معلمة ورئيسية جمهورية المسز روزفلت تشتغل بالتدريس

معلمة ورئيسية جمهورية المسز روزفلت تشتغل بالتدريس

لعل قليلا من القراء يعرفون ان المسز روزفلت قرينة الرئيس الجديد للجمهورية الامريكية تشتغل بالتدريس وانها صرحت بعزمها على البقاء مدرسة، او على الاقل متصلة بالمدرسة التي تعلم فيها حتى بعد ان تحتل هي وزوجها (البيت الابيض) مقر رياسة الجمهورية، وتضطلع بالواجبات الاجتماعية الكثيرة التي تفرض عليها بصفتها (اول سيدة في الدولة)

ولقد كانت المسز هوفر والمسز كوليدج قرينتا الرئيسين السابقين هما معلمتان كذلك ولكنهما اشتغلتا بالتدريس في شبابهما ولما اصبح زوج كل منهما رئيسا للجمهورية كانت قد تركت مهنة التدريس منذ زمن بعيد. اما المسز زورفلت فتختلف عنهما في عزمها على الاشتغال بالتدريس حتى بعد ان تحتل مركزها الجديد.

كيف اشتغلت بالتدريس
ولم تكن الرئيسة العنيدة قد اعدت نفسها لكي تكون معلمة ولا اشتغلت بالتدريس في ماضي حياتها ولكنها اقبلت عليه بداعي صداقتها لاحدى السيدات، وما لبثت ان وجدت التدريس مهنة شائقة ووسيلة مجدية لاداء اجل الخدمات لامتها ولبنات جنسها على الخصوص، اما تفضيل ذلك فهو ان سيدة انجليزية، تدعى المسز (نوذهنتر) كانت قد انشات في نيويورك مدرسة خصوصية للبنات تعدهن اعدادا كافيا للحياة العملية وتلقنهن مبادئ الثقافة اللازمة لكل فتاة عصرية، وقد نجحت هذه المدرسة وسارت قدما في سبيلها ثم طرا على صاحبتها مادعاها الى بيعها فعرضتها على سيدة امريكية من صديقات المسز روزفلت، وتدعى المسز ماريون ديكرمان، وكانت هذه تشتغل بالتدريس منذ زمن ولكنها قبل ان تشتري المدرسة رأت ان تستشير المسز روزفلت وقرينها فشجعاها على مشروعها ووعداها بالمعونة. وقد وفيا بالوعد حقا فصارت المسز روزفلت تشتغل بالتدريس في تلك المدرسة اشتراكا فعليا، وصار المستر روزفلت يرأس حفلات توزيع الجوائز ويمد المدرسة بانواع المساعدة خصوصا وقد اصبح حاكما للولاية.
طريقتها في التدريس
وفي الحق ان المسز روزفلت فد فتحت فتحا جديداً في عام التدريس، حتى يصح ان يقتدى المدرسون والمدرسات بها وتنتشر طريقتها النافعة. فقد جمعت فيها بين طرق التدريس القديمة والحديثة وصرحت على ان تثير اهتمام التلميذات بكل موضوع تدرسه ولا تهتم بالكتب ومطالعتها وحفظها بعض اهتمامها بالمشاهدة والتجربة. ولما كانت قد تولت تدريس فرعين اساسيين في تلك المدرسة وهما (التاريخ الحديث) و(الحوادث الجارية)، فانها تذهب احيانا بتلميذاتها الى المتاحف والمعاهد ودواوين الحكومة والمنشآت المختلفة ليعرفن نظمها ويقفن على اغراضها واحيانا اخرى تدور المناقشة في الفصل او في حديثة المدرسة حول الحوادث العامة التي تشغل الاذهان، فاذا كانت هناك انتخابات مثلا ادلت كل فتاة برأيها في المرشحين واذا كان هناك مشروع قانون تناقش فيه، وهكذا.
اراؤها ومبادؤها
وقد كونت لنفسها آراء صائبة في التدريس، ومن ذلك قولها في تصريح لها لاحدى الصحف الامريكية:"ان اهم شيء يجب ان يراعى في تعليم النشيء هو تعويدهم على الشعور بالمسئولية فالطفل لا يصح مثلا ان يلتمس الخروج من المدرسة قبل الميعاد المقرر لكي يلعب او يغيب لغير عذر قهري بل يجب ان يشعر بان ذلك مخالف للاصول كما يشعر به الموظف بالحكومة او المستخدم في عمل تجاري، ولا شك انها هي نفسها اول من يقدر المسئولية حق قدرها ودليل ذلك انها لا يفوتها قط الحضور الى المدرسة في الايام والمواعيد المقررة لحصصها حتى في اثناء الحملة الانتخابية التي خاضت غمارها مع زوجها.
ومن المبادئ التي تغرسها ايضا في نفوس تلميذاتها مبدأ التعاون ولذا تراها لا تسمح بانتخاب فرقة خاصة من بين التلميذات للعب الكرة او غيرها بل تصر على ان يشترك جميع التلميذات في اللعب ولا يكن ثمة لاعبات من جهة ومتفرجات من جهة اخرى. وقد وصلت بفكرة التعاون الى حد التعاون مع اهالي التلميذات على تربيتهن وتعليمهن، ولذا تعقد في المدرسة اجتماعات دورية يحضرها الاباء والامهات.
وتراعي المسز روزفلت في تعليمها الرغبات والامال التي لكل تلميذة ولذا تسأل التلميذات عن المهنة التي يخترنها في الحياة وتعمل على اعدادهن للسير في طريقها.
وقد سالها احد الصحفيين لماذا لاتستقيل من وظيفتها التي تطوعت للقيام باعبائها كي تترك المجال لاستخدام معلمة محتاجة الى الكسب؟ فكان جوابها حاسما اذ قالت:
"اني اعتقد ان بقائي في هذه الوظيفة يهيء مجال العمل لعدة فتيات في المستقبل بينما تركي لها يحفل الرزق لامرأة واحدة".
ثم سألها عن رأيها في اشتغال النساء المتزوجات بالاعمار فقالت:"ان فكرة منع المرأة من العمل سواء كانت متزوجة او غير متزوجة هي فكرة خطرة فانه لا يقدر احد ان يقدر مدى احتياج امراة الى الكسب. اما عن مهنة التعليم خاصة فاني ارى ان المعلمة اذا كانت متزوجة وام اطفال كانت اقدر على التربية والتعليم من غيرها وان كنت لا اصل في ذلك الى ماذهب اليه برناردشو اذ نادى بان لا تشتغل بالتدريس غير المعلمات المتزوجات".

كل شيء والدنيا/
شــباط-1933