الضابط المسؤول عن حراستها يتحدث..شهدت اعدام ريا وسكينة!

الضابط المسؤول عن حراستها يتحدث..شهدت اعدام ريا وسكينة!

لا توجد مسرحية عربية اكثـر شهرة من مسرحية"ريا وسكينة". وفي عالم الجريمة النسائية لن تجد شهرة أكثـر من شهرة"ريا وسكينة".
الصحافة العربية ومنذ العام 1921 وحتى منتصف القرن انشغلت بتفاصيل هذه العصابة وجرائمها. وفي العام 1953 نشر الضابط المسؤول عن حراستهما شهادته عنهما والحوارات التي كانت تدور بينهم وايضا تفاصيل اعدام افراد هذه العصابة.

هنا نص الموضوع كما نشر يومذاك.
"اعد احد مخرجينا الفنانين فيلما عن حياة"ريا وسكينة"وعصابتهما الرهيبة التي روعت الاسكندرية بجرائمهما الوحشية على نحو لم يسبق له مثيل في تاريخ الجرائم بمصر.. وفي المقال يحدثنا اللواء محمود عمر قبودان عن ذكرياته مع افراد العصابة الرهيبة عندما كان هو الضابط المكلف بحراستهم في سجن الاسكندرية قبل اعدامهم.
روعت الاسكندرية خلال عام 1921 بجرائم عصابة"ريا وسكينة".. وكانت هذه العصابة تستدرج النسوة لتجهز عليهن وتجردهن من حليهن الذهبية ثم تحفر لهن قبورا في وكرها الكائن على بعد خطوات عن قسم بوليس اللبان... بعد ان تطلق البخور لكي لا تفوح رائحة جثث الضحايا فتزكم الأنوف، وتكون سببا في اكتشاف جرائمها!
المجرمون في سجن الحدرة
وقد ذهب المجرمون من افراد هذه العصابة عقب اكتشاف جرائمهم وتقديمهم للمحاكمة الى سجن الحدرة بالاسكندرية، وكان عددهم ثمانية اشخاص، هم:"ريا وسكينة"، وعبد العال، وحسبو، شكير، وعرابي، وعبد الرزاق، والصائغ الذي كان يشتري من العصابة حلي القتيلات والضحايا.
وكنت في ذلك الحين ملاحظ السجن المكلف بحراسة افراد هذه العصابة، وكثيرا ما كنت اتحدث الى"ريا وسكينة"وبقية افراد عصابتهما في الجرائم التي ارتكبوها....
الشاب الوسيم
قالت لي"ريا"ان زوجها محمد عبد العال، وهو شاب قوي وسيم، كان يتأنق في ملبسه ويطوي شوارع الاسكندرية بحثا عن بنات الهوى والنسوة اللواتي ينقدن لوعود الشباب، بشرط ان يكن متحليات بالحلي الذهبية... ثم يدعوهن الى الذهاب معه الى بيته وهناك يعمد الى خنقهن بمساعدة بقية افراد العصابة....
واستطردت ريا قائلة: وكانت تلك الجرائم ترتكب بسهولة وبلا ضجة وكنا نعتزم حمل جثث الضحايا بعيدا عن الدار، ثم رأينا ان ذلك يعرض العصابة لخطر اكتشافها... فاقترحت حفر قبور للضحايا في"بدروم"الدار ودفن القتلى فيها!..
استغفلت البوليس!
وكانت"سكينة"مزهوة"بالانتصارات"التي سجلتها على رجال بوليس قسم اللبان، فقد كان الوكر الذي تزهق فيه العصابة ارواح ضحاياها يقع خلق مبنى القسم.... وكانت تقول"لو ان احد ضباط القسم أرهف سمعه قليلا لسمع صرخات من كانت العصابة تقتلهن، ولكن رجال البوليس كانوا في شغل شاغل عنا"!...
جرأة واستهتار!
وقد بلغ من جرأة"ريا وسكينة"أنهما كانتا، في السجن تفخران بجرائهما.. وتتذكران اسماء النسوة اللواتي قتلهن افراد عصابتهما...
وقالت ريا: ان اسباب اكتشاف جرائمهما يرجع الى مصادفة بحتة لا أثر فيها لجهود البوليس او غيره...
فقد حدث ان امرأة تدعى"فردوس الحبشية"كانت قد أرسلت ملابسها للكوي في حانوت على مقربة من وكر العصابة، ولما أبطأ الكواء في تجهيز الملابس ذهبت اليه تستعجله.. فالتقت بها ريا ودعتها الى منزلها ريثما يتم الرجل كي الملابس... ولبت فردوس الدعوة، ودخلت مع ريا الى منزلها حيث تولت العصابة امرها فأجهزت عليها، ثم دفنتها كغيرها من الضحايا في أرض المسكن.
ولما بحثت والدة فردوس عنها أرشدها الكواء الى المنزال الذي دخلته مع ريا فأبلغت المرأة الامر الى بوليس قسم اللبان، فلما دخل رجاله مسكن ريا للبحث عن فردوس، ادى بهم البحث الى العثور على جثتها مدفونة في بدروم المنزل مع بقية الجثث الاخرى التي أزهقت العصابة حياة صاحباتها!
الحكم بالاعدام
وقد قضت محكمة جنايات الاسكندرية على"ريا وسكينة"وبقية افراد العصابة بالاعدام شنقا، اما الصائغ المتهم بشراء حلي القتيلات من المجرمين فقد عوقب بالحبس لمدة خمس سنوات.
ارسال فتاة الى الملجأ
وكان لريا فتاة صغيرة لم تجد من يعولها بعد الحكم على أمها بالاعدام، فأرسلتها الحكومة الى احد الملاجئ لتعيش هناك، وكانت تأتي بين الحين والاخر لزيارة امها في السجن فكانت امها تقول لها: انت موش ناوية يابنت تنشنقي بدال امك؟
فكانت الفتاة تظهر استعدادها للتضحية بحياتها، اذا كان في هذا انقاذا لعنق امها من حبل المشنقة وهنا تقول لي ريا: شوف البنت طالعة شجاعة زي امها ازاي!؟
الجلاليب الحمراء!
وكانت"ريا وسكينة"اول امرأتين تحكم عليهما محاكم الجنايات في مصر بالاعدام شنقا، من اجل ذلك بحثت مصلحة السجون في شأن الملابس التي يلبسانها بعد الحكم عليهما، ثم قررت ان تعد لهما ملابس حمراء من نوع الملابس التي يرتديها المحكوم عليهم بالاعدام من الرجال.
وقد اعدم المتهمون السبعة في يومين متتاليين، فأعدم في اليوم الاول"ريا وسكينة"وعبد العال وحسبو وفي اليوم التالي اعدم شكير وعرابي وعبد الرزاق...
وعندما اقبلت ريا نحو المشنقة كانت تضحك متظاهرة بالشجاعة اما سكينة فكانتت تقلب نظرها في عشماوي حينا وفي المشنقة حينا اخر، وهي تقول له: ياللايا اخينا شوف شغلك قوام! وفي اليوم المحدد لتنفيذ حكم الاعدام في عبد الرزاق، نقلوه الى الغرفة السوداء فلم يكد يدخلها ويرى المشنقة حتى تملكته ثورة عنيفة، وانطلق هائجا من الغرفة وعبثا حاول حراس السجن ان يعيدوه اليها، فقد كانت قوته البدنية الخارقة تمكنه من التغلب عليهم ومحاولة الفتك بكل من يقترب منه!.
وكان في سجن الحدرة حينذاك احد فتوات الاسكندرية المشهود لهم بالقوة والشجاعة واسمه النجر، فاستنجد به رجال حرس السجن فانطلق كالوحش نحو عبد الرزاق، وراح يصارعه حتى تغلب عليه، ثم حمله الى الغرفة السوداء، وشد وثائقه، ثم ساعد عشماوي في تجهيزه على حلقة المشنقة الى ان نفذ فيه الحكم...
وقد ظلت الاسكندرية، بل ظلت مصر كلها، تتحدث عن قصة عصابة ريا وسكينة عدة سنوات وحتى الآن لا تكاد تذكر هذه القصة حتى تعود الى الأذهان اشباح حوادث هؤلاء السفاحين الذين تجردوا من الضمير وفقدوا كل صفات الانسانية".
المصور/ 9/2/1953