غانم حمدون...يظل حيا!

غانم حمدون...يظل حيا!

ابراهيم الحريري
هل حقا رحل؟ لا اصدق ذلك. ذلك انه كان له من قوة الحضور، من تواضعه، من صدقه، من اخلاصه، من تفاؤله، من قدرته النادرة على السخرية الذكية حتى من نفسه، كان له من كل ذلك ومن كثير غيره، ما يمنحه قوة الحضور الدائم، حتى لوغاب، ذلك انه من القلائل الذين يصبحون، في غيابهم اشد حضورا.

تعرفت عليه منذ امد طويل, منذ اواخر الخمسينات. كانت علاقتنا تتراوح، قوة وفتورا، بحسب تطور الأوضاع السياسية، اعني، ولا اخجل من قول ذلك، بل افهمه، لا اشكو منه، بل اعذره عليه، بسبب تقلب اوضاعي، حينا، ومزاجي حينا آخر، خصوصا في السنوات الأخيرة.
لكن اوائل التسعينات، شهدت مراسلات كادت تكون يومية بيننا، أنا من تورونتو- كندا وهو من لندن - بريطانيا، حتى اني كتبت له مرة مازحا”ان بإمكانه ان يجني ثروة من نشر مراسلاتي له، بعد موتي! رد ساخرا: موت الأول! ونشوف!»
لكنه”فعلها”بي، رحل قبلي وترك لي ان الملم مراسلاتنا. وارجو ممن سيجمع اوراقه، والح في الرجاء، ان يحفظ لي مراسلاتي له - اعتقد انه احتفظ بها، كما احتفظت انا برسائله، ليس طمعا بثروة من نشرها، بل لأنها، اعني مراسلاتنا معا، رسائله خصوصا هي الثروة الحقيقية، بل هو الثروة الحقيقية التي لا تنفذ- لما تنطوي عليه من عمق في النظر، من غنى في الروح، ومن روح ابوية كانت تتجاوز نفاد صبري،(نزقي كما اسماه ذات مرة، لعله كان محقا).
يا للأب الحاني! يا للأخ العطوف! يا للصديق الصدوق! يا للرفيق الرفيق!