مارلين ديتريش.. ملاك السينما

مارلين ديتريش.. ملاك السينما

ممثلة هي مزيج من الأسطورة والواقع.. جمعت بين أكثر من موهبة فنية، مسرح وسينما وفن الرقص.. كثيراً ما أثير حولها من الأقاويل والأحكام الجاهزة.. لكنها كانت ترى نفسها أنها امرأة عادية، ولكن الفن وموهبتها فيه جعلها محط أنظار وسطها في أكثر من بلد.. ألمانية الأصل.. ابنة جنرال كان قائداً في سلاح الفرسان.. قتل في الحرب العالمية الأولى..

وتولت أمها تربيتها، وكانت في وقت مبكر من حياتها قد أظهرت ميلاً الى الفن ولاسيما التمثيل والرقص، ولكنها لم تعرف أنها ستصبح ذات يوم أسطورة السينما والتمثيل وقيل «نموذجاً للفتنة» في السينما... هذه الفنانة هي مارلين ديتريش.
مارلين ديتريش التي هربت من بلدها ألمانيا في أعقاب الحرب العالمية الأولى وظهور النازية.. هربت الى فرنسا لتصبح بلدها الثاني والأول كما كانت ترى.. بدأت مشوارها الفني في مجال التمثيل بداية هاوية ولم يكن ليحالفها النجاح حتى ثلاثينيات القرن العشرين حيث اكتشفها المخرج «جوزيف فون ستيرنبرغ» حيث منحها دوراً في الفيلم العالمي المشهور «الملاك الأزرق"حيث مثلت دور «لولا» المغنية المغرية.. هذا الفيلم الذي نقلته السينما العالمية عشرات المرات.. كان محطتها الأولى نحو الشهرة والنجومية. ‏
وكان تبني المخرج «ستيرنبرغ"لها قد أخرج كل موهبتها الى العلن وعرفت قمة النجاح مع توالي الأفلام التي شاركت في بطولتها، وكان وجودها في أي فيلم مبعث نجاح له، ومن أشهر الأفلام التي اشتهرت لها مع هذا المخرج فيلم «مراكش» عام 1930 العام الذي شهد انطلاقتها وفيلم «الموصومة"و«قطار شنغهاي"و«فينوس الشقراء"وفيلم «الامبراطورة القرمزية"الذي تحدّث عن حياة الامبراطورة الروسية «كاترين» وفيلم «الشيطان امرأة».. كل هذه الأفلام التي عرفت شهرة عالمية جعلت «مارلين» تعيش حياة المجد والشهرة والرفاهية.. وجعلتها محط أنظار الفنانين والمخرجين. ‏
لم تكن هموم السياسة ومصائب الحروب ونتائجها بعيدة عن حياة هذه الفنانة العالمية التي هربت من النازية.. وما إن عرفت الشهرة حتى دعاها «هتلر"بنفسه الى العودة الى ألمانيا والمشاركة في الحياة الفنية الألمانية.. لكنها رفضت.. وفي مرحلة لاحقة من حياتها ستهاجر الى «أمريكا» وتدخل باب الشهرة من أوسعها، وكانت «هوليوود» الباب الذي طرقته ففتح لها لتكون أول ممثلة أوروبية ـ كما قيل ـ تطرق باب هوليوود بقوة وربما «تغزوها» وقد تعرفت على كبار الفنانين والمخرجين والكتّاب فعرفت «همنغواي"الذي قال عنها: «إنها شجاعة، جميلة، مخلصة، سخية، ولا يمل قربها أحد.. مفهومها للحياة مختلط بين السخرية والمأساة، ويتداخل الصدق في كل هذا..."وتعرفت أيضاً على «أندريه مالرو"و«جان كوكتو"الذي قال فيها: «إن صفات قلبها الكبير تفوق صفاتها الخارقة في التمثيل». ‏
«مارلين ديتريش» الفنانة التي كانت أحد وجوه «القرن العشرين» في السينما العالمية الى جانب عدد من كبار فنانيها مثل «أليزابيت تايلر"و«غريتا غاربو..»و وغيرهما وقد كتبت حياتها في مذكراتها التي أثارت أيضاً جدلاً واسعاً في الأوساط الفنية بين مصدق ومشكك.. لكنها كما غيرها في هذا الوسط الذي لا يعرف إلا الفنان وقت قوته.. عاشت أواخر حياتها في عزلة تامة في باريس"البلد الذي احتضنها، وقد منحها «ديغول» وساماً فرنسياً هاماً تقديراً لمكانتها وفنها الذي لايزال حتى الآن يشغل الفن العالمي السينمائي مثل مهرجان «كان"العالمي الذي غالباً ما يتذكرها تقديراً لموهبتها وتذكيراً بفنانة أعطت كل حياتها لهذا الفن.
ولدت ميري ماكادلينه ديتريش في 27 كانون الثاني 1901، في شونيبيرغ ، ألمانيا، للويس إيريك أوتو ديتريك وإليزابيث جوسيفينه ني فيلسينك. تلقت التعليم في برلين وديساو من 1907 إلى 1919. في عام 1922 قامت بعروضها الأولية في مسارح برلين، من بينها"بيت التمثيل الكبير برلين"للمخرج ماكس راينهاردت. وبعد ذلك قامت بأدوار ثانوية في بعض الأفلام. في 17 ايار 1923 تزوجت من رودولف سيبير (1897 - 1976)، وفي العام التالي رزقت بابنة ماريا إليزابيث.
في عام 1929 قامت بأول دور رئيسي لها في فيلم ، أي"المرأة التي تحن للشخص"وفي العام ذاته حضرت لفيلم آخر هو أي"الملاك الأزرق"، الذي عرض لأول مرة في 1 نيسان 1930 في برلين. وبعد يوم غادرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية لمواصلة سيرتها الفنية. عرض أول فيلم لها في الولايات المتحدة في 14 تشرين الثاني 1930 وهو"Morocco". مثلت في عدة أفلام بعد ذلك وحصلت على الجنسية الأمريكية في 6 اذار 1937. بين عامي 1944 و 1945 أخذت تتنقل بين شمال أفريقيا وأوروبا للغناء. في عام 1950 حصلت على وسام الشرف من الحكومة الفرنسية. بين عامي 1953 و 1954 واصلت عروضها في لاس فيجاس ولندن. في عام 1960 أصدرت كتاب"Dietrich's ABC". قامت بآخر عروضها الموسيقية في عام 1974. وصورت آخر أفلاهما عام 1975 وهو"A Gigolo".
في عام 1979 أصدرت سيرة ذاتية باسم""حياتي فقط". كما صدر عنها فيلم وثائقي اسمه"مارلين عام 1984 بواسطة ماكسيميليان شيل. في 6 مايو 1992 توفيت مارلينه ديتريك في باريس أثناء نومها، ودفنت في برلين بعد عشرة أيام جوار والدتها.