احترس .. شهر العسل خطر على الزواج!

احترس .. شهر العسل خطر على الزواج!

ان شهر العسل يلقى اليوم هجوما ضخما من كل مكان.. هناك من يقترح الغاءه.. ومن يقترح ان يدفع مؤخرا لا مقدما.. ومن يقول انه لا وجود له في مصر فعلا، ا وان السعادة فيه سعادة مفتعلة غير حقيقية واذا لم تصدق فاسمع ما يقوله توفيق الحكيم وكامل الشناوي وسعد مكاوي ويوسف السباعي واحمد زكي.

يقظة على الحقيقة المرة
بقلم الدكتور احمد زكي
شهر العسل وكيف يقضيه العروسان يتوقف اولا واخرا على مزاجيهما، وعلى موضعهما من المجتمع، وعلى ما في جيوبهما من مال، وانا اترك لكل عروسين ان يختار اما يشاءان وانا موقن ان بعضهم سيرى في شهر العسل السفر والطائرة الى احد اركان الارض وانا ارى ان منهن ايضا من سوف يردن ان يقبعن في ديارهن طول هذا الشهر نظما له بسائر الشهور ولكن ارجو منهم ومنهن ان يسالوا من خبروا قبلهم وقبلهن على ان يكونوا اشباها لهم او لهن..
ان من العرسان والعرائس من جاء بعد شهر من عسل يسكون مرارته ولعل من ذلك نشا المثل الذي يقول"كشهر عسل كشهر بصل"! والذي استنتجه من خبرتي فيمن عرفت من الناس ان اسواء شهر العسل تتضمن فيما يلي:
اولا- نفقة تعجز الزوج، فهو يذهب الى شهر عسله مليء الوفاض ويرجع من بعده خاوي الوفاض مفلسا فيبدأ حياته الزوجية العادية في افلاس.
ثانيا- ان شهر العسل لا يكون عسلا الا ان يكون كل شيء فيه شهدا، ويعيش الاثنان عيشة رفيعة راقية رخية غالية لا تتفق ابدا مع موارد الزوج او حتى موارد الزوجة ويعودان الى المدينة.. الى الحياة التي تقع في حدود مقدورهما فاذا بهما يحبان من على كما يحط المرء من قمة الجبل الى الواد الخفيض وعندئذ تظهر عقدة الزواج، عقدة حقة تحدث في الزوجة على الاخص هزة شديدة هي هزة اليقظة الباغتة الى الحقيقة المرة من بعد حلم طويل لذيذ.
ثالثا- ان الذي والتي يجتمعان في شهر العسل انما يمهدان للتعارف الوثيق بعد التعارف الطارئ غير الوثيق، ويمهدان لعيش العيش كما يعيشه الناس وهذا التعارف وتوثيقه لا يكون الا والجو طبيعي والحياة تجري كما تجري بين الناس وسلوا في ذلك اطباء الانفس يخبروكم هدت هذه الشهور العسلية من انفس وعقدتها من بعد سلاسة.
ولكم افسدت شهور العسل الزواج من بعد عسل ذلك ان امال الزوجة رفعها شهر العسل رفعن تتناقص تناقضا كليا مع ما يستطيعه الزوج فينتج الخلاف في اول اسبوع يعودون فيه!
ولقد عرفت من العرسان من شاءوا ان يتابعوا الرأي العام الشائع في طبقتهم في المجتمع فيرضوا التقليد ويخرجوا بين الوداع والظئاط والارز المنثور ولا يكادون يبلغون حدود المدينة حتى يعرجوا اليها.. الى البيت المتواضع الذي هيأوه من قبل ليعيشوا عيشة الرضا على الحال الطبيعية واذكر انهما عاشا فيه الاسبوع والاسبوعين لا يقلقهما فيه زائر وخرج الزوج من بعد ذلك الى عمل واعانته الزوجة على ما فيه فاستفادا من هدأ الشهر والبعد عن الناس الذي يستلزمه هذا اللقاء الاول ومضيا في االحياة سعيدين.
ولقد اذكر انهما عادا من بعد عام يحصلان ما فاتهما من شهر العسل فخرجا الى شهر عسل من صنعهما بعد ان تعارفا وتألقا ورأى كل منهما من اخيه ما يمكن ان يرى فلم يكن بينهما سر في مادة او في معنى، خرجا الى شهر العسل هذا الثاني فهنأ به ايما هناءة.
الى ان رضيت بشهر العسل لاحد فانما ارضاه لنجوم السينما فاني احسب ان شهر العسل هو كل ما لهم من زواج، فاذا نحن اخذنا منهم هذا الشهر، لم يبق لهم من الزواج شيء.

شهر العسل يدفع مؤخرا لا مقدما
بقلم توفيق الحكيم
اعتقد ان على امين ومصطفى امين قد استنا سنة حميدة هي عدم الاعتراف بشهر العسل، فعلي امين ومصطفى امين لم يتذكر كل منهما انه في شهر عسر وذهب ليسهر في عمله حتى مطلع الفجر منذ اليوم الاول لشهر العسل، وهما في رأيي على حق، فلو انهما اقاما مظاهر شهر العسل لحدث رد فعل قوي بعد انتهائه، اذ ان شهر العسل يتطلب الفراغ كما يتطلب لونا خاصا لتصرفات الزوج، والزوج الذي يعود زوجته منذ اليوم الاول على حياة الواقع التي تحياها فعلا هو زوج مثالي.
وفي رأيي ان شهر العسل يجب ان يكون في منتصف الحياة الزوجية واواخرها، لا اولها.
فحياة التدليل"والهشتكة"التي تلقاها الزوجة وزوجها متفرع لها في شهر العسل تنتهي عاجلا ام اجلا، كما يقتضي منطق طبيعة الاشياء.
وليس شك ان الزوجة سوف تجذبه في هذه الحالة صدمة عنيفة تهز مشاعرها كموقد تصدع. هذه الصدمة هي الحياة الزوجية نفسها، وما من شك ان الزواج المثالي يجب ان يبدأ بحياة عادية ليس فيها مظاهر مصطنعة على وجه الاطلاق، وليس فيها ما يشعر الزوجة بان مجرى حياتها العادي قد تغير.
وما دام الاحترام المتبادل والحب المعتدل والتفاهم المشترك تسيطر على العلاقة بينهما في مطلع الحياة الزوجية ومنذ اليوم الاول فلا خطر، انما الخطر في الحماسة العاطفية فتظنها الزوجة الفتور او الاهمال.
وانا ارى ان شهر العسل يجب ان يدفع مؤخرا ولا يدفع مدقما، فبعد عشر سنوات من الزواج تحتاج الزوجة غالبا الى عملية (ترقيع). وهذه العملية تتم بشهر عسل يقضيه الزوجان كما لو كانا عروسين جديدين، ويجددان فيه ما مضى، وياحبذا لو تكرر شهر العسل هذا كل عشر سنوات، وفي اليوبيل الفضي للزواج وفي اليوبيل الذهبي، فشهر العسل المتكرر على مر الزمن يعتبر عملية"ترقيع"او ترميم تخفي معالم القدم في الزوجية وتضفي عليها الجدة والجمال.
انني من انصار الدفع المؤخر حتى في شهر العسل!.

سعادة مفتعلة
بقلم كامل الشناوي
ان شهر العسل شهر خطر على الزواج حقيقة، انه شهر تلوح فيه حدة العواطف من الزوجين، كل منهما يلازم الاخر في غدوء ورواحة.. كل منهما يتطلع في وجه الاخر فلا يجد سوى البسمة العذبة على الشفاه والحنان الجارف على الاسارير والهوى الجامع في العيون، الزوجة تعامل زوجها كما لو كان مخلوقا عزيزا غاليا! والزوج يعامل زوجته كما لو كانت شيئا قابلا للكسر!
وفي غمرة هذه المتعة لا يتصرف الزوج في حدود قدرته المالية العادية، بل يعيش في مستوى معيشي ارفع بمراحل من مستواه العادي، فشهر العسل له مقتضيات مترفة، وهذه المقتضيات باهظة الثمن دائما.
وينتهي شهر العسل – طال ام قصر – ويبدأ الواقع البعيد عن الافتعال، ويبدا معه الخطر، وي رأيي انه يجب على الزوج والزوجة ان يعود كل منهما الاخر على الحياة التي ستستمر بينهما لا ان يفتعلا عواطف معينة او مستوى معيشيا معينا، وفي رأيي – ايضا – وحسب مشاهداتي ان الزواج الموفق هو الذي يقوم على الصراحة بين الزوجين!
واعني بالصراحة الصراحة العملية او السلوك الطبيعي، فلا ينبغي للزوج ان يمثل امام زوجته دور المحب الولهان الذي لا يستطيع ان يغادرها لحظة ولا ينبغي للزوجة ان تمثل للزوج دور المرأة الغيور التي لا تستطيع ان تطمئن عليه الا اذا كان بجانبها او كانت بجانبه.
والزواج الموفق هو الذي يجمع بين الحب والصداقة واذا كان الحب عاطفة حادة فان الصداقة تعامل وتبادل للمودة وتعاون في التفكير.
فانا لا اؤمن بجدوى شهر العسل، لان شهر العسل يتبعه اعوام مرة طويلة او قصيرة، اما الزواج الذي لايمهد له بشهر عسل فانه يبقى طويلا ويبقى جديدا.

غلطة سيكولوجية
بقلم سعد مكاوي
ان الزواج يبدأ دائما بغلطة اسمها شهر العسل!
كل حياة زوجية، تقريبا، تبدأ بهذه الغلطة السيكولوجية التي لا يظهر اثرها في نفس العروس الا بعد فوات الاوان.. انها غلطة ايا كان لون هذا الشهر ونوع هذا الشهر!
ان شهر العسل – في اغلب الاحوال – رحلة جميلة كلها راحة ومتعة، قوامها نسيان الواقع والتحليق الحالم فوق السحاب في جو من التدليل ومع نسيان شبه كامل لمطالب الحياة اليومية وواجباتها الصغيرة ومسئولياتها التي تتكون منها في النهاية حقائق الحياة المشتركة بين كل امرأة ورجل.
انه شهر خارج حدود الواقع.. ان العروش هي ملكة شهر العسل، نحو ذيل فستان الزفاف على حاوشي السحب، هناك بعيدا في دروب الخيال واودية الحلم السعيد، وذراعها معلقة بذراع فارس الاحلام الذي جعله المأذون عاشقا رسميا يمشي في ركابها وينتظر اشارتها كي يلبي كل رغباتها.. بطريقة شهر العسل التي تجمع بين الشعر والحلم وكل ما في طاعة الرجولة للانوثة – في اول عهد التاحمهما في حياة واحدة – من فروسية وايثار وشهامة وعيط!..
تذليل على طول الخط.. وخدم في كل مكان – في الفنادق والمطاعم والمواصلات، وربما في بيت الزوجية نفسه – يسعون بالخدمة بين يدي العروس.. والافطار يحمل جاهزا حتى حجرة النوم.. وربما الى الفراش نفسه.. ومعه ابتسامة لطيفة!
لا وجود لكل مشاكل البيت ونظافته والعناية به والمطبخ والغسيل والمكوة ومعاملة الجوار وباعة الخبز واللبن الخ.. ولا حتى لمحصل النور!
***
لماذا لا تبدأ كل حياة زوجية بداية طبيعية، في الجو اليومي العادي الذي سيعيش فيه الزوجان كل عمر زواجهما الطويل؟
ولماذا لا تبدأ هذه البداية منذ صباح ليلة الزفاف نفسها!
وعندما تنقضي على الزواج اشهر واشهر.. سنة او اقل او اكثر.. يمكن للزوجين ان يفكرا معا في شهر العسل..
وشهر العسل يكون في هذه الحالة تتويجا بنجاح التجربة الخطيرة.. لا بداية لها!..
لقد حطما العقبات واجتازوا الجسور، ونسفا الصخور الكبيرة من الطريق.. وبعد فهمها وفهمته ودعما رابطتهما باساس الحب الكبير، الفهم!
ومن حقهما الان ان يفكرا في عسل المتعة والراحة والتدليل.. من حقهما ان يحتفلا بالنجاح!
من حقهما ان تنتظر الافطار في الفراش..
ومن حقه ان يكون فارسا شهما، وعاشقا عبيطا!
من حقهما ان ياخذا من حقائق الحياة اجازة قصيرة..

لا وجود له في مصر
بقلم يوسف السباعي
ان شهر العسل غير قائم في مصر فعلا، وبالتالي فلا خطر منه على الزواج، وشهر العسل لا وجود له بالمعنى المفهوم في مصر لان الطبقات الشعبية عندنا ليس لديها من الظروف والامكانيات ما يمكنها من مواجهة نفقات شهر عسل مثالي كان يرحل العريسان الى الخارج او يقضيان ايامهما الاولى في فندق فاخر، والذين يستطيعون قضاء شهر عسل مثالي في مصر هم قلة نادرة من الطبقة التي اضمحلت وكان اسمها الطبقة الراقية، والواقع ان الذي نيعيشون في مستوى مرتفع من الحياة يقضون شهر عسل دائم لان حياتهم مليئة بالفراغ والمال مما يساعدهم على الاسفار والاستجمام المستمر والحياة الناعمة المرفهة، ومدة شهر العسل في مصر بالنسبة للمواطن العادي تعد بالايام ولا تتجاوز حدود الاسبوع، وانا اذكر ان صديقا لي تزوج وجاء يطلب من رئيسه اجازة مدتها شهر، وقال رئيسه ان الشهر مدة طويلة جدا وانه من المستحسن ان يختصر هذه الاجازة الى اقل من الشهر، وصمم الصديق على ان تكون الاجازة شهرا ليقضيه"في العسل".. فاجيب الى طلبه لانه كان عريسا!.
وبعد اسبوع واحد تحدث الصديق الى رئيسه"ليسلم عليه"! وتمنى له الرئيس اياما سعيدة.. ولم يقل له تعال تسلم العمل..
وبعد اسبوع اخر تحدث مرة اخرى الى رئيسه"ليسلم عليه".. وانهى سلامه بهذه العبارة"موش عايزيني بقى.. انا تعبت من الاجازة!".
وانا اخلص من هذه الحكاية ان شهر العسل غير قائم عندنا فعلا ويعتبر في حكم الملغي نظرا لظروفنا المالية التي لا تستطيع ان تواجه نفقاته ونعومة الحياة فيه..
الجيل / شباط- 1956