عبد الجبار البناء  والتأسيس

عبد الجبار البناء والتأسيس

عادل كامل
عندما التقيت عبد الجبار البناء هذا اليوم..لا اعرف لماذا تذكرت على الفور النحات الايطالي مايكل انجلو.. في يوم بارد كان النحات انجلوا في الطريق فسألوه الى اين انت ذاهب فأجاب الى المدرسة.. عبد الجبار البناء وهو يقترب من التسعين يذكرنا دوما بانه يريد التعلم وانه ذاهب الى مدرسة المجتمع « مضيفا ان « «الجانب الثاني ان عبد الجبار البناء منذ سنواته الاولى استند الى الثقافة

واعتمد عليها وتولع بالرسم والنحت منذ سن مبكرة والبناء عندما ابصر كانت بغداد خاليه من النحت والثقافة ومن المعرفة وكانت قد خرجت للتو من قرون مظلمة طويلة»، وتابع كامل «بعد تأسيس معهد الفنون الجميلة دخل البناء معهد الفنون لكي يلتقي برموز النحت والرسم في العراق كما ان الولع والموهبة التي امتلكها النحات صقلت بين يدي جواد وخالد الرحال ولكن البناء في هذا السياق كان يمتلك وعيا ثقافيا متقدما مثل الوعي الذي انتج غني حكمت واسماعيل فتاح الترك اي ان النحت لا ينشأ الا في المدينة وهي اي بغداد قيد النشوء وكان هذا بمثابة تحد»
مختتما حديثة بالقول «عبد الجبار البناء واحدا من العنيدين في الفن ولو لم يكن لديه ثقافة ولو لم يملك تلك الجذور العميقة لترك الفن وضاع، اعماله الفنية اعادة لنسق وليست تكراراً واعادة لمفهوم عبد الجبار لم يوظف عمله في الجوانب التزينية وانما ارتبط بمعمار الانسان، انه فنان احترم النحت ولم ينساق ضمن العمل الاستهلاكي للفن، لم يغادر هذا الفنان النحت الى الرسم الا قليلا،عبد الجبار لم يستنسخ ولم يولع ولم ينتهج نهجا اوربيا تتلمذ في المعبد العراقي انه فنان مواظب على القراءة».
أسس الفنان عبد الجبار على مدى ستة عقود فعل المحبة على مستوى الوطن والناس ومفهومات الحياة الكبرى وعلى صعيد الخطاب الجمالي متعدد الاجناس والاتجاهات حتى اجبرنا على مقابلته بتلك المحبة الواسعة»، مضيفا «وبالرغم من محبته للخامات بشكل متعادل الا انه ينحاز الى الخشب حتى اصبح خامته المفضلة التي سعى الى توظيفها عبر تجربته المتأثرة والمتعانقة مع مجمل المعارف الانسانية اذ اتخذت اشكالها صور القصائد الخالدة ونصوص الادب الموشحة بمحبة الوطن وكان من شواهدها ترجمة قصائد الجواهري الى نصوص فنية صاغتها منحوتاته لايمانه بالحقيقة الكاملة داخل الانسان وهو الذي يستطيع تفحص ذاته والاطلاع على المعاني الراقدة فيها وقد اكتشف بشكل مبكر الى سبل تحرر الإنسان لمعرفة معنى الجدوى من وجود الأشياء المحيطة بنا وغايات تفعيل الأفكار»
ان «محاولات البناء وغناها وتنويع مجساته لم تكن وليدة الواقع ورموزه او جدلية الالتقاء والانصهار فيما بينها فقط بل ان التقاطاته الشاعرية هي تفتح لاعماله امتداداتها ومعالجات بنائية داخل العمل النحتي لمنحها دفئا حركيا وشكلا حيا داخل صالات العرض».