فائق بطي.. المعلم بكامل هيبته

فائق بطي.. المعلم بكامل هيبته

د. غــادة العاملــي
في سنواتي الأولى في الإعلام،.. في بداية العشرينيات من عمري، كنت أتعالى فخراً بين زملائي وأنا أتحدث عن رمز من رموز الصحافة، المُلِم من هنا وهناك، جمل وحوادث أرويها عنه وعن زمنه البهي، مُدعية الفهم والاطلاع والمعرفة، بينما لم أكن إلا مجرد هاوية لا يمكن تمييزها بين آلاف الوجوه البعيدة....

هذه الكلمات كتبتها للدكتور فائق بطي في مقدمة تهنئته بيوم ميلاده وهو على فراش المرض الذي تمرد عليه وأنكر انتماءه له تمسكاً بالحياة، تجرأت لأتمنى له تجاوز الأزمة وبداية عمر جديد وعام آخر يضاف لأعوام عطائه،.. شكرني بمحبة وأهداني أجمل الكلمات، لكنه لم يأبه لتمنياتي بعدما قرر أن يغادرنا بسرعة بعد أسابيع، هارباً من فراش المرض ووعثائه، ليبقى في ذاكرتنا كما تعودناه بِطلّته الأنيقة وقوامه المستقيم، اطلالة المعلم بكامل هيبته..
دكتور فائق، عميدنا ومعلمنا.. القامة التي طالما رفعت رأسي لاتطلع اليها انبهاراً وإعجاباً بسيرة وتاريخ وعطاء..، لن نراك بعد الآن، لن ألتقيك في موعدنا المقدس من كل سنة في معرض الكتاب بأربيل، تتجول مغتالاً في عالمك، تختلس الأنظار إعجابا بزوجتك وحبيبتك سعاد وهي تدير الجلسات والحوارات، لن اراك مجدداً على مقعدك الابيض في قاعة الجريدة تصرخ بأعلى صوتك منزعجا من الاخطاء اللغوية، لن تتذمر مني ونحن نتنزه سوية لساعات دون ان أرحم وهن قدميك وسنوات عمرك المعبأة بالعمل والاجتهاد وحتى اخر....
سأفتقدك وافتقد بلاغة صمتك، وبساطتك دون إدعاء
ابو رافد، لن يكون لنا عزاء فيك.