اسطول امريكي للتجسس الالكتروني من 30 سفينة

اسطول امريكي للتجسس الالكتروني من 30 سفينة

حاملة الطائرات الامريكية"انتر برايز"التي يسمونها لضخامتها وقوتها"كلب حراسة امريكا"والتي تعتبر السفينة القيادة لسفن التجسس الامريكية التي تتجول في بحار العالم في حرب تكتيكية ضد امال الشعوب."انتر برايز تتجول الان في المياه المتاخمة لسواحل كوريا الشمالية في انتظار اية تعليمات تصدر لها بعد ازمة سفينة التجسس"بيبلو"التي اسرتها القوات البحرية لكوريا الشمالية.

وانتر برايز تعتبر اضخم حاملة طائرات في العالم حمولتها 75 الف طن تسير بمحركات نووية وسرعتها 70 كيلومترا في الساعة، وتتكون قوتها البشرية من 4800 رجل، وعلى سطحها 120 طائرة من المطاردات وقاذفات القنابل تستطيع الانطلاق جميعا خلال عشر ثوان، وبعض هذه الطائرات يحمل القنابل الذرية.

حادثة سفينة التجسس"بيبلو" التي اسرت بطاقمها في المياه الاقليمية لجمهورية كوريا الشمالية ليست الحادثة الاولى من حوادث التجسس الالكتروني للولايات المتحدة، بل هي الازمة الثانية، فقد كانت الازمة الاولى عام 1960، حينما اسقط الاتحاد السوفيتي طائرة التجسس ي -3 ومعها الطيار الامريكي باورز، وكان مؤتمر القمة على الابواب حينذاك.
و"بيبلو"سفينة امريكية مسلحة تسليحا خفيفا، ولايزيد طولها على 54 مترا، وهي اخت سفينة التجسس"ليبرتي"التي قامت بعملياتها الشهيرة في عدوان 5 يونيو على البلدان العربية، وهي ايضا واحدة من 30 سفينة تشكل كلها اسطولا امريكيا من سفن التجسس يجوب الكرة الارضية في حرب علمية تكتيكية ضد امال الشعوب، وتحمل كل سفينة الهوائيات الضخمة والاجهزة الالكترونية السمعية الدقيقة، وهي تقوم بعملين معا، العمل الاول اكتشاف اطوال موجات الرادار التي اكتشاف اطوال موجات الرادار التي تعمل عليها الدول المختلفة التي تتجسس عليها الولايات المتحدة، والعمل الثاني هو التقاط الرسائل اللاسلكية، وهذان العملان هما ما كانت تقوم به السفينة"ليبرتي"بالضبط.
وقد كتب جون دافي واندرو ويلسون المحرران العمليان لجريدة الاوبزيرفر مقالا عن هذه الحرب الرهيبة التي تخوضها الدول المتقدمة الان.

طائرات التجسس ي 2
وما زالت طائرات التجسس ي 2 تعمل، وبعضها يحلق فوق اراضي الصين حتى الان، ولكن التجسس الحقيقي الذي يحدث في الجو، تقوم به الاقمار الصناعية التي تحلق فوقنا كل يوم، وعددها حتى الان حوالي 400 قمر صناعي، اطلقها الانسان حتى الان تدور في مدارات حول الكرة الارضية.
ويعتبر القمر الصناعي"ساموس"الامريكي اشبه بمحطة قائمة بذاتها حول الكرة الارضية لمراقبة الصواريخ. وقد رصد لصنعه مبلغ لا يقل عن 200 مليون دولار، وق اطلق بنجاح في 21 يناير 1961 بواسطة صاروخ طوله 90 قدما وقد تولى صنعه شركة لوكهنيد التي قامت بصناعة الطائرة ي 2.
ويزن القمر الصناعي 4100 رطل ويبلغ ارتفاعه 22 قدما وقطره خمس اقدام وهو وهو يلف حول الارض كانه سيجار ضخم يحمل اجهزة يتراوح وزنها بين 300 و 400 رطل.
وقد اوضحت التقارير ان "ساموس"يمر يوميا فوق الاتحاد السوفيتي ما بين ثماني و12 مرة وفوق الصين الشعبية ما بين مرتين واربع مرات.
وتحلق اقمار"ساموس"في مدارات متباينة، على ارتفاعات مختلفة تتراوح بين 150 و200 ميل وهي مزودة بالات تصوير تلسكوبية ذات عدسات يبلغ بعدها البؤري 120 بوصة وتستطيع ان تصور من ذلك الارتفاع الشاهق اشياء لا يزيد طولها على متر واقل، ثم تقدم التكتيك فامكن صنع عدسات اخرى يبلغ بعدها البؤري 240 بوصة، وفي ابريل عام 196 كتب"هوارد ستيوارت"خبير البصريات بجامعة روتشستر في مقال نشرته مجلة"ألعلم والتكتيك"انه اصبح في الامكان صنع الات تصوير للاقمار الصناعية تستطيع ان تلتقط صورا تميز بوضوح بين شيئين تفصل بينهما مسافة لا تزيد على خمسة سنتيمترات من على ارتفاع 125 ميلا في الفضاء. وفي فبراير 1964 اعلن قسم طب الفضاء التابع للسلاح الجوي الامريكي انه اصبح في مقدور رواد الفضاء ان يشاهدوا بانفسهم قواعد الصواريخ والمعسكرات وتحركات القوات المسلحة وهم على ارتفاع مائة ميل في الفضاء.
وهناك اربعة انواع من اقمار ساموس، نوع مزود بالات تصوير تليفزيونية لارسال الصور فور التقاطها الى الارض ونوع ثان للالتقاط صور يلقيها القمر في كبسولة مغلقة، وبعد ان تهبط الى طبقات الجو ينفتح البارشوت وتلتقطها الطائرات.
ونوع ثالث مزود بهذين النوعين معا.
اما النوع الرابع فيمكنه ان يحدد اماكن تواجد اجهزة الرادار ومراكز الصوارخ، ويمكنه التقاط الاشارات اللاسلكية ويلتقط الى جانب ذلك المكالمات التليفونية، وتستطيع التقاط الرسائل حتى تلك التي ترسل بالموجات الصغيرة للغاية.
وهناك نوع من الاقمار الصناعية المستخدمة في التجسس اسمه"ميداس"يكتشف اطلاق الصواريخ بالاشعة تحت الحمراء عن طريق مصادر جديدة محكمة للطاقة، وفي وسع الاجهزة المزود بها هذا القمر الصناعي ان تسجل الحرارة المنبعثة من الصواريخ المنطلقة، وبذلك يحذر من اي هجوم قبل وقوعه بثلاثين دقيقة، وتستطيع اجهزته اكتشاف سيجارة مشتعلة على بعد ثمانية اميال.

التجسس الالكتروني الارضي
اما على الارض، فان التجسس الالكتروني تقوم به محطات ارضية يصل عددها الى حوالي الفي محطة توجد حيثما تحط القوات الامريكية، ويقوم بالخدمة في هذه المحطات رجال الجيش، بحيث يمكن ان تخطئها العين على انها محطات عادية لسلاح الاشارة، ان هذه المحطات تلتقط اي حركة الكترونية او اتصال الكتروني وتتعرف على مواعيد اطلاق الصواريخ وتفاصيل بناء المصانع والاوامر الصادرة الى القوات ومنشآت الدفاع الجوي واجهزة الرادار واسراب طائرات القتال.
وكالة الامن القومي
وتتجمع هذه المعلومات كلها في عدة اجهزة، اما الجهاز الرئيس الذي يقوم بذلك فهو"وكالة الامن القومي"ووظيفة هذه الوكالة هي التقاط الرسائل وتحليلها، بما في ذلك الرسائل من الدول الصديقة لامريكا! ويقع مبنى الوكالة الذي افتتح عام 1958 في"نورت ميد"بولاية ميريلاند في منتصف الطريق بين واشنطن وبالتيمور، وهو على شكل حدوة ويتكون من ثلاثة طوابق على 82 فدانا وقد تكلف 35 مليون دولار اضيف اليها 11 مليون دولار مرة اخرى، ويحوط البناء ثلاثة اسوار من الاسلاك الشائكة يبلغ ارتفاع كل منها ثلاثة امتار، واحدها مكهرب، ويقف امام ابواب البناء الاربعة – ليل نهار – حراس مزودون بالنبادق الرشاشة كذلك يتولى عدد من الجنود حراسته من الداخل.
وفي المبنى من الداخل مستشفى كامل وعيادة اسنان وقاعات للوجبات الخفيفة وثمانية بارات تفتح كل منها 24 ساعة وبنك وكافتيريا وقاعة محاضرات وتنقل الرسائل في انابيب بالهواء المضغوط الذي يدفعها في لحظات من كان الى آخر.
ويعمل بالوكالة 13 ألف موظف وهو عدد يزيد بضعة الاف على وكالة المخابرات المركزية ذاتها، وما يزيد على الف موظف آخر خارج الولايات المتحدة نفسها!
وخارج امريكا، هناك مركزان لوكالة الامن القومي تقوم بجميع المعلومات، المركز الاول في اليابان وهو خاص بالشرق الاقصى، والمركز الثاني في المانيا وهو خاص باوروبا.
وتصب في هذين المركزين ملايين التسجيلات عن الرادار والاشارات اللاسلكية، من السفن والطائرات والوحدات الارضية.
وتتعاون مع"الوكالة"وحدتان من حلف الاطلنطي في لندن.
ويساعد"الوكالة"ثلاثة اجهزة اتصال في الجيش اكبرها في سلاح الطيران الامريكي ومقرها فرانكفورت وهاواي.
وتتصل الوكالة من خلال وزارة الدفاع بمجلس الامن القومي الامريكي ونفس الحال بالنسبة لوكالة المخابرات المركزية، وتتبادل الوكالتان المعلومات من خلال وكالة اخرى كان رئيسها هو"كلارك كليفورد"وهو وزير الدفاع الان بعد ماكتمارا، وتقول بعض المصادر ان ميزانية وكالة الامن القومي تزيد على الف مليون دولار سنويا وهو تشكل حوالي 2% من ميزانية الدفاع.
ان اجهزة الاتصال الالكترونية التي تستخدمها الوكالة وحدها تنقل ربع مليون رسالة سنويا مستخدمة في ذلك اجهزة يبلغ ثمنها 3.5 بليون دولار يعمل عليها 30 الف موظف، ولا يتضمن هذا الاتصال القصير المدى بين الطائرات والسفن ولا الاتصالات الدبلوماسية والتجارية.
لماذا اقتربت بيبلو
وربما تكون"بيبلو"قد اقتربت من شواطئ كوريا الشمالية لنفس السبب الذي من اجله اقتربت"ليبرتي"من شواطيء سيناء.. ومن الاكيد انها اقتربت من الشاطئ الكوري لتسجل الاتصالات اللاسلكية الحكومية والعسكرية المتبادلة بموجات ذات تردد عال ولا يمكن التقاطها الا بالاقتراب هذه المسافة، وهكذا وقعت في شر اعمالها.
حرب الالكترونات
وحتى رغم كل هذا التسابق الهائل الذي تقوم به الدول المتقدمة تستطيع الدول المتخلفة الان ان تستخدم اجهزة تشويش متحركة ورخيصة ماليا.
وفي الحرب الالكترونية لابد من الالمام الدقيق باجهزة الرادار، موضعها وتذبذبها وقوتها وطول النبضات اللاسلكية الخ هذه المعلومات، والطائرات والسفن التي تقترب من الحدود وتقتحم الاجواء، تسجل اقترابها اجهة الرادار المثبتة في كل مكان على الارض، وفي بعض الحالات يمكن ارسال نبضات تفسد عمل اجهزة الرادار الارضية تماما.
وسفن التجسس السوفيتية مثلا تعمل بصيد الاسماك ايضا، وهي تتبع المناورات التي يقوم بها اساطيل حلف الاطلنطي، وقد ظهرت على بعد عشرة اميال من محطة صواريخ قرب نيويورك وافسدت عرضا كانت تقوم به"الملكة الام"ومنذ فترة كانت احدى هذه السفن قد الفت مراسيها على ساحل افريقيا الغربي، وبعد المد شوهد قاع السفينة وهو مغطى بالاجهزة والمعدات التي تنصت الى التحركات المائية.
والسفينة الحربية الحديثة لابد وان تتزود بستة انواع من اجهزة الرادار على الاقل لمراقبة الجو وسطح البحر، والصواريخ، وتقف على حدود كوريا الان حاملة طائرات نووية لها هوائي جديد يزن مائتي طن ذا تكتيك الكتروني حديث، يحل محل عديد من اطباق الرادار المعروفة.
وفي عملية تسابق التسليح والتجسس لابد وان تطلق المخابرات هذه الاجهزة الحديثة باستمرار لتبين نفط الضعف بها باستمرار، وهي مسالة تزيد نفقاتها باستمرار بازدياد التقدم العلمي والتكتيكي، ولا يمكن ان تتحمل هذا سوى الدول المتقدمة.
ان وراء كل عمليات التجسس الالكتروني عقول علماء تعمل باستمرار لاكتشاف الجديد في كل مجال، واستخدام كل تكتيك حديث.

مجدي نصيف