الدكتور غانم حمدون خالدٌ  في ضمائرنا

الدكتور غانم حمدون خالدٌ في ضمائرنا

د. علي إبراهيم
تعرفت عليه في السنوات الأولى من التسعينيات بعد أن سمعت عنه وقرأت له وكانت مصادفة تاريخية لا يمكن أن تنسى حين أرسلت له موضوعا مستلا من أطروحتي عن الكاتب الكبير غائب طعمة فرمان، التي ما زالت قيد الدراسة في وقتها وطلب اللقاء بي للتداول وعندما زرت لندن في عام 1995 دعاني إلى بيته، ذهبت إليه فوجدته وحيدا

قال: حديثنا سيكون على مائدة الغداء وبدأ يحضر ما لديه فقلت له: دعني أساعدك، قال: طبعا لا مانع لدي، أنجزنا كل التحضيرات المتواضعة بسرعة وجلسنا نأكل، وفي البداية فتحنا موضوع البحث، فأخبرني بما يعرفه عن الحركة الأدبية في العراق وعن غائب ودوره في الرواية وملاحظاته عن الموضوع المرسل إليه من قبلي وكانت قيمة أفدت منها في تعديل البحث الذي تم نشره في الثقافة الجديدة، ثم تحدث عن معاناته في إصدار المجلة التي تكفل بإصدارها رئيسا لتحريرها وعن انشغال الكثير من الكتاب بالعمل في الصحافة التي توفر لهم مردودا ماليا يعينهم على الغربة، لم يتحامل عليهم بل أشاد بمن يتواصل معه في رفد المجلة بكتاباته، وأتذكر في معرض حديثه أشاد بالكاتب الدكتور رشيد خيون الذي كان ينشر له في مجلة الثقافة الجديدة وتنبأ له بمستقبل في مجاله - يومها لم يكن معروفا- وقد تحققت نبوءته وها هي كتبه الكثيرة تملأ المكتبات. ثم عرض علي مجموعة من الكتب التي حصل عليها من كتّابها هدية وقال لي خذ منها ما شئت، فرحت وشكرته على كرم الضيافة والكتب.
والتقيته في المؤتمر السادس للحزب الشيوعي العراقي في شقلاوة، صيف عام 1997، ووجدته حيويا بوجوده وبأطروحاته المفيدة. كان فرحا بهذه المناسبة التي كانت سببا في زيارته للعراق والتمتع بجزء مهم من الوطن، وهو يرنو نحو مدينته الموصل، بعد غربة طويلة متواصلة، منذ الهجمة الفاشية في عام 1978 التي شنها نظام صدام المقبور لتصفية أعضاء الحزب الشيوعي العراقي جسديا أو اعتقالهم وتعذيبهم، محاولا عبثا إجبارهم على تغيير قناعاتهم الفكرية والسياسية.
السيرة الطيبة خالدة وتصير مع الزمن نبراسا للقادمين، ها هو أنت أيها المناضل الصادق الوفي غانم حمدون في ضمائرنا تبقى.