك هذا لأنني أردت تحليل ضيقي، لأعرف من أين يأتي وما إذا كانت دوافعه دنيئة.
لا. لست متأكداً من كوني محقاً. لاحظ أنني لا أطلب منك أن تدير ظهرك لهؤلاء الأصدقاء الجدد. بل أطلب منك أن تمارس نفس الحرص الذي مارسته أنا عندما كنت مرتبطاً بهم في الماضي. عادة بأن تنتظر إشارة قبل الاندفاع لرؤيتهم.
هذه المحادثة ليست لأجلك. ذائقته ليست لأجلك. أسلوب حياته ليس لأجلك. أنت تصوره وكأنه الأمير الساحر. ولكن في عيني وعيون الآخرين هو مجرد طفل عاجز ليس له مكان في هذا العالم، وكسول في وجه القدر.
خذ هذا القلب. افتح عينيك. فكر. فكر في عملي، في مسرحياتنا ومشاريعنا، نقاءنا، الخط المستقيم الذي مشيناه - وعادل ذلك ضد قلقي المخيف من معرفة أنك دائماً غائب عن غرفتك وأنك فررت نحو أولئك الصيادين الذين يهينونك دون أن تعي ذلك. لا تغضب مني لكوني صريح حيال الأمر. لقد كابدت عناءً شديداً قبل كتابة هذه السطور. سيكون من الأسهل بالنسبة لي أن استفيد من لطفك وأبقى صامتاً حيال كل شيء. تأمل هذه السطور وجد الجواب بنفسك. لا تخترع واحداً لي.
جانك

ملحوظة؛
يا جينوت حماقة العشاق هائلة، رتيبة، حيوانية، نجمية. ماذا علي أن أفعل؟ كيف يمكن أن أجعلك تفهم أنني لم أعد موجوداً دونك.
منزلنا
تموز 1939

عن الاهرام