انتفاضة 1952 وأشياء تحدث للمرة الأولى في العراق

انتفاضة 1952 وأشياء تحدث للمرة الأولى في العراق

فاخر الداغري
لم تكن انتفاضة عام 1952 حدثا عابرا في الحياة السياسية أو العامة العراقية, فقد حملت الكثير من المطالب التي لم يتحقق اغلبها إلا بعد ثورة 14 تموز ,ولكن من هذه المطالب والحوادث التي رافقت الانتفاضة ما حصل لأول مرة, ولم يكن مألوفا في الشارع البغدادي , فخلال التظاهرات التي قادها الشباب بعد قرار كلية الصيدلة والكيمياء المتعلق بنظام الامتحانات فيها والذي لم يكن وقتها في مصلحة الطلبة,

وعلى الرغم من إن الكلية ألغت القرار بعد الاحتجاج عليه ,ألا أن الاعتداء من قبل مجموعة من خارج الكلية على بعض الطلبة في الحرم الجامعي يوم 19 ـ11, جعل الطلاب يبدؤون بالتظاهر والاعتصام منذ يوم 20/11/1952, لأنهم كانوا مؤمنين إن عمادة الكلية تقف وراء هذا الاعتداء ,وفي الوقت نفسه كان بيان الحكومة هزيلا تجاه الحادثة .*فكانت احتجاجاتهم هذه هي نواة انتفاضة 1952 بعد انضمام عامة الناس لهم ,خصوصا بعد سريان أنباء بين المتظاهرين عن عزم الوصي تكليف جميل المدفعي برئاسة الوزارة بعد استقالة مصطفى العمري منها .
بلغت الانتفاضة ذروتها يومي 22ـ23/11 ,وكان يوم 23 اليوم الأخير للانتفاضة بعد نزول الجيش ليلا, وإعلان الأحكام العرفية في اليوم الثاني بعد تكليف رئيس أركان الجيش (الفريق الركن نور الدين محمود ) بمنصب رئيس الوزراء.** في هذه الانتفاضة علت أصوات تطالب علنا للمرة الأولى في تاريخ العراق الحديث, بسقوط النظام الملكي وقيام الجمهورية ,وهذا المطلب لم ينادى به من قبل بشكل علني في العراق, وكان الدافع القوي لذلك هو قيام ثورة 23 تموز (يوليو) في مصر على يد الضباط الأحرار وإسقاط الملك فـاروق , فألهبت هذه الثورة الجماهير الرافضة لسياسات الوصي ونوري السعيد ,كذلك سقوط الرئيس اللبناني ( بشارة الخوري ) الذي أرغمه الإضراب العام في لبنان على الاستقالة في أيلول 1952.
كذلك حدث في هذه الانتفاضة شيء أخر غير مألوف ,(وهو إطلاق الشرطة التي تريد صد المتظاهرين ,وتحديدا في ساحة الأمين (الرصافي حاليا ) ,إطلاقهم بعض الاسطوانات المعدنية التي بحجم نصف قدم ويخرج منها الدخان , باتجاه المتظاهرين الذين مع استغرابهم لها ,عرفوا ولأول مرة إنها قنابل مسيلة للدموع ,والشرطة هنا أسرعوا بإلقائها على المتظاهرين قبل إن تشتعل بشكل كامل , مما يدل أنهم لم يكونوا مدربين بشكل جيد عليها, فأعاد المتظاهرين لاإراديا رمي هذه القنابل الغريبة على الشرطة حيث اشتعلت إثناء ذلك ,فتفرق الشرطة الذين أخذت دموعهم تسيل وهربوا في أزقة شارع الرشيد وبعضهم كان قد ترك سلاحه ). ***
كذلك حدث إن قام عدد من المتظاهرون تحديدا يوم في نفس اليوم ، بحرق محتويات (مكتب الاستعلامات الأمريكي ) الكائن في شارع الرشيد مقابل بناية مصرف الرافدين وحرق مكتب (وكالة الإنباء العربية ) التي كانت تتبع للانكليز ويديرها سلمان الشيخ داود والكائن أيضا في شارع الرشيد , وإحراق مقر (حزب الاتحاد الدستوري ) مع جريدته, الكائن في الباب الشرقي ,والتابع لنوري السعيد .
المصــادر :
* ـ *** ( ) قضايا ملتهبة في السياسة العراقية 1950 ـ1958 / محمود شبيب ,(الفصل 3)
** 12 رئيس وزراء في العهد الملكي / أحمد فوزي ,(نور الدين محمود ,ص )
أحمد عبد السلام حطاب
7/3/2011