افلام الحياة!! ..احب الافلام الى نفسي

افلام الحياة!! ..احب الافلام الى نفسي

سألت"الصباح"السيدة زينب صدقي الممثلة الأولى في الفرقة المصرية رأيها في احسن فيلم مصري شاهدته في السنوات الاخيرة، فاطرقت ممثلة"ليلى العراقية"قليلا.. ولكنها ما لبثت ان قالت:
لقد شاهدت افلاما مصرية كثيرة، بعضها راقني موضوعه والبعض الآخر مرت حوادثه امامي مرورا عابرا، ولا اصرح باسماء الافلام التي راقتني،

والتي لم تعجبني، فليس هذا مجال المقارنة والتقدير وابداء الاعجاب غير ان الظاهرة التي لمستها في غالبية الافلام المصرية هو التشابه في قصصها، وليس هذا التشابه مصدره ضعف القصص، إذ ان الحياة المصرية فقيرة الحوادث والاحداث.. ولكنه يعود بلا شك الى احجام كتاب للقصص السينمائية عن الدخول الى قلب الحياة المصرية واستطلاع بمواطنها، والبحث عن الامها واوجاعها في شتى نواحيها..

والحياة المصرية في حالتها الراهنة، كفيلة بأن تقدم في كل ساعة.. بل وفي كل لحظة قصصا يصح عرضها على الستار الفضي، وتكون منقطعة النظير وتعال معي نسير غور حياتنا المصرية ترى امام عينيك افلاما واستكشات، آية في روعة التأليف والاخراج.. ترى امامك في الطريق العام روايات يمثلها الاطفال الصغار الذين جمعهم نفر من الاشرار، للتسول في الظاهر والنشل في الباطن.. والمأساة في هذا ان هؤلاء الاولاد الذين يعملون في هذه الحرفة على مرأى ومسمع من ولاة الامور مصابون بأمراض خطرة يخشى منها على الجمهور.. وبعضهم من فرط المرض يتحايل وهو في اشد الالم على استجداء المارة وجمع النقود ليقدمها لمن يدير دفة هذه العصابات الخطرة.
والان تعال معي ندخل قليلا بعض البيوتات المصرية لنرى الدراما والتراجيديا في منازل الزوجية في ادق صورها واشكالها.
ان في هذه الحياة.. حبا وغدرا وصراعا وانانية وخيانة و.. و.. الخ.. مما يصور الشعور النفسي في ابهى صورة، وترى المأساة فيها رائعة التقديم، دقيقة الإخراج.. ومع الاسف، لا يقدمها احد على الستار الفضي لتكون عظة وعبرة.. ولهذا يعجبني كثيرا ان اردد بعضا مما لمسته وشاهدته في حياتي من هذه القصص والافلام.. وامامي الان قصتان:
الحادثة الاولى: تزوج احد الاطباء بسيدة من عائلة راقية شهد الكل بجمالها وتعليمها وخلقها الكريم، وكان الطبيب كريما سخيا معتدا بنفسه وبكل امته ولكنه لم يكن جميل التكوين كطلب زوجات هذا الزمان.. وسارت الحياة خطواتها الاولى هادئة.. ثم جاءت الايام بنتاج كريم.. ولكن ما اقسى اختلاط الجنسين!!..
تعرفت الزوجة في إحدى السهرات على كبير له مركز خطير في الحكومة المصرية.. هو بلا شك جميل الشكل حلو الحديث سخي اليد.. والمرأة تسعد لأن يكون بجانبها مثل هذا الصنف من الرجال لتشبع ناحية من نفسها.. ولأنه شبع شهوتها الجنسية والمادية فانطلقت اليه وقابلته مرة.. ثم مرة.. وارتمت في احضانه.. وفي إحدى المرات رغبت منه امرأة فاجابها على الرحب والسعة.. واعادت الكرة فاجيب طلبها.. واستغلت هذه الناحية استغلالا كبيرا، فنجحت واصبحت (المصلحة) الكبيرة البناء التي يشرف الموظف الكبير عليها تضم مئات من الموظفين الذين كانت الزوجة واسطة في تعيينهم بعضهم من اقاربها واقارب اقاربها وبعضهم من دفع الثمن!.
وسارت الامور على هذا النحو – وعرف في الاوساط الراقية.. ان (فلانة) زوجة الكبير غير المتوجة.. وعند سفرها الى اوروبا صحبة الكبير نشرت الصحف خبر السفر وقالت: سافر فلان بك وعائلته الكريمة الى اوروبا لقضاء فصل الصيف.
حدث هذا والزوج في غفلة، لأن طيبة القلب لا تصل الى هذا الحد. ولا تصل الى تعلي زوجته عن الاجتماع بخليلها في داخل بناء ودار الزوجية نفسها!!.
وجاءت الحرب الاخيرة.. ولعب الذهب في كثير من الصفقات التجارية في السوق السوداء وازدحم مكتب الموظف الكبير بكثير من الاعمال التي تدخل ضمن النتاج الحربي.. ونزلت هذه السيدة بجانب (عشيقها) في هذا الميدان يشتريان رخيصا ويبيعان غاليا وانشا مكتبا للمتاجرة والسمسرة، دونه مكاتب سماسرة وتجار هذا الزمان!!
واخيرا.. احس الزوج بزوجته.. ولكن كان احساسه في الشوط الاخير.. ورأى امامه امرأة قليل عليها وصفها بالخيانة، فاسقط في يده خوفا من هدم منزل الزوجية وهدم كرامته ومركزه الاجتماعي.. ولكنه اصيب بنوبة التفكير الشديد للخروج من هذا الموقف القاسي.. وكان كلما رأى زوجته تتحدث في التليفون او تخرج في سيارتها اهتز جسمه وخرج عن وعيه وكان ان اصيب بلوثة جعلته يقف في عيادته يقذف بزبائنه ويطرد مرضاه.. واخيرا اصيب بالعمى والجنون!!. وهو الان في نهاية الدراما، يطوي الورق في مستشفى المجاذيب!..
والزوجة تشرب كأس الحب مع الموظف الكبير!!.
الحادثة الثانية: والفيلم الثاني شاهدته في الاسبوع الماضي.. وهو يصور شعور ام.. مع بنيها، وقبل سردها اقول انني كنت اعده شاذا ما قرأت في الصحف ان اما امسكت بوحيدها والقته في الطريق، او ان اخرى كوت ابنتها بالحديد المحمي، او ان والدا اهمل فلذة كبد مرضاة لزوجته الجديدة.. ولكن بعد هذه القصة اصبحت اقر ان المرأة اقسى نفسا على الانسانية من الرجل.
أ.ع. محبوب من اصدقائه ومعارفه، كامل الرجولة، يسعى لرزقه من اشرف الطرق.. وكان يمني النفس بان تكون بجانبه زوجة فاضلة تشاركه حياته ويقدم لها كل مطالب الحياة.
وعثر على بغيته، واصبح له منزلا لا ينقصه شيء سوى ولد او فتاة يسعد بهما، واستجاب الله الطلب، وجاءت ابنة ورنت الفرحة في المنزل.. وتربت الفتاة احسن تربية.. ثم جاء الطفل (س) وازداد حب الرجل لزوجته وولديه الذين اصبحا اعز من حياته.. وادخلهما احدى رياض الاطفال، فكانا مثالا للطيبة والخلق الحسن بين زملائهما الاطفال.. ولكن ما اقساك ايها القدر!.
اصيب الوالد بداء عضال.. كان يشقى منه حينا، ولا يلب ثان يعوده.. وبدا على الزوجة السأم.. وهذه اولى علامات انانية المرأة.. فهي تبغى ان يكون زوجها سليما معافى في كل مراحل الحياة لتشبع شهوتها، وقذف المرض بالرجل في إحدى المستشفيات.. ولازمته زوجته في الايام الاولى.. ثم اصبحت زيارتها له نادرة.. ومنعت ولديه من مشاهدته، فكان يردد اسمهما في كل يوم، وحتى في غشيانه.. وسكت المريض على مضض، وكان سكوته عاملا على هدم الجسد، وسكونه الى الابد.
ولم يمر اسبوعان على الفتاة حتى زفت الى رجل آخر تعرفت عليه إبان مرض زوجها الاول، والزوج الجديد، كما يقول المثل (لافي العبير ولا في النفير) ولكنه في نظرها رجل وكفى وعاش الولدان في هذا الجو مكسوري الخاطر، مهيضى الجناح.. وكانا كلما شاهدا الزوج الجديد انطويا على نفسهما في حسرة والم.. وحتمت الام عليهما ان يقولا لزوجها الجديد يا ابي.. ولكن عز عليهما ذلك لأنهما لا يقويان على ترديد هذا اللقب المزيف، وكان الطفل (س) يعلن رفضه علنا.. فيناله للضرب، فتشفق عليه اخته، وتحتضنه وتتحمل هي الضرب وفي ليلة سوداء رغب الزوج ان يبعد الطفلين عن المنزل لأنه لا يقوى على الصرف عليهما.. واقترح بان يرسلا الى عمهما في الريف.. ونزلت الام على ارادته من لي بمسدس اطلقه عليها ساعة ان وافقت على ذلك!
كان في امكانها ان تصفع هذا الزوج الذي جاء دخيلا على هذه العائلة المسكينة.. ولكنها لم تفعل.. ولم تذرف الدمع على وحيديها ساعة ان قدمتهما حاملين ملابسهما لرجل يحملهما الى الريف!..
سار الطفلان في الطريق، فرحين جذلين لاستنشاق نسيم الحرية، ولكنهما لا يعرفان اين المصير!!.
لقد ظلا في محبسهما سنتين او ثلاثا.. هزل جسمهما، واصفر لونهما، ولم يشعرا بعطف او قبلة حنان، ولم يقدم اليهما شيء مما كان يحمله الراحل الكريم وفي الريف.. لم يجدا عمهما في منزله.. فقد رحل الى مصر لعمل من الاعمال.. فقدمهما الرجل الحائر الى نفر من القادمين الى مصر.. لارسالهما الى عمهما طبقا للعنوان الذي معه!
وفي مصر.. لم يجدا العم.. وشاهدهما مصادفة صديق لوالدهما عز عليه ان يجد ولدي صديقه على هذه الحال، فاشفق عليهما وحملهما الى منزله والدمع ينهمر من عينيه.
واخيرا علم العم بمطاف ولدي اخيه.. فقال: اهي الأم التي ارسلتهما: فقيل له انها القت بهما في الطريق العام.

زينب صدقي
الصباح/ العدد الفضي