مصطفى جواد وسالم الالوسي والندوة الثقافية

مصطفى جواد وسالم الالوسي والندوة الثقافية

علي الكناني
حدثني ذات مرة الأستاذ الباحث سالم الالوسي عن موقف محرج مر به, أثناء تقديمه البرنامج التلفزيوني العريق (الندوة الثقافية) في أواسط الستينيات من القرن الماضي حين كان يقدمه من تلفزيون بغداد على الهواء مباشرة مع العلامة الراحل مصطفى جواد والدكتور حسين امين.
يستذكر الالوسي هذا الموقف وهذه الحادثة التي مضى عليها قرابة نصف قرن من الزمان تقريبا بقوله:

اثناء تقديم احدى حلقات البرنامج يوم ذاك دخل الأستوديو اثناء عملية التصوير والبث الحي على الهواء الاستاذ دريد الدملوجي المدير العام لوكالة الانباء العراقية ووكيل المدير العام للإذاعة والتلفزيون في ذلك الوقت بهدوء لئلا يحدث صوتا يؤثر على البث, فبعث إلي بورقة عن طريق مخرج البرنامج المرحوم كمال عاكف كوني كنت أتولى تقديم البرنامج فقرات بصمت وقد كانت مرسلة من قبل جماعة من الأساتذة من المتابعين للبرنامج يطلبون فيها من الدكتور مصطفى جواد ان كان صادقا في كلامه ومعلوماته, ان يذكر لهم وأثناء بث البرنامج أسماء خلفاء بني العباس بالتسلسل , وقد كان ضيف البرنامج وقتها الاستاذ ناجي معروف مسترسلا بالحديث , فناولت الورقة بهدوء للعلامة جواد فقرأها بصمت فألتفت ألي مبتسما وهز رأسه إشارة منه بالموافقة على الإجابة على هذا التساؤل, وبعد ان أنهى الاستاذ معروف حديثه,استهل الدكتور جواد كلامه مستفسرا من مرسل السؤال بقوله: هل هو امتحان أيها الأخ أو محاولة احراج لشخصي واختبار لمعلوماتي واستجابة إلى طلب المرسل وأرجو ان لا يخيب ظنه , اقدم المعلومات التي تتعلق بهذا الموضوع اذا كان جادا.
يقول الالوسي: بدأ الدكتور مصطفى جواد بذكر أسماء خلفاء بني العباس الواحد تلو الاخر إبتداءا من ابي العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الملقب (السفاح) ذاكرا اسم امه ومكان وسنة مولده ويوم مبايعته للخلافة اضافة الى صفاته وطبيعة سياسته ومدة خلافته وتاريخ وفاته. ثم جاء الى الخليفة الثاني وهوأبو جعفر المنصور ومن جاء من بعده من خلفاء بني العباس واحدا واحدا وعددهم سبعة وثلاثين خليفة, آخرهم كان المستعصم بالله وعند انتهائه من الاجابة قال جواد مخاطبا المشاهدين لولا ضيق وقت الندوة لذكرنا تفاصيل اخرى, ولكن ارجو ان اكون قد اجتزت الامتحان ايها الاخ السائل.
ويذكر الالوسي انه عند خروجهم من الأستوديو ظهرت على الدكتور جواد مظاهر الانفعال وسمعته يردد كلمات من بينها.... مساكين هؤلاء الحساد المنافقون... مساكين بؤساء.ولعل هذه الحادثة التي ذكرها لنا الاستاذ الالوسي وغيرها من المواقف والطروحات والمناقشات التي كانت تطرح في حلقات هذا البرنامج ستبقى محط انظار واعتبار الكثير من مثقفينا والمهتمين بالثقافة العراقية ولعل من بين ما نتمناه ان يكون لدينا سجل وثائقي وفيلمي بها وقد يحالفنا الحظ ونعثر على من مايزال يحتفظ ببقية من اشرطة تسجيلية وفلمية لها, عسى ان يتحقق ذلك في يوم ما.