اليورو.. الاكثر تداولاً بعد الدولار في عالم الصيرفة

اليورو.. الاكثر تداولاً بعد الدولار في عالم الصيرفة

تحقيق/ ليث محمد رضا
نشهد في المرحلة الراهنة انتشاراً واسعاً لشركات و محال الصيرفة التي باتت سمة للعديد من الاسواق و الشوارع ناهيك عما تشهده تلك من تداول العملة المحلية الى جانب العديد من العملات الاجنبية الامر الذي يشكل ظاهرة جديرة بالتوقف و التحقق

عن طبيعة النشاط الذي تزاوله هذه الشركات ومحال الصيرفة و انعكاسات هذا النشاط على الاقتصاد الوطني و فرص التنمية و الأهم من ذلك مدى قانونية تلك النشاطات و دور البنك المركزي في التعاطي مع تلك الشركات.
مسار الحوالات و التنمية
ينطوي الخط الذي تسير به العملة الصعبة في الحوالات الخارجية ذهاباً او اياباً على اعتبارات تتعلق بالسياسة المالية للبلد و تلامس عمق الاقتصاد الوطني ، مدير شركة السماء للصيرفة مالك صاحب قال : ان الحوالات الخارجة هي اكثر من الداخلة فالمبالغ الداخلة هي بائسة في العادة لا تتعدى في غالبها مئات الدولارات اما المبالغ الخارجة فهي مبالغ فلكية حيث ان بعض شركات الصيرفة تحول في اليوم الواحد مايتعدى المليون دولار.
و قال مدير شركة النيل للصيرفة و الحوالات المالية حميد عباس: ان الحوالات داخل العراق و الخارجة منه متساوية تقريباً مشيراً الى ان الحوالات الخارجة اكثر من الداخلة بحكم الحراك التجاري الموجود حالياً كأستيراد البضائع و الاجهزة الكهربائية و السيارات .
فيما قال مصطفى الطيب مدير شركة الصيد للصيرفة : ان حجم الزبائن يعتمد على علاقات شركة الصيرفة و ثقة التجار بها لافتاً الى ان اغلب التجار حالياً يتجهون الى المصارف الاهلية حتى في موضوع الحوالات .
واوضح الطيب: ان التاجر بامكانه ان يجري حوالة بنكية عن طريق الصكوك لاية دولة في العالم .
و يقول عثمان عبد السلام و هو محاسب في شركة مصباح للصيرفة : اكثر اموال المزاد اليومي في البنك المركزي العراقي تسلم خارج العراق ، فالعملة تباع في الغالب على شكل حوالات اما لعمان او دبي ، حيث هناك شركات حوالاتها تصل في اليوم الواحد الى مليون أو مليون ونصف دولار و نحن نستلم عملة عراقية في بغداد و نسلم دولارات في الاردن مثلاً
أما مدير شركة عين للصيرفة عمار ماجد قال : ان اكثر الحوالات للصين بحكم الاستيراد الكبير من هناك و من ثم من عمان و تأتي دبي بالمرحلة الثالثة .
د. محمد صالح القريشي الخبير في قضايا التنمية قال : حالياً الدينار العراقي يدعم بارصدة من العملة الصعبة في البنك المركزي ، و خروج العملة الصعبة من العراق تقلل من فرص الاستثمار لأغراض التنمية و ان خسارة العملة الصعبة ينعكس سلباً على الاقتصاد الوطني .
فارق السعر
هناك فارق لافت للنظر في اسعار الدولار تحديداً بين السعر الذي يباع في المزاد اليومي للبنك المركزي و بين شركات الصيرفة ، وقال مدير شركة الربيع للصيرفة سالم مهند : انا لا اشتري العملة من المزاد اليومي للبنك المركزي فهناك شركات معينة تدعى بشركات التحويل المالي و هي تقريباً عشر شركات مجازة ورأس مالها يقدر بعشرات الملايين من الدولارات نشتري منها .
المدير المفوض لشركة الطيف للتحويل المالي قال : ان السبب في ارتفاع اسعار العملات في شركات الصيرفة هو ان المصارف التي تشتري من البنك المركزي تضيف نصف نقطة لتبيع بـ 83,5 او 84 نقطة و نحن كشركة تحويل مالي لا نشتري مباشرة من البنك المركزي لكن نشتري من المصارف و نحملها نقطة او اثنتين و تصبح بـ 85 نقطة.
فائق ناصر حسن من رابطة المصارف العراقية الخاصة قال : ان المصارف لابد لها من هامش ربحي إضافة الى المخاطر المحدقة بعملية نقل الاموال من اجل شراء الدولارات في ظل المخاطر الامنية الامر الذي يجعل من مبالغ الحمايات ككلف اضافية إضافة الى ان البيع بالجملة ليس كالبيع بالمفرد، فالذي يشتري مئة دولار لا يهمه اذا كان السعر اكثر، لان الفرق سيكون قليلً لكن الذي يشتري عشرة الاف دولار على سبيل المثال سيكون الفارق مؤثراً وفي ذلك الحين سيبحث عن الارخص و كذلك شركات الصيرفة تخفض العمولة بحسب كمية الدولار المطلوبة .
و بخصوص عدم توجه المواطنين الى المصارف أوضح فائق : ينبغي ان يتجه المواطنون و التجار على حد سواء الى المصارف لانها أئمن في تبادل العملات و في الايداع و الان الدولة ستنشيء صندوقاً لضمان الودائع المصرفية بحيث عندما تضع مبلغاً في بنك يتكفل صندوق ضمان الودائع المصرفية بإعادة نقودك و هذه سياسة الاصلاح المصرفي التي يمضي بها البنك المركزي بالوقت الحاضر و ان حوالات الخارج ارخص من الداخل لان التحويل للخارج يكون الكترونياً.
الأكثر تداولاً
ثمة اعتبارات اقتصادية تترتب على تداول هذه العملة الاجنبية او تلك في اي الاسواق المحلية و توجد عملات اجنبية تلي الدولار في الترتيب من حيث التداول في السوق العراقي .
مدير شركة الفوز للصيرفة احمد عدنان قال : العملة الاكثر تداولاً من بعد الدولار هي اليورو بفعل القضايا الاستيرادية و الحوالات و تلي اليورو عملات البلدان التي يسافر إليها العراقيون.
اما مدير شركة السلام للصيرفة عمر جودة فقال : الذي يأتي ويعمل حوالة لاحدى الدول الأوروبية باليورو يكون الاستلام بالدولار او الدينار و التسليم باليورو فحتى حينما نستلم دولاراً اعادله باليورو حسب سعر الصرف في تلك الدولة الأوروبية التي يريد منها المبلغ .
بينما قال مدير شركة اليوم للصيرفة مصطفى سلام : ان عمل شراكات الصيرفة سيما الحوالات تضائلت بالسنوات الاخيرة فمثلاً قبل 2003 كنا نعمل حتى الحادية عشرة ليلاً اما الان إلى الثالثة ظهراً .
غسيل أموال
العديد ممن يزاول اعمال الصيرفة و الحوالات يعمل من دون ترخيص من البنك المركزي العراقي و هذا حال اكثر المحال المتواجدة حالياً في الاسواق المهة و حتى في الاحياء ، ناهيك عن منظر الطاولة و الكرسي على الرصيف و القطعة الورقية التي كتب عليها بالقلم العريض ( صيرفة ) فحوالات بلا اجازة تعني ان لا كشوفات حساب و لا اوراق و لا من اين لك هذا مما يضع العديد من الاستفهامات على عمل تلك الشركات؟ فقد اتهمها العديد من المواطنين الذين تحدثوا لنا بالاسواق كالمواطن امجد عبد الله (48 عاماً ) الذي قال: ان البعض من هذه الشركات تزاول غسيل الاموال و طالما هي غير خاضعة للرقابة فليس من البعيد ان يكون البعض منها متورطاً مع الارهاب فيما قال ( م-ن) صاحب شركة ( ــــــــ ) : انا اعمل من دون اجازة و لدي اسباب و ليس من حق احد ان يتحدث بالاعلام و يتهمني او زملائي بتهم باطلة فنحن لا يمكن ان نرتكب اموراً خطيرة كغسيل اموال فكل ما في المسألة هو اننا نعرف ان الحصول على اجازة مسألة معقدة تتضمن اجراءات طويلة و روتيناً مزعجاً ، فيما قال (ع-ح) صاحب شركة ( ــــــــ ) : ان السبب في عدم مراجعتي البنك المركزي للحصول على اجازة هو ان الكثير من زبائني لا يرغبون بتقديم كشوفات للحوالات .
و قد طالب العديد من المراقبين البنك المركزي و مجالس المحافظات في وقت سابق بأتخاذ اجراءات لايقاف ظاهرة المصارف غير المرخصة ، و قرر مجلس محافظة البصرة في الشهر المنصرم منع شركات الصيرفة التي لاتحمل إجازة ممارسة مهنة من العمل لحين ملء الاستمارة التي تجيز لممارسة مهنة الصيرفة بحسب مصدر مسؤول في مجلس المحافظة بعد ان عقد مجلس المحافظة اجتماعا طارئا مع مدراء شركات الصيرفة في المحافظة، وشدد على ضرورة الالتزام بهذه الضوابط وتنظيم عمل شركات الصيرفة في المحافظة.و ذكر المجلس في حينه ان الاجراء جاء في سياق تفعيل النظام وتنظيم عملية السوق المحلية في المدينة من خلال الالتزام بالكتاب الصادر من البنك المركزي العراقي لفرع البصرة بمنع شركات الصيرفة غير المرخصة .
التدقيق و الرقابة
وليد عيدي عبد النبي تحدث لـ ( المدى الاقتصادي ) كخبير اقتصادي قائلاً : البنك المركزي ابلغ شركات الصيرفة ان نشاط عملها محلي بحت و ان يكون رأس مالها 50 مليون دينار بعد ان كان 25 و اردنا تشجيع الشباب اجزنا الشراكة بين اثنين و شددنا على الاجازات لان القدرة الاستيعابية للاقتصاد العراقي لا تسمح بالاعداد الكبيرة و الان نحن نلاحق الشركات غير المجازة ، و بخصوص مسار حولات العملة الصعبة المتجهة نحو الخارج قال عيدي: الاقتصاد العراقي الان مفتوح من حيث الرقابة التحكمية و في السابق كانت لنا شركة تحاسب على عملية الحوالات اما الان فالاقتصاد انفتح و يسمح للمواطن ان يأخذ عشرة الاف دولار للحفاظ على كرامته ناهيك عن الطلاب و المعالجة الطبية و السياحة الدينية و هذه المسائل يجب ان تقنن حتى لا تستخدم هذه الشركات في غسيل الاموال او ما شابه ذلك خلافاً لتعليمات البنك المركزي سيما اذا كانت غير مجازة فالفاعل يكون مهرباً و الان نحن ننسق مع السلطات الامنية و الجهات العليا من اجل ايجاد آلية مناسبة لعمل هذه الشركات .
و قال مستشار البنك المركزي العراقي الدكتور مظهر محمد صالح: أن شركات الصيرفة في العراق، لا تعمل إلا بترخيص من البنك المركزي العراقي ومنها شركات لديها حسابات خاضعة للرقابة والتفتيش والتدقيق الميداني بين فترة وأخرى.
ويبلغ عدد هذه الشركات في الوقت الحالي زهاء 370 شركة، ويصل رأسمالها إلى 600 مليون دولار، ويحق لها فتح فروع في كل محافظات العراق، وتعمل وفق ضوابط البنك المركزي العراقي.
خارج السيطرة
ويشير مظهر محمد صالح مستشار البنك المركزي العراقي إلى أنه منذ عام 2003 حتى الوقت الحاضر ظهرت مكاتب تتعامل بالعملة الأجنبية والمحلية خارج نطاق البنك االمركزي في كل محافظات ومناطق العراق.
ويقول صالح: "نحن نتجه لإنشاء هيئة تكافح الجريمة الاقتصادية، ومن ضمنها النشاطات المالية للمكاتب غير المرخصة". مشيرا إلى أن هناك تعاملات مالية في هذه المكاتب غير المرخصة، تجرى لتمويل (الإرهاب) وأخرى تتعلق بقضايا فساد مالي وإداري.
من جهته يرى الخبير المالي العراقي الدكتور محمد كافل حسين أن شركات الصيرفة تحتاج إلى سيطرة أكبر من قبل البنك المركزي، حيث يتولى البنك المركزي الرقابة والإشراف على البنوك والمصارف الأهلية والحكومية، من دون أن تكون هناك مراقبة وإشراف على شركات الصيرفة.
رأي تحليلي
الخبير الاقتصادي ابو طالب الهاشمي قال : قبل كل شيء ينبغي التمييز بين شركات الصيرفة و شركات التحويل المالي المساهمة ، خاضعة للحصول على اجازة من البنك المركزي العراقي و اعمالها و نشاطاتها خاضعة للرقابة و التفتيش من البنك المركزي العراقي و التحويل المالي وشركات الصيرفة المجازة تخضع للرقابة و التفتيش و لكن واجباتهم تختلف بعكس ما يصور الناس و شركات التحويل المالي المساهمة هي شركات متخصصة بالتحويل بالتنسيق مع المصارف اما شركات الصيرفة فواجباتها و اهدافها الرئيسة المقررة من قبل البنك المركزي خاصة بالتحويلات المالية و التعامل بالنقد الاجنبي داخل العراق ، و بعض الناس يحولون عن طريقها بالرغم من انها لا تمتلك صلاحية للتحويل و انما متخصصة بالتداول بالعملة المحلية داخل العراق و يجب اذا ارادت ان تتخذ اية اعمال او وظائف جديدة ان تستحصل موافقة البنك المركزي بشكل تحريري، وبالنسبة للتحويل الخارجي توجد ثلاثة خطوط هي المصارف ، شركات التحويل ، الصيرفة.
و هنا من المهم الاشارة إلى ان الحصول على الدولار مسألة محصورة بالبنك المركزي و غرفة عمليات مزايدة العملة الصعبة ، المصارف عن طريق زبائنها بشكل مباشر من ذوي الفعاليات الاقتصادية و كذلك شركات التحويل المالي ايضاً تسجل لدى المصارف عمليات التحويل المطلوبة و بعد تأمين العملة المحلية و المصارف بدورها تدخل المزاد الرسمي و توفر اتجاهين من العملة الاجنبية الاتجاه الاول للتصريف الداخلي لتسيير اعمال الناس و الاتجاه الثاني شراء العملة لاغراض التحويل التجاري لتسديد فواتير السلع و الخدمات الموردة من الخارج اي يجب توفير وثائق رسمية يعترف بها البنك المركزي لاثبات ان التحويل الخارجي لتغطية الخدمات و السلع الموردة الى العراق و هناك شروط تفصيلية و ضعها البنك المركزي لهذه العملية مثلاً بأنه بالمصارف يجب ان يوجد كشف يسمى مراقبة غسيل الاموال حسب قانون غسيل الاموال يجب على المصارف ان تقدم كشفاً بالمبالغ التي زادت على عشرة الاف دولار فكل عشرة الاف دولار يجب ان يقدم للبنك المركزي الاسماء و الطريقة التي تم بها التعامل مع هذه المبالغ و هذه الخطوط الثلاثة توجد لها مخالفات عندما يلجأ المواطن لتحويل المبالغ عن طريق شركات الصيرفة المحلية و هذا تكتنفه مخاطر عدة اضافة لمخالفتها الطريق الرسمي المعتمد من قبل البنك المركزي العراقي و الزبون من حقه ان لا يذهب للصيرفة ولا للتحويل المالي، بل يذهب بشكل مباشر للمصرف وهذا هو الاجراء السليم ، و السبب في عدم اللجوء للمصارف هو التهرب من اعطاء معلومات حول طريقة الحصول على الاموال او المحل الذي ستصرف فيه و هذا بسبب تراكمات سابقة فالبعض يعتقد ان عملية التحويل المباشر معقدة و تتضمن روتيناً لكن بالواقع العملية تتم خلال 48 ساعة و لكن عندما يكون المبلغ اكثر من عشرة الاف دولار يجب ان يقدم أوراقاً نظيفة و قوائم تجارية للمصارف لكي تعرضها للبنك المركزي عند التفتيش وحتى في المطارات لا يجوز للفرد المسافر ان يحمل اكثر من عشرة الاف دولار و يسأل بالمطار وإلا يعد تهريباً لذلك بعض المواطنين لا يصل إلى شركات التحويل المالي او المصارف و يعتمد احد الصرافين في الاكشاك و يحول بشكل مباشر مع العلم ان مكاتب الصيرفة المجازة غير معفاة من تقديم المعلومات.