كلاريتا بيتاتشي .. عشيقة موسوليني!

كلاريتا بيتاتشي .. عشيقة موسوليني!

".. وكان"موسوليني مقيما في كوخ على سفح تل مع عشيقته كلاريتاتشي التي تبلغ من العمر خمسة وعشرين ربيعاً.. وعندما تقدم الضباط الاحرار اليه، ظن انهم قادمون لانقاذه، فغمرته السعادة بفيضها، وراح يطوق عشيقته بذراعيه في غبطة وجنون، فلما ادرك انهم قادمون لأسره ومحاكمته اشتد به الصياح والفزع وارتجف مذعورا. وبعد دقائق نفذ حكم الاعدام في موسوليني وعشيقته رميا بالرصاص".

هذا ما ذكرته برقيات الصحف منذ ايام، فمن هي هذه الفتاة التي عشقها الديكتاتور الايطالي، والتي اخلصت له الحب والهوى، فعاشت الى جواره منذ ان رآها حتى لقيت مصرعها ساعة ان ارسل انفاسه الاخيرة؟؟
مقابلة
في صباح يوم من ايام الصيف كانت فتاتان في نضرة الصبا وفتنة الشباب، تتجولان في غابة كاسنتل فوزافو، وقد تجردتا من الثياب إلا من"مايوه"انيق لا يستر من قوامهما الا ما يزيده فتنه ورشاقة.. وخرجت الفتاتان من الغابة الى الطريق العام، تنتظران مرور سيارة قد يرضى سائقها ان يقلهما الى بلدتهما المجاورة.
ولاحت في الافق بعد لحظة نقطة حمراء تقترب بسرعة عظيمة، وما هي إلا ثوان حتى تبينت الفتاتان انها سيارة سباق تنهب الطريق نهباً، فاعترضتا طريقها وراحتا تلوحان بالايدي والاذرع ليقف السائق عن متابعة سيره.
وكان السائق عند حسن ظن الفتاتين، فوقف بسيارته على بعد خطوة منهما.. وسرعان ما غاض الدم من وجهيهما وعقلت الروعة لسانيهما فلم تتبسما بحرف.
ذلك ان سائق تلك السيارة الحمراء، لم يكن الا الدوتشي نفسه!
ولكن الدوتشي الذي طالما روع صوته الرجال واجفلت الاتباع من هيئته الرهيبة، كان على الدوام كالحمل الوديع امام النساء. فهو خجول امام المرأة، دون ان يدري ان هذا الخجل العجيب اكبر عامل يجتذب المراة حتى تسلمه امرها راضية طائعة.
ولم يكن ذلك الحياء من المرأة ليمنع موسوليني من ان يكون مغرما بالنساء، فما كاد نظره يقع على الفتاتين حتى تبين فيهما الحسن والصحة والشباب، وهي صفات طالما استهوت نفس الديكتاتور القروي الجاف!
دعا موسوليني الفتاتين لمشاركته السباحة، وقادهما الى حمامه الخاص على الشاطئ، وبين امواج البحر فارق الدوتشي حياءه، فراح يداعب الفتاتين ويضاحكهما. ولم يعد بهما الى المدينة إلا وقد واعدهما على اللقاء في صبيحة اليوم التالي.
غرام الدوتشي
كانت الفتاتان كريمتي طبيب غير معروف يدعى بيتاتشي، وكانت احداهما كلاريتا منذ عهد قريب زوجة لطيار معروف – احد الطيارين الطليان الذين شاركوا الماريشال بالبو في رحتله غير الاطلانطي – ولكن زوجها الطيار لم يكن من الازواج الصالحين فهجرها وعادت الفتاة لتعيش في منزل والدها.
تلك هي الفتاة التي اسرت قلب موسوليني فعرف بين ذراعيها الحب والهوى.
وراح الديكتاتور الشيخ يعيش مع الفتاة الناشئة، عيشة العشاق المدلهين.. فاقام لها في احد الشوارع الانيقة بضاحية مونت ماريو فيللا باذخة المظهر فخمة الاثات، وتولى مهندسو وزارة الاشغال الايطالية بناءها على احدث واجمل طراز، ودفعت خزانة الدولة نفقات تشييدها وتأثيثها.
وجمعت هذه الفيللا كل ما تتوق اليه النفس من ترف ونعيم، ففيها بركة انيقة للسباحة طالما شهدت الديكتاتور وفتاته يسبحان، ويتداعبان، وقد غدا الدوتشي القاسي المتجهم العنيف، شابا مرحا لاهيا وديعا..
وكان في هذه الفيللا تليفون يتصل مباشرة بتليفون آخر على مكتب موسوليني في قصر فينيسيا، فاذا حدث ان مرت الساعة التي تعده الفتاة بان تحدثه فيها، غدا الديكتاتور في موجة من الضيق والتذمر، يذرع مكتبه الفسيح ذهابا وجيئة، ينفخ دخان سيجارته في سأم وملل، ويصيح ويصرخ في وجه كل من يراه.
وكان في روما كثيرون على بينة من سر الدوتشي هذا، بل منهم من يروى ان زوجته الدونا راشيل فاجأته في مشتاه حيث كان يقيم مع عشيقته، ويقولون ان زوجته قالت له:
- ماذا جرى لك ايها الرجل؟ لقد عشت طول حياتك كارها للنساء. وعندما توليت حكم ايطاليا ذهبت الى روما وتركتني في ميلانو اربع سنوات.. بحجة ان مهام الدولة لاتترك لك وقتا لتقضيه مع زوجتك فماذا حدث الان فصرت تجد الايام والليالي الطوال لتقضيها مع هذه الفتاة!
ولكن موسوليني لم يعبأ بشيء من هذا، وظل سادرا في متعته وهواه، فليس اقوى من غرام رجل في الثامنة والخمسين لفتاة في الرابعة والعشرين، اونيت كل ما تتمناه المرأة من جمال وشباب.
ملحقات الغرام
ولهذا الغرام حواش وملحقات على جانب من الفكاهة..
ما ان غدت كلاريتا عشيقة الدوتشي حتى اصيب والدها الطبيب المجهول بنوبة من الطموح جعلته يبغي ان يصبح من الكتاب عن الصحة العامة.
ولقد حقق موسوليني لوالد عشيقته هذه الامنية، فكانت جريدة"الميساجيرو"تنشر للدكتور بيتاتشي مقالاته وتدفع له اجرا لم تعرفه الصحافة الايطالية بعد، ولكن تلك المقالات كانت اضحوكة رجال الطب في روما لما كانت تحويه من نصائح طبية تدل على جهل صاحبها وقلة اطلاعه وانتقل الدكتور بيتاتشي من الكتابة الى الصحة العامة الى الموضوعات الاكاديمية ولكن رجال الطب عرفوا انه ينقل عن نحوت غيره من اساطين الطب.
واخيرا طمع الدكتور في ان يكون عضوا بمجلس الشيوخ الايطالي. وقد يتحقق هذا الامل كذلك، ولا عجب فقد سبق ان جعل كاليجولا من حصانه عضوا بمجلس الشيوخ!.

الاثنين والدنيا /
أيــار- 1945